أسماء مندور
أعلنت نتفليكس هذا الأسبوع عن افتتاح استوديو ألعاب خاص بها في فنلندا، وأثارت تلك الخطوة الاهتمام، حيث يعد هذا التطوير الأول من نوعه للشركة منذ اقتحامها مجال ألعاب الفيديو الإلكترونية في نوفمبر 2021، وهو ما اعتبره البعض أحدث علامة على أن نتفليكس تراهن بشكل كبير على الألعاب كوسيلة لزيادة أعداد المشتركين التي سجلت تراجعًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، لكن يطرح الأمر تساؤلات أخرى حول سبب الاتجاه لسوق الألعاب بالتحديد، وهل يحقق المكاسب المرجوة بجانب مجال البث؟
اشترت نتفليكس أيضًا شركة Next Games ومقرها فنلندا في وقت سابق من هذا العام مقابل 72 مليون دولار تقريبًا، كما اشترت ثلاثة استوديوهات ألعاب خارجية خلال العام الماضي، وبحسب تقرير موقع CNBC، تحتوي نتفليكس على ذاكرة تخزين مؤقت لـ 31 لعبة محمول متاحة للتنزيل للمشتركين، وتخطط الشركة للحصول على 50 لعبة بحلول نهاية العام، ويتضمن الكتالوج ألعاب مستوحاة من بعض الأعمال الدرامية على منصتها.
دخول نتفليكس مجال الألعاب لا يزال في مراحله الأولى، حيث لم تسجل البيانات، اعتبارًا من أغسطس، سوى أقل من 1٪ من مشتركي نتفليكس، البالغ عددهم 220 مليون، في الألعاب يوميًا، على الرغم من أن الشركة كانت تطرحها كوسيلة للحفاظ على تفاعل المستخدمين ضمن برامج البث، مع العلم أن الألعاب متاحة فقط للمشتركين، لكن يجب تنزيلها كتطبيقات منفصلة. وفي خطاب إلى المساهمين العام الماضي، صنفت نتفليكس شركة الألعاب “Epic Games” وتيك توك ضمن أكبر منافسيها في مجال الترفيه.
أصبحت ألعاب الفيديو أكثر بروزًا في نتفليكس، سواء كان ذلك من خلال عرض تلفزيوني تحول إلى لعبة، مثل مسلسل “Stranger Things” الذي تم تحويله إلى لعبة “Stranger Things: 1984″، أو لعبة فيديو تحولت إلى عمل تلفزيوني مثل “Cyberpunk: Edgerunners” وهو مسلسل رسوم متحركة مقتبس من لعبة “Cyberpunk 2077”.
في هذا الصدد، قال مايك فيردو، نائب رئيس الألعاب في نتفليكس، عن نهج الشركة الجديد في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست: “كنا واضحين تمامًا مع أعضائنا أن هذه ستكون رحلة طويلة”، مشيرًا إلى أن الوتيرة التي يتم بها طرح الألعاب تزداد بالتأكيد، مضيفًا أن الشركة عندما تتخذ خطوات كبيرة مثل هذه، فإنا تدعمها وتلتزم بها.
من جانبه، قال جوست فان دريونين، المحاضر في مجال الألعاب في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك: “تفي نتفليكس ببطء بوعدها بتطوير خط مكون من 50 لعبة من خلال الاستحواذ والتوظيف من الشركات القائمة وفي المواقع الرئيسية، لكنها ستواجه قريبًا التحدي المتمثل في إدارة محفظة متنامية من المشاريع المتزامنة، بينما تتعرض أعمالها الأساسية لبث الفيديو لضربة مالية”، مشيرًا إلى أن تطوير قسم الألعاب الخاص بنتفليكس لن يؤدي إلى إنقاذها، بل قد يغرقها.
في ذات السياق، أشار تقرير في واشنطن بوست إلى أن صناعة الألعاب في فنلندا من نواح كثيرة تضع صناعة ألعاب “الجوال” في المقام الأول، وتقودها شركات مثل Rovio وSupercell، وأشار التقرير إلى أن هذا منطقي مع الأخذ في الاعتبار الأهمية الكبيرة لشركة “نوكيا” الفنلندية التي لعبت دورًا مهمًا في فجر صناعة الهواتف المحمولة، حيث ظهرت لعبة “الثعبان” الشهيرة محمّلة مسبقًا على هواتف نوكيا المحمولة بدءًا من أواخر التسعينات، وتعتبر على نطاق واسع واحدة من أولى ألعاب الهاتف المحمول.
تحاول منصات البث الاستفادة من الألعاب بطرق مختلفة، وذلك من خلال جذب جمهور الألعاب إلى المنصات بطرق غير مباشرة، وأحدث مثال على ذلك “The Last of Us” من HBO، وهو أحدث مسلسل تلفزيوني مقتبس من لعبة فيديو بنفس الاسم، ويهدف إلى جذب المزيد من اللاعبين إلى خدمة البث HBO Max، حيث أصدرت الشركة منذ أيام قليلة أول مقطع دعائي كامل للمسلسل، المقرر عرضه لأول مرة على HBO وHBO Max في عام 2023.
يستند العمل إلى لعبة المغامرات والأكشن لعام 2013، والتي سجلت مبيعات 17 مليون نسخة عبر مستخدمي PlayStation 3 وPS4 في عام 2018، وفقًا لموقع techcrunch، الذي كشف أيضًا أن المسلسل الدرامي تدور أحداثه في وقت ما بعد نهاية العالم في عام 2033، بعد 20 عامًا من تفشي الفطريات.
تمتلك أبل بدورها نظام كامل للألعاب يسمى Apple Arcade، وهو يحتوي على أكثر من 200 لعبة لأجهزة آيفون، وأيباد، وApple TV وMac، والمكتبة عبارة عن مزيج من العناوين الحصرية المطورة خصيصًا للتطبيق، والألعاب الشائعة المتوفرة في متجر التطبيقات العادي وعلى منصات أخرى، والألعاب التي تحتوي عليها عادةً تكون خالية من الإعلانات مع فتح محتوى إضافي.
تمتلك أمازون أيضًا “Amazon Games“، وهي شركة أمريكية لألعاب الفيديو، وقسم من شركة البيع بالتجزئة عبر الإنترنت أمازون، التي تركز بشكل أساسي على نشر ألعاب الفيديو المطورة داخل أقسام التطوير بالشركة، حيث افتتحت أمازون متجرها الخاص بالتطبيقات، وبدأت في توظيف مطورين للألعاب الاجتماعية على الأجهزة المحمولة. وفي عام 2012، أصدرت أمازون “Living Classics”، وهي لعبة اجتماعية على فيسبوك.
في أحدث تقرير، نقل موقع yahoo بيانات شركة Statista التي أفادت أنه من المتوقع أن تصل إيرادات سوق ألعاب الفيديو في كندا إلى 3.27 مليار دولار أمريكي، بمعدل نمو سنوي يبلغ 8.57٪، مما ينتج عنه توقعات بزيادة حجم السوق بقيمة 4.93 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027، حيث أفاد التقرير أن البث المباشر للألعاب أدى إلى خلق مشهد جديد للاعبين، وكيفية استهلاك ألعاب الفيديو من خلال منصات مثل Twitch، ويوتيوب، وفيسبوك.
تعد Twitch حاليًا أكبر منصة بث مباشر في العالم لعشاق ألعاