بسام سرحان
تنويه: هذا المقال يحلل المسلسل بحرية في حرق أحداثه
حاتم التائه الذي عرف معنى حياته حينما أتاه الموت
يسأل حاتم – أبو يوسف- الذي أصبح عشيق لرشا في الحلقة الثانية عن مصيره وكيف سيموت لترد مقتول طبعا، من الصعب تخيل أن مقتله سيكون على يدها كما شاهدنا في الحلقة الأخيرة لنقف أمام شيء مهم حدد مصير حاتم ألا وهو رجوعه إلى رشا بعدما فر منها المرة الأولى، ولكنه قد رأى أنه من الجيد أن يساعدها حينما تذكر كلام طبيبهما النفسي بأنه يجب أن يفعل شيئا جيدا يجعله يشعر بقيمته فما من مفر له سوى أن يساعد خائنة لأن هذه هي البيئة التي اختارها لنفسه، أن يكون وسط خائنات ليسوق نفسه إلى حتفه، فتخونه رشا وتقتله بعدما أعطت له الأمان! لتكون نهايته هي ثمرته المستحقة التي حصدها في نهاية مطافه الحزين مدركا قيمة حياته فعلا في آخر لحظات عمره وهو يقول لها إنه لا يريد الموت ولكن قد فات الآوان.
رشا التي حاولت وفشلت
حاولت رشا أن تخرج خارج جلدها لتكون امرأة محترمة يقبلها المجتمع بعدما اخطأت في حقها وأقامت علاقة غير شرعية مع سائقها حاولت أن تقاوم شغف جنسي عندها اكتشفته أول مرة حينما كانت مع هذا السائق وتزوجت رجل (ابن ناس) بمقاييس مجتمعنا لا تستطيع أن تطلب منه إشباعها جنسيا بالطريقة التي ترغبها فكانت النتيجة كارثية.
دائما ما تحدث الكارثة حينما نقاوم طبيعتنا ربما ليس بسبب اختيارنا للطريق الصحيح ولكن بسبب من يعلمون ماضينا الذي نريد التخلص منه، حدث ذلك مع رشا وحدثت الكارثة الأولى حينما أقامت علاقة مع حاتم والكارثة الثانية حينما قتلت سائقها المبتز فكانت النتيجة أنها عادت إلى طبيعتها التي تخشاها. ضغوط حماتها وانتهاك خصوصيتها وابتزاز السائق لها أخرج منها الوحش الذي طالما كانت تحبسه داخلها بالعلاج النفسي استطاعت زينة أن تؤدي أداء هو الأفضل في مسيرتها الفنية بأداء شخصية مليئة بتلك التعقيدات الداخلية التي نسجها ببراعة السيناريست محمد رجاء ونفذها بدقة المخرج المتميز هاني خليفة.
تنفيذ الإثارة كما علمنا هيتشكوك
يقول المخرج البريطاني الغني عن التعريف هيتشكوك عن ما يجب فعله لإثارة المشاهدين “نفترض أن لدينا قنبلة تحت هذه الطاولة، لا شيء يحدث، ثم فجأة (بووم!) هناك انفجار. الجمهور مندهش، ولكن قبل هذه المفاجأة، هناك مشهد عادي، لا شيء مثيراً فيه”. يتابع قائلا: “الآن دعنا نأخذ المشهد نفسه بطريقة مشوقة، القنبلة تحت الطاولة والجمهور يعرف ذلك، ربما لأنهم شاهدوا أحدهم يضعها هناك، والجمهور يدرك أن القنبلة ستنفجر عند الساعة الواحدة.. وهناك ساعة في ديكور المشهد يمكن للجمهور رؤيتها وتشير إلى الساعة الثانية عشر الا ربع.. في هذه الظروف، تصبح المحادثة نفسها رائعة لأن الجمهور يشارك في المشهد، ويتوق الى تحذير الشخصيات على الشاشة”.
وهذا ما تم بالضبط في هذا المسلسل وخصوصا في الحلقة الثانية حينما كانت حماه رشا “سماح أنور” تطوف الشقة بحثًا عن شبكة هاتف وهي في طريقها لغرفة نوم رشا التي تحتفظ فيها بعشيقها والجمهور يعلم بذلك فيتوحد الجمهور مع البطلة في ذلك الأمر وتحدث الإثارة ومن بعدها يأتي زوجها الذي كان يناقش معها خيانته لها وهي تلومه وهي محتفظة بعشيقها داخل غرفة نومها! واكتملت الإثارة حينما علمت سلفتها “مي” التي تكن لزوجها أيمن “محمد شاهين” مشاعر بأمر زينة لتكون هي محرك الاثارة والأحداث والنهاية في النصف الثاني من المسلسل الذي لعبت دوره “آلاء سنان” بموهبة وحضور قوي على الشاشة بعد نجاحها في “لعبة نيوتن” لنرى أننا أمام ممثلة تجيد اختيار أدوارها بعناية بجانب موهبتها.
عاقبة رشا عاقبة من لا يتقبل نفسه
أصرت رشا أن تخرج من جلدها لتقتل من يعيدوها لطبيعتها وتختار زوجها الذي لا تحبه ولا تسعد معه اختارت حماتها المتسلطة واعتذرت لها على كل ما بدر منها حتى يتقبلها المجتمع وليس مهما ما تشعر به وانتهزت مي ذلك الاختيار لتُعذب رشا ما تبقى من عمرها كما شاهدنا في المشهد الأخير للحلقات وهي تحتضن زوج رشا امام اعينها في نظرة تحدي لها و ليس كالسابق لأنها الوحيدة التي تعلم بِفعلة رشا لتكون عاقبتها -الرجم- حية على يد كيد مي الذي غلب كيدها.