بادرت وزارة الثقافة بالتزامن مع استضافة مصر لمؤتمر المناخ 27 COP العالمي في نوفمبر المقبل، بإقامة ندوة تحت عنوان “التغيرات المناخية وتداعياتها” بملتقى الهناجر الثقافي، والذي نظمها قطاع شئون الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج خالد جلال، مساء الإثنين الماضي، بمركز الهناجر للفنون في ساحة دار الأوبرا المصرية، بقيادة الفنان شادي سرور، وبرعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة
حضر اللقاء الدكتورة نهى سمير دنيا، عميد كلية الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، والدكتور أحمد العوضي مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة عين شمس، والدكتورة أميرة جمال، أستاذ الصحة العامة بجامعة قناة السويس، والدكتور أحمد الشامي، الخبير الاقتصادي، والدكتور أشرف عبد الرحمن، أستاذ النقد الفني بأكاديمية الفنون، وأدارات الحوار الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافي.
بدأت الندوة بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية، أعقبه كلمة للناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبد الحميد مدير ومؤسس الملتقى، أكدت موضوع الملتقى اليوم شديد الأهمية ليس على مستوى مصر فقط بل على مستوى العالم أجمع، فهي قضية عابرة للحدود، قضية كونية ويبدو لنا وكأن الجغرافيا تعيد لنا كتابة التاريخ، وتصنع لنا بوصلة جديدة للحياة إذا لم ننتبه إلى ما تقوله لنا الطبيعة، وهي قضية تعد بمثابة تحدي كبير للعالم كله.
تابعت: أن قضية التغيرات المناخية لم تبدأ فقط منذ السنوات القليلة الماضية، بل بدأت في الحقيقة منذ تسعينيات القرن الماضى تحديدا في عام 1992، وقد شاهدنا العديد من الظواهر الغريبة في مناطق متفرقة، مثل الأعاصير والفياضانات وحرائق وسقوط أمطار في غير موعدها، وأنواع من الحيوانات غريبة تظهر في البحار والمحيطات، ودخلت مفرادات جديدة أخرى لم نعتاد عليها مثل الانبعاث الحراري، والوقود الأحفوري، والاقتصاد الأزرق، واليوم نحاول إلقاء الضوء على العديد من التساؤلات.
وعن الدور المهم الذي تقوم به جامعة عين شمس في التوعية بمفهوم التغير المناخي وتأثيره، قالت الدكتورة نهى سمير دنيا، عميد كلية الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، إن الجامعة اهتمت بهذه الظاهرة منذ 40 عاما، مشيرة إلى أن الدولة تهتم كثيرا بالقضية وتستضيف مؤتمر المناخ cop27، والذي من المقرر انعقاده في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وبمشاركة 196 دولة.
أضافت “سمير” أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون فى توازن، وما يحدث هو ثورة من الطبيعة نتيجة النشاط الانسانى وما نتج عنه في الصناعة والثورة الصناعية، واستهلاك كمية كبيرة جدا من الوقود الأحفوري، نتج عنه انبعاثات غازية من أهمها ثاني أكسيد الكربون، وما يقرب من 90% من الغازات الدفيئة التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، ومصر من الدول الأقل تأثيرا في الظاهرة، وتقيم كل مشاريعها على أساس التكيف مع الظاهرة وتخفيف التأثيرات.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد العوضي مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة عين شمس، أن مفهوم البيئة يشمل ثلاث أبعاد، أولهما البيئة الطبيعة التي خلقها الله دون أي تدخل من الإنسان، والبيئة الاقتصادية، والبيئة الاجتماعية، ونحن كبشر بثقافاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية عند استخدام حل من الحلول اليومية يجب أن نراعي تلك الأبعاد الثلاثة، والمشكلة حدثت عندما غلب البعد الاقتصادي على البعدين الآخرين.
أشار “العوضي” إلى الفرق بين التكيف والتخفيف، فالتخفيف هو القدرة على التحكم وتقليل الآثار السلبية، عن طريق تنفيذ إجراءات معينة مثل تركيب طاقات بديلة “شمسية، رياح، تقليل وقود الغاز والبنزين والفحم”، أما التكيف هو التعايش مع المشكلة.
وعن تأثير التغيرات المناخية على صحة الإنسان، قالت الدكتورة أميرة جمال، أستاذ الصحة العامة بجامعة قناة السويس، إن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة تزيد من الأزمات الصحية، وتعرض مرضى القلب إلى وضع أكثر خطورة، وزيادة حالات التسمم الغذائى والوفيات فى الأطفال وحالات ضربات الشمس وأمراض العيون نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. مضيفة أن الكثافة السكانية والتكدس يزيد من أمراض التغذية فى الأطفال، مشيرة إلى ضرورة وضع مقررات عن صحة البيئة وتغير المناخ خلال التعليم قبل الجامعى بشكل مبسط، أما في التعليم الجامعي فنحتاج إلى وضع مقرر عام عن تغير المناخ.
وعن الوقود الأحفوري، قال الدكتور أحمد الشامي، الخبير الاقتصادي، إنه يشمل الفحم، والغاز، والبترول، وكلها مواد ناضبة تختفي بعد فترة زمنية، لذا الاتجاه اليوم إلى الطاقة المتجددة والذي يعد الاقتصاد الأزرق جزء منها، وهو يعتمد أساسا على حسن استخدام الموارد المائية الموجودة من بحار وأنهار بغرض التنمية المستدامة، مثل الاستفادة بما يحتويه البحر من كائنات بحرية مختلفة، وتوليد طاقة من التيارات المائية والحواجز، وعمل مزارع سمكية.
أشار “الشامي” إلى التنمية المستدامة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، وركزت في بند مستقل على الحفاظ وصيانة البحار والمحيطات، ومصر لديها ثروة من الموارد المائية جعلها تحتل الموقع رقم 6 في الأماكن الفريدة في العالم، وأن مشروعات الدولة تنتمي إلى الاقتصاد الأزرق، بما تقيمه من مزارع سمكية وتنمية الصحراء من خلال إنشاء مجتمعات جديدة مثل منطقة العلمين والدلتا الجديدة والعاصمة الإدارية وغيرهم، وتخفيف الانبعاثات من استخدام الطاقة والوقود عن طريق مشروعات مثل مشروع القطار الكهربائى والمونوريل.
من جهته أشار الدكتور أشرف عبد الرحمن، أستاذ النقد الفني بأكاديمية الفنون، إلى أنه هناك ما يعرف باسم علم النفس المناخي، وهو يقوم على دراسة الآثار النفسية للتغيرات المناخية، والفصول الأربعة تؤثر على الحالة المزاجية والنفسية للإنسان، وبالتالى فالتغيرات المناخية تؤثر على الفنان نفسه وعلى الإبداع، ففي عام 1723 استطاع الموسيقى الإيطالى أنطونيو فيفالدي، من خلال مقطوعته الموسيقية “الفصول الأربعة” أن يصور كل فصل من خلال الموسيقى.
واصل أن هناك لوحات تشكيلية لفنانين عالميين تجسد الفصول الأربعة وأخرى عن غروب الشمس، وأيضا هناك باليه يعرف باسم “ذوبان الجليد” استطاع الراقصين أن يعبروا عن شكل ذوبان الجليد بشكل جميل، وتأثير المناخ على الحالة المزاجية يتم من خلال التأثير المباشر أو غير المباشر أو عن طريق إدراك الخطر، ويجب علينا الاهتمام بالتوعية الثقافة المناخية والسلوكيات العامة فى التعامل مع البيئة.
تخلل الملتقى باقة متنوعة من أجمل أغاني زمن الفن الجميل، لكبار نجوم الطرب فى مصر والوطن العربى، قدمها المطرب سعيد عثمان وفرقته “شموع”، حيث تغنى بأغنية ” سواح، عظيمة يامصر، يا تمر حنة، قولوا لعين الشمس، ثلاث سلامات”.
وتغنى الفنان الدكتور أشرف عبدالرحمن، بأغنية “تملى فى قلبى ياحبيبى”، وشارك بالغناء مع الفنان سعيد عثمان فى أغنية “الربيع” للموسيقار فريد الأطرش، وحازا على إعجاب الجمهور بتميز صوتهما ورددوا معهما الأغاني.