كيف تطورت أدوات العمل الصحفي التكنولوجية من التسعينات إلى الآن
هدير عبد المنعم
كل مهنة تتطلب امتلاك صاحبها بعض المهارات والإمكانيات، بعضها بشري متعلق به، وبعضها مادي وتقني، وهي الأدوات التي تساعده في أداء مهنته، التكنولوجيا باختلاف درجة تقدمها أثرت على هذه الأدوات في مختلف المهن، ولكن الحديث هنا عن مهنة الصحافة، وأدواتها، حيث إن للصحفي أدوات، إما أن تساعده فتيسر عليه الكثير أو تعيقه فيصبح في ورطة.
وفي السطور التالية، تحدث إعلام دوت كوم مع صحفيين وصحفيات، ساعدهم الحظ في معايشة نهاية التكنولوجيا القديمة في التسعينات وبداية تطور التكنولوجيا الحديثة في بداية الألفية إلى الآن، ليرووا كيف كانت وأصبحت التكنولوجيا في أدوات التسجيل والكتابة وطرق الحصول على المعلومات والوصول للمصادر، وماذا فعلت التكنولوجيا بالعمل الصحفي.
الذاكرة، بدونها لن يستطع الصحفي نقل أي شىء سواء كان بسيطا أو معقدا وخطيرا، لذلك على الصحفي تسجيل المعلومات التي يحصل عليها من المصادر، وذلك عن طريق “التسجيل”، وللتسجيل عدة أشكال، قد يعتمد الصحفي على الورقة والقلم فيسجل حديث المصدر يدويا، أو أجهزة التسجيل الصوتية وهي أنواع عدة، ظهرت وتطورت بتطور التكنولوجيا، وكان نجمها الأول في التسعينات “الكاسيت”، اتضح أنه لم يكن يرتبط بألبومات نجوم الغناء فقط، بل هو أداة أساسية للصحفي، حيث قالت سهير عبد الحميد، مساعد رئيس تحرير الأهرام، إنه في بداية عملها في أوائل التسعينيات كانت تستخدم شرائط الكاسيت، ولكنها كانت مسألة أصعب بكثير من الوقت الحالي، فحاليا يمكن التسجيل عن طريق الهاتف المحمول بسهولة.
أوضحت أنه حاليا يمكن تسجيل عدد ساعات أكثر، على عكس شريط الكاسيت، له مدة محددة حوالي ساعة وساعة ونصف، مضيفة أن جهاز الكاسيت كان مزعجا
فيما ذكر الكاتب الصحفي جورج أنسي، أن أدوات التسجيل في التسعينات كانت متعلقة بالكاسيت، وهذا كان يسبب أزمة في عملية التفريغ لأن صوته لم يكن قوي، مما كان يضطره للإعادة أكثر من مرة، مضيفا أن هذه الوسائل كان بها نوع من العقم، “بالإضافة إلى أنه كان بحجارة قلم ودي كانت من المعوقات لو أنت مش عامل حسابك ممكن تفاجىء أن الحوار كله مش موجود ودي حصلت كتير”، مشيرا إلى أن حاليا الهاتف المحمول إمكانياته أعلى وفي نفس الوقت الصوت أكثر نقاء.
“في البداية كنا مش كلنا، كان الكويسين فينا، الأغنيا يعني، كان بيبقى معاهم الكاسيت الكبير وده كان 1٪ بس والباقي كان بيكتب ورا المصدر بالورقة والقلم“، هكذا قال الكاتب الصحفي حمدي عبد الرحيم، وتابع أنه بعد ذلك في منتصف التسعينات، بدأ يكون هناك كاسيت صغير له شريط، ولكنه لم يكن يستخدم لكل المصادر ولا يستعمله كل الصحفيين لأنه كان يوجد ثقة من الجورنال في الصحفي، أوضح أن الكاسيت كان يستخدم مع وزير أو في البنوك والأشياء التي بها أرقام، وكانوا 3 أو 4 كاسيت يستخدمهم الصحفيين بالتبادل في الجورنال.
أشار إلى أن هذا الكاسيت كان يابانيا وكان غالي الثمن بـ 1000 جنيها، مضيفا أن الصحفي الذي لا يملك المبلغ كان يأخذ سُلفة من الجريدة ويسددها لمدة عام حتى يستطيع شراءه، كما أن الشرائط كانت غالية الثمن، ومن الممكن أن تحدث مشكلة في الصوت، ذاكرا أن بعض الصحفيين كانوا يمسحون الحوارات من على الشريط بعد كتابتها حتى يتمكنوا من استخدام الشريط عدة مرات بسبب ارتفاع ثمنه، حيث إن سعر الشريط كان يصل إلى 3 أو 4 جنيها وهذا كان يعتبر مبلغا كبيرا.
أما عثمان فكري، مدرس الصحافة بإعلام القاهرة، قال إنه من الصعوبات التي كان الكاسيت سببا لها، هي مسألة تلف الأشرطة، الجهاز نفسه يحدث به عطل ولا يسجل، قائلا: “زمان حتى لو حد بيسجل حاجة من تليفزيون أو من جهاز تاني وحد تاني بيتكلم كانت بتطلع الأصوات دي في التسجيل”، أشار إلى أن بعد ذلك المسألة تطورت وأصبح الصوت يظهر بدون ضوضاء، مضيفا أن الآن الأجهزة أصبحت حديثة جدا ولديها القدرة على التسجيل في أماكن بعيدة حتى لو في مكان به ضوضاء، بعض الأجهزة بها عزل للضوضاء.
كما ذكر أن التطور التكنولوجي الحالي في أدوات التسجيل، له عيوب أيضا، مثل أنه من الممكن التسجيل لشخص دون أن يشعر، من خلال هاتف محمول أو أجهزة تسجيل أو سماعات صغيرة جدا، لافتا إلى أن التطور التكنولوجي جعل أدوات التسجيل تستخدم بطرق شرعية في العمل الإعلامي مثلا أو العمل الدرامي أو في أعمال غير قانونية مثل التسجيل لشخص بدون علمه وهذا عيب كبير، مؤكدا أن تسجيل الصحفي لمصدر بدون علمه غير قانوني ولا يعتد به في العمل الإعلامي، ولا بد من استئذان المصدر وموافقته على التسجيل.
الصحفي ما هو إلا محقق، يرى ويسمع معلومات كثيرة، ولكنه يركز في التحقق من ماهية تلك المعلومات، ليصل لحقيقتها وتفاصيلها، ولتحقيق هذا الهدف، عليه بالبحث والتقصي في مصادر معلومات موثوقة وثرية، أول ما يتبادر لذهن أي شخص عندما يقرأ كلمة “بحث” هو شريط البحث في واجهة الصديق العزيز، محرك البحث “جوجل”، نعم هذا الآن، ولكن قبل جوجل، ماذا كان يفعل الصحفي ليصل للمعلومات؟
قالت سهير عبد الحميد، إن طرق الحصول على المعلومات، حاليا أسهل بمراحل، ففي التسعينيات، كان لا بد من الذهاب إلى الأرشيف وكان من الممكن قضاء وقت طويل للحصول على المعلومة، مضيفة: “دلوقتي المسائل أسهل بكتير، لو عايزة معلومة سريعة مثلا عايزة اتأكد من تاريخ عايزة اتأكد من حدث بضغطة زر زي ما بيقال على جوجل، زمان كنا بنعاني في مسألة البحث على المعلومات في الأرشيف“، أشارت إلى أن السهولة في الوصول للمعلومات حاليا يعد أمرا إيجابيا، لأنها توفر وقت طويل.
أشار عثمان فكري إلى أنه في بداية التسعينات لم يكن يوجد إنترنت مثل الآن ليحصل الصحفي على المعلومات من خلاله، موضحا أن مصادر الحصول على المعلومات كانت هي الشخص الذي يملك المعلومة نفسه أو المكتبات العامة والأرشيف الصحفي في كل جريدة أو دار الكتب، الدراسات العلمية، أو حتى من خلال دفع بعض الأموال لبعض المصادر في أماكن حساسة حتى يتم تسريب بعض المعلومات مثل التحقيقات التي كان يتم تسريبها في بعض القضايا من النيابة، متابعا أنه حاليا المصدر الأهم والأكبر للحصول على المعلومات هي شبكة الإنترنت حتى أن بعض المعلومات التي تكون غير متاحة داخل دولة ممكن إيجادها على موقع خارج البلد مثل موقع صندوق النقد الدولي.
“المصدر ولا شىء غير المصدر، والأرشيف“، هكذا أكد حمدي عبد الرحيم، واستكمل أنهما كانا الطرق الوحيدة للوصول للمعلومات وخاصة أرشيف الأهرام أو دار الهلال ودار الكتب، موضحا أنه كان هناك صعوبة ولكن المعلومة كانت تثبت لدى الصحفي، كما كان يعرف بالإضافة إلى المعلومة الأساسية 5 معلومات في طريقه، لكنه من خلال “جوجل” يجد المعلومة بسهولة وشأن أي شىء “جوجل” سلاح ذو حدين، “هستخدمه أسرق معلومة من حد ولو اجيب معلومة أثري بيها الموضوع؟”.
فيما ذكر جورج أنسي أن الوضع الحالي مع التقدم التكنولوجي أصبح أفضل، لأن قبل هذا التقدم كان التعامل مع أرشيف ورقي أو مع معلومات أعدها الصحفي بنفسه تندرج تحت بند الأرشيف التقليدي، لكن حاليا من الممكن التعامل مع المعلومات عن طريق الإنترنت أو عن طريق مواقع المعلومات الخاصة بالجهة المقصودة وأيضا المطبوعات أصبح لها أرشيف إلكتروني، والمسألة أصبحت أسهل.
بجانب طرق الوصول للمعلومات السابق ذكرها، هناك عنصر يعد أهمهم، وهو المصدر البشري، الأشخاص المعنيين بالمعلومة، وهم ثروة الصحفي الحقيقية، حيث يتباهى كل صحفي بعدد مصادره ومعارفه، وعلى قدر أهمية المصدر البشري في الوصول للمعلومات، على قدر صعوبة الوصول إليه، سيقول أحدهم إن مواقع التواصل الاجتماعي تضم أغلب الناس تقريبا، أين الصعوبة في الوصول للشخص؟.. نتحدث هنا عن ما قبل مواقع التواصل الاجتماعي، قبل ظهور الهاتف المحمول، ما الطريق للوصول للمصادر قبل التكنولوجيا؟
قالت الصحفية سهير عبد الحميد، إن الوصول للمصادر كان أصعب، حيث إنه في بداية عملها بالصحافة عام 1993، لم يكن متاح سوى الهاتف الأرضي، مضيفة: “طبعا دي كانت مسألة صعبة لأن ساعات المصدر مش موجود لازم نكلمه في وقت معين، لو هو بيرجع مثلا الساعة 10 بالليل مش هقدر أكلمه بعد 10، الأوقات المخصصة علشان نكلم مصدر كانت صعبة، لو بنكلم مصدر في الشغل طبعا التليفونات كانت كارثية في الوقت ده، في المصالح الحكومية والخطوط على طول مشغولة، فالأمر كان ممكن يستغرق أسبوع علشان نوصل لمصدر”.
أشارت إلى أنه في الوقت الحالي الأمر أسهل من خلال البحث عن صفحة المصدر على فيس بوك مثلا أو تويتر أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، أيضا أصبح من السهل التواصل مع شخص خارج مصر، حيث إنه من الممكن إجراء حوار صوتي وليس مجرد أسئلة عن طريق الواتساب، أو من الممكن إجراء مكالمة على ماسنجر، مؤكدة أنه أصبح هناك سهولة في التواصل مع المصادر ليس داخل مصر فقط ولكن خارجها أيضا.
لفتت إلى أن “دليل التليفون” كان عامل أساسي في الوصول للمصادر وخصوصا الأطباء والأخصائين النفسيين، مؤكدة أنه لم يكن متاحا غير “دليل التليفون” للحصول على أرقام المصادر، أو اللجوء للأصدقاء وكان الوضع صعبا، لافتة إلى أنهم كانوا يستخدمون نفس المصادر لكن حاليا البحث يجعل هناك تجدد في المصادر، ومن الممكن الجمع بسهولة بين مصادر عربية وأجنبية ومصرية في نفس الموضوع.
كما ذكر الصحفي جورج أنسي أن الهواتف المحمولة التي ظهرت تقريبا منذ عام 1999 أو 1998 جعلت هذه العملية أيسر، لأنه قبل ذلك كان الاعتماد على الهاتف الأرضي، حيث يتم الاتفاق مع المصدر على موعد ثم يتم الاتصال بها ويسجل الصحفي بيده كتابًة، لافتا إلى أن الصحفي كان يتمتع بالسرعة في الكتابة، ومعظم الصحفيين في هذا التوقيت كان لديهم سرعة بديهة وسرعة كتابة حتى إذا كتب بخط لا أحد يفهمه غيره، سيعيد الصياغة ويتذكر أشياء أخرى ويدعم الموضوع.
أشار إلى أن الطريقة الثانية للوصول للمصادر، كانت المقابلة المباشرة بعد تحديد موعد معه، أيضا فالاعتماد على المعلومات الناتجة عن الإنترنت كان قليلا فكان الصحفي يبحث ويجمع المعلومات بطرق بها بعض التعب، لكن حاليا لأن العملية سهلة وبعضها غير موثوق منه، فهذا قد يورط، لأن الصحفي من الممكن أن يحصل على معلومة من موقع مجهول ويبني عليها الموضوع ويكتشف أنها كذبة.
كما لفت الصحفي حمدي عبد الرحيم إلى أنه كان الصحفي يصطحب معه دائما دفتر التليفونات الشخصي، “وكنا بنقيم الصحفي بدفتر تليفوناته يعني يقولك فلان معاه 1000 مصدر”، مضيفا أنه لم يكن يوجد هاتف محمول وإنما كان الاعتماد على الهاتف الأرضي، ومن صعوباته أن المصدر قد يكون غير موجود، لكن حاليا الصحفي يستطيع عمل حصار للمصدر على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، عكس الوضع قبل هذا التطور التكنولوجي، قائلا: “لو المصدر مردش على تليفون بيته أو تليفون المكتب مش هنعرف نجيبه.. لكن ثورة الاتصالات والتكنولوجيا دي نعمة الناس مش مقدارها وناس تكلم مصادر الساعة اتنين بالليل ما المصدر ده بشر، لكن النت يسر”
وبعد معرفة أهميته، أردنا التعرف على “دليل التليفون”، فقالت لنا سهير عبد الحميد، إن دليل التليفون هو مجلد كبير، موجود في المنازل بالحروف الأبجدية ثم بعد ذلك أصبح له رقم يمكن الاتصال عليه لمعرفة رقم هاتف أي شخص وهو 140.
الورقة والقلم أعز أصدقاء الصحفي، تجمعه بهم علاقة من أقوى علاقات الصداقة في العالم، يشاركانه رحلة تدوين المعلومات وبناء موضوعاته من البداية، كما يكون لهما شرف مصاحبته في فصل الختام، وهو يكتب الصيغة النهائية لموضوعه قبل تسليمه للنشر، ولكن لا شىء بدون عيوب وأيضا لا شىء يدوم، التكنولوجيا تطورت، وأثرت على هذه العلاقة على نحو ما، نعرفه من تجارب عدة صحفيين في السطور التالية، وللدقة لا يوجد سطور تالية، لأننا لا نكتب على ورق ولا حتى نستخدم حبر وقلم، ولكنها سطور افتراضية، خلقتها التكنولوجيا.
ذكر جورج أنسي أن الكتابة اليدوية كانت هي الطريقة الوحيدة وكانت على ورق يسمى “ورق دشت” ثم تتم مراحل الجمع والتنفيذ، وكانت عملية بطيئة جدا، لافتا إلى أنه عندما ظهرت أجهزة الحاسب الآلي و “الإيميل” فيما بعد وبدأ استخدامه في إرسال الموضوعات، ظهرت مشاكل عجيبة جدا رغم السرعة، والقدرة على الإرسال من أي مكان، كان هناك مشكلة أن أنواع الخطوط أو النص نفسه من الممكن أن يحدث له مشكلة عند إرساله من جهاز حاسب آلي إلى آخر، موضحا: “يطلع الكلام مثلا مشبك، حرف يقلب، لأن النظام الموجود في المؤسسات الصحفية بيعتمد على أجهزة آبل مكنتوش، وإحنا في البيوت محدش يقدر يجيب أجهزة آبل لأنها غالية جدا، فبنستخدم اللاب توب أو النظام التقليدي فالنظام مش متوافق، فممكن يحصل كارثة، تلاقي فقرة الحروف داخلة في بعض، طبعا الصور ممكن يحصل فيها مشاكل”، مؤكدا أن الطريقة التقليدية للكتابة نسبة الأخطاء فيها كانت أقل، فحاليا مثلا قد يتم نشر بعض الصور بدون تعليقات عليها ويكون مصدرها غير معلوم، لافتا إلى أن التقدم ساعد في السرعة لكن نسبة أخطائه تسبب مشاكل كبيرة.
فيما قالت سهير عبد الحميد، إن الكتابة في التسعينات كانت بورق الدشت والأقلام، موضحة أنها كانت عملية مرهقة لكن لها لذتها، حيث كان يمكن وضع بدائل للعناوين، مشيرة إلى أن التطور التكنولوجي الحالي في وسائل الكتابة حيث يمكن الكتابة عن طريق أجهزة الحاسب الآلي أو الهاتف المحمول أسهل بكثير، حيث جعل تصحيح المعلومات أسهل، ونقل فقرة مكان فقرة أخرى عملية أيسر بكثير حاليا، أيضا عملية حفظ الأرشيف الصحفي أيسر، حيث أنه لا يوجد احتفاظ بمجلدات ورق ومن الممكن عمل أكثر من نسخة، نسخة كاملة وأخرى مختصرة، متابعة: “بنشيل ونحط من غير ما نبوظ الورق وبسهولة يعني كان زمان كان كل اعتمادنا على ورق الدشت”.
ويبدو أن هناك وجه شبه بين الأدوات القديمة للكتابة والتكنولوجيا الرقمية الحديثة، حيث أشار حمدي عبد الرحيم إلى أن الكتابة كانت على كانت ورق دشت وهو غير مسطر، أي بلا سطور حقيقية، تماما مثل المواقع الإلكترونية حاليا، وذكر أن الأمر كان له مميزات، حيث قال إن الكتابة بالورقة والقلم كانت تجعل الصحفي متأكد من النحو والصرف والبلاغة، كما أن “الديسك”، يستطيع التصحيح. أشار إلى أنه حاليا يوجد سرعة وإنجاز ولكن عيوبها قاتلة، مثل عيب عدم الإتقان وعدم المراجعة لأنه لا يوجد وقت، فالمطلوب هو إنتاج عدد من الأخبار لتحديث المواقع الصحفية الإلكترونية.
لكن ما هو “ورق الدشت”؟.. حدثنا عنه عثمان فكري، مدرس الصحافة بإعلام القاهرة، وقال إن ورق الدشت كان عبارة عن ورق من مرتجعات الصحف يعاد تدويره وتنظيفه ويتحول إلى ورق للكتابة عليه ولونه أصفر وخفيف وضعيف، مضيفا أن الكتابة بهذه الطريقة لم يكن لها مميزات وعيوبها كثيرة، مثل الخطوط غير الواضحة، بعض الأخطاء التي كانت تحدث في عملية الجمع، عدم القدرة على تحديد عدد الكلمات لوضعها في مساحة معينة، ولذلك كان يحدث مسألة الاختصار المخل، لأنه أحيانا كان المخرج الصحفي يفاجىء أن مساحة الكلام أكبر من المساحة المخصصة على الصحيفة فكان يحذف فقرة أو فقرتين فيصبح هناك خلل، أما الآن الوضع اختلف بوجود أجهزة الحاسب الآلي، أصبح عدد عدد الكلمات والحروف والخط واضح ومعروف، وهذا الموضوع سهل عملية الجمع والكتابة حتى على مستوى الأخطاء، أصبح لا يوجد أخطاء نحوية أو إملائية، لأن أجهزة التصحيح الآلي على word تقوم بهذه العملية بنسبة كبيرة.
