أحمد عبد العليم قاسم
ربما لا يتخيل أحد أن مصر الآن بها حوالي 50 كلية تدرس علوم الإعلام والسينما في مصر، بل ويخرج منها مئات مشاريع التخرج سنويا والتي تبدو كالاحترافية تماما، في الوقت الذي يفتح سوق الإعلام بابه على مصرعية لمن لديه أي مساحة شهرة سواء فنية أو رياضية أو حتى حققها من خلال السوشيال ميديا فيجد نفسه ذاهبا نحو مساحة إعلامية لا يمتلك مهارتها أو علمها.
ورغم ذلك أؤكد أن الإعلام موهبة يدعمها علم وتصقلها تجربة وخبرة وتستمر وتتقدم بالاجتهاد والسعي للفوز في المنافسة المهنية وحتى لو اتفقنا على أن الموهبه رقم 1 لكن تظل الموهبة ناقصة بلا علم، لذا فخريج كلية الإعلام الموهوب الذي حصل على خبرة مشروع تخرجه، هو مشروع إعلامي ناجح بكل المقاييس فقط يستحق فرصة فإذا أحسن استثمارها كانت تلك نبتة في مستقبل واعد لأحد قادة الرأي في مجتمعنا المتشوق لكل موهوب مثقف واع.
أسعد كثيرا عندما تأتيني الفرصة لمتابعة إبداعات مشاريع تخرج طلبة الإعلام سواء في مرحلة الصنع تارة أو بالمشاركة في التحكيم تارة أخرى، أو حتى لو تابعتها بإلحاح من الشباب للحصول على رأيي الخاص الذي تكون من خلفية أكاديمية وخبرة عملية تجاوزت ربع قرن من الزمان.
في كلية الإعلام جامعة القاهرة حدث جلل وهو اليوبيل الذهبي لإنشاؤها أي 50 عاما من تدريس علوم الإعلام والتي تطورت من دورين أعلى كلية سياسة واقتصاد لصرح رائد في الوطن العربي، يضم ستوديو من إهداء سكاي نيوز باسم الرائدة د. جيهان رشتي، ووصولا لانفرادها بالتعاقد مع شركة دافنشي لتصحيح الألوان لتدريب طلبتها في اتفاقية مبهرة أبرمتها د. هويدا مصطفي بالتعاون مع متخصصة تدريس المونتاج د. مروة صالح في عام أبدع فيه الطلبة أفلاما مميزة مثل 20/80 كفكرة فلسفية وبروحين عن الأب السنجل وجيم مربوطة عن سيوة وابن موت عن منقذ البحر ومستقر وغيرها.
وفي كلية آداب عين شمس تحول جديد، أصبحت تحمل اسم كلية الإعلام الرقمي ونتمنى أن تكون اسما على مسمى بتغيير شكل الدراسة والتركيز على الجانب الرقمي أكاديميا وعمليا في مشاريع التخرج، وكم كنت سعيدا بعمل فيلما وثائقيا عام 2017 عن الجامعة العريقة يحمل اسمها الفرعوني (جامعة أون)، حقق جائزة الجمهور من مهرجان يوسف شاهين ويرتبط اسم الكلية معي بأساتذنها الكبار الرائدة د. سوزان القليني والدؤوبة جدا د. هبه شاهين وأخيرا د. دينا فاروق أبو زيد، وتربطني علاقة جميلة مع عشرات الخريجين شاهدت لهم عشرات الأفلام المميزة السنوات السابقة، أتذكر منهم فيلم مصر بعيونهم.
وفي إعلام بني سويف ذاكرتي تحتفظ بأفلام منذ أعوام منها (توشريت) الذي حصد عشرات الجوائز محليا وعربيا، و(الطريق إلى رام الله) شاركت فيه النجمة لبنى ونس متطوعة بحب، وفيلم (مرة واحد) شارك فيه النجم محمد هنيدي بكل الحب، وفيلم (صبار) الذي شارك فيه النجم محمد عبد الجواد وغيرها.
وتنفرد جامعة MSA بكونها تشترط أعمالا فردية ومميزة لي شخصيا بعميدتها د. أماني فهمي أستاذتنا الكبيرة والتي تشرفت برئاستها لجنة مناقشة رسالة الماجستير الخاصة بي مع مشرفتي د. منى مجدي ومشاركة د. هشام جمال نائب رئيس أكاديمية الفنون عن تريلر الفيلم السينمائي. في هذه الكلية يصنع الطالب فيلما بمفرده يظل يبحث ويتقصى ويقدم بحثا عن فكرة فترة ثم تأتي مرحلة تنفيذها إلى صورة أعجبني منهم (من الأبره إلى الصاروخ) تتناول طالبة ذات 20 عاما تاريخ عمر أفندي بعراقته واستمراره، وفيلم (الأقوى) الذي يتحدث عن أفضل لعبة جماعية مصرية حققت نجاحات عالمية حقيقية وهي كرة اليد، وفيلم (مافيولا) عن المونتاج و(مدينة المستقبل) عن العاصمة الإدارية الجديدة، (الذكية) و(نول الأحلام) عن الحرانية ودراما (النظارة) احترافي فلسقي مميز وغيرهم.
في الجامعة الكندية شاهدت منذ فترة مشاريع جماعية مبهرة وفوجئت أنه في مرتين متتاليتين شاهدت لنفس المجموعة الفيلم الفائز بالمركز الأول، لا أتذكر اسمه لكنني أتذكر أنه كان يدعم فكرة العمل الجماعي والمشاريع الناشئة وهو خروج من الصندوق بفكر بدأته د. ماجي الحلواني وتكمله الآن د. آمال الغزاوي.
في الجامعة الحديثة تتميز بوجود داخلها قناة تليفزيونية كاملة كانت على الفضائيات منذ فترة، وهي مودرن سبورت وهو ما يعني تجربة عملية غنية للطلبة تحت قيادة د. سامي لشريف.
في أكاديمية الشروق شاهدث مشاريع مميزة منذ سنوات بصحبة أستاذ هشام سليمان المنتج الكبير، ورفيق المشوار د. خالد الأتربي في وجود د. سهير صالح التي تحرص دوما على صقل الطلبة بخبرات آباء المهنة.
لم أذهب لجامعة الجلالة لكنني كنت في زيارة عابرة لقناة صدى البلد للقاء أحد اصدقائي وتصادف وجودي مع تدريب طلبة إعلام الجلالة بالقناة، وما أن تساءلت منهم عن رأيهم في الجامعة الجديدة إلا ووجدت طاقة حماس رهيبة تتفجر حبا وعشقا للكلية التي تعيش عامها الثاني، ويتيهون عشقا بأساتذتهم وعلى رأسهم د. دينا العرابي وغيرها، وهو حب مهم جدا يمنح طاقة كبرى يشبه تلك المحبة التي أكنها لقناة النيل الدولية والتي تفجر حبي لها عام 1993 ولا زال.
الحديث عن كليات إعلام لا ينتهي فلدينا إعلام الجامعة الأمريكية وأدهم سنتر وإعلام الجامعة البريطانية والألمانية والفرنسية، فضلا عن جامعات أكتوبر ومنهم أخبار اليوم والأهرام الكندية والعلوم والثقافة، وعلى الجانب الآخر نجد جامعة المستقبل وكليات اللغة والإعلام بالأكاديمية البحرية وكليات التربية النوعية قسم الإعلام التربوي ومعهد الجزيرة للإعلام وجامعة النهضة وفاروس وجامعة بدر التي تدرس علوم السينما والمسرح أيضا منافس قوي لمعهد السينما ومعهد الفنون المسرحية، فضلا عن إعلام المحافظات في بنها والمنوفية والإسكندرية وغيرهم.
وكما تنتهي المؤتمرات بالتوصيات أنهي بهذه التوصية لماذا تقتصر مشاريع تخرج طلبة الإعلام على أفلام تسجيلية وأحيانا روائية قصيرة ولا نجد برنامج مسابقات أو توك شو أو فيديو كليب مثلا؟ أعلم أن هناك تدريبات على التقارير والفيتشر وأحيانا برامج حوارية ونشرات لكن مشاريع التخرج يجب أن تكون أكثر تحررا وتميل للجانب البرامجي المنتمي للإعلام بقوة أكثر قليلا من الأفلام التي تقف بالتوازي بين الإعلام والسينما التي لم يدرسوا تفاصيلها بدقة بعد.
وأكرر أن الإعلام موهبة يدعمها علم وتصقلها تجربة وخبرة وتستمر وتتقدم بالاجتهاد والسعي للفوز في المنافسة المهنية وفق ميثاق شرف علمي نتمنى أن يطبق على الجميع، وقيام كل المؤسسات بدورها في تحقيق فرص شبابنا مثل نقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والصحافة ولجنة الإعلام بمجلس الشعب، فهذا هو الأمل في إعلام مهني حقيقي تنموي فعال.