أن تتلقى اتصالًا هاتفيًا، يطلب منك أن تضع السعر الذى تختاره مقابل صورة من أرشيفك مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات، ثم تعلن رفضك القاطع لأى أموال تتلقاها حينما تعلم أن الصورة سيتم إخراجها عن محتواها، واستخدامها فى دعاية سياسية سلبية، هذا تحديدًا ما فعله المصور صامويل هاردي، حينما رفض أن يبيع صورة جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال الجديد في بريطانيا، أُخذت له عام 2012 أثناء وقفة احتجاجية للتضامن مع الفلسطينين.
الاتصال الهاتفي الذي تلقاه هاردي كان من مسؤول بجريدة “يديعوت أحرنوت”، أشهر الجرائد الإسرائيلية، والذي أراد أن يستخدم الصورة في محاولة إلصاق تهم أن كوربن يدعم “الإرهابيين” الفلسطينيين، خاصة أن جزء من علم حزب الله يحمله أحد المتظاهرين ويقف خلف جيرمي كوربن بالصدفة.
نشر هاردي الواقعة على صفحته الشخصية على الفيس بوك، معبرًا عن استياءة من تصرف الجريدة الإسرائيلية، معللًا أن الأمر لم يكن يحتاج لعبقري كي يكتشف أن الصورة سوف يتم اجتذائها من سياقها واستخدامها في شن حملة إعلامية مفبركة ضد كوربن.
ما فعله هاردي يعد من أقوى صور التمسك بالمهنية، في أن يرفض أن يبيع صورة أرشيفية لا تعني له شيئًا بين عشرات الصور التي التقطها، مهما كان الثمن الذي يُدفع فيها إذا كان الهدف هو تزييف الحقيقة، وقليلون فقط ما زالوا يلتزمون بالمهنية، ورسّخ بذلك صامويل هاردي واحد من أهم المبادئ الصحفية في أن النزاهة أهم من النقود، وشن حملة واسعة على الصحيفة الإسرائيلية لالتجائها لمثل هذا الأسلوب الرخيص لشن حملات كاذبة تخدم أهداف وحسابات سياسية.