مع التطور التكنولوجي ظهر الفاكس، ولكنه لم يكن تطورا كافيا، حيث أكد عثمان فكري، أن من عيوبه أنه إذا كان الموضوع الذي يتم إرساله مكون من 5 ورقات قد يصل 4 فقط، فيتم نشر الموضوع ناقصا وبدون كلام مصدر مهم أو معلومات مهمة، أو إذا اتقطعت الكهرباء أثناء إرسال الفاكس، ستؤدي إلى إيقافه ويصبح الصحفي عاجز عن معرفة ما الذي أرسل وما لم يرسل، مضيفا أن الأمر كان به صعوبات وتحديات
ولمعرفة تأثير التكنولوجيا القديمة على عمل الصحفي، هذه بعض المواقف التي كانت فيها هي البطل، والصحفي في “ورطة”.
قالت الصحفية سهير عبد الحميد، إنه في التسعينات لم يكن متاحا سوى دليل التليفون سواء رقم 140 أو الدليل المطبوع، مضيفة: “فيه مصدر حصل تشابه بالاسم مع حد، اتصلت بيه وقعدنا نتكلم ونتناقش واخدنا المعاد وحددنا وبعد نص ساعة مكالمة قالي لا ده مش أنا، هو أنتي أي حد يقولك أنا تصدقي؟!”.
المعرفة أمر هام، قد يجنبك العديد من المشكلات، فقدرة الصحفي الآن على البحث عن المصدر وتجميع معلومات عنه، لم يكن متوفرا قبل ظهور الإنترنت، ولو كان متوفرا، لما تعرضت، سهير عبد الحميد، لهذا الموقف، حيث قالت إنها اتصلت بأحد المصادر ذات مرة، ولكنه كان متوفى منذ شهر، و “سهير” لم تكن تعرف، فوجدت ابنته ترد على الهاتف، وبالطبع الرد لم يكن لطيفا.
المرة الوحيدة التي لجأ فيها الصحفي حمدي عبد الرحيم للتكنولوجيا القديمة، كانت ذكرى لا تنسى إلى الآن، حيث روى أنه استخدم الكاسيت مرة واحدة فقط وللأسف حدثت كارثة، حيث كان يسجل مع الكاتب الراحل محمود السعدني، “كنت رايحله علشان نتكلم في قضية معينة قال لا هنتكلم عن ذكرياته مع كبار قراء مشايخ القرآن، وفتحت الكاسيت وسجل وللأسف الشريط ضاع، وماتنشرش، حزين عليه لغاية دلوقتى لأن فيه كلام أنا لسه فاكره بس مقدرش اكتبه لأني مش معايا تسجيل”.
فيما ذكر الصحفي جورج أنسي أنه أثناء دراسته في كلية الإعلام، طلب منهم العمل في جريدة صوت الجامعة التي تصدر عن الكلية وكل طالب يختار قطاع يعمل عليه في أسبوع شباب الجامعات سنة 1991 أو 1992، مضيفا: “وأنا اخترت التصوير وجبت فيلمين كوداك أبيض وأسود، كان كله ابتدى يستخدم الألوان والأبيض وأسود بس في المؤسسات الصحفية، واشتغلت وصورت وكانت بالكاميرات التقليدية الـ 36 صورة، صورت وجيت أحمض كان 72 صورة خسائر ولا صورة طلعت سليمة، مهزوزة أو مش واضحة.. كانت كارثة وده افتتاح أسبوع شباب الجامعات، واشتغلت على الذاكرة ونزلت أخبار علشان اغطي موقفي وأنا بقدمها للمعيد وطبعا شافوا الصور، كانت ورطة”.
الكاتب الصحفي جورج أنسي: “وعلى قدر ما كان هناك صعوبة، لكنها كانت تجعل الصحفي أفضل وهذا قولا واحدا أنه قديما كان الصحفي إمكانياته وأدواته الشخصية جبارة، التقليدية تثقله”
عثمان فكري، مدرس الصحافة بإعلام القاهرة: ” التكنولوجيا أثرت على الصحفي إيجابا طبعا لأنه سهل عمله في كل مراحله”
الكاتب الصحفي حمدي عبد الرحيم: ” فيه ناس التكنولوجيا زودت كفاءتهم اللي هما متأسسين صح فبقى فيه دعم إضافي وفيه ناس دمرتهم اللي هما مش متأسسين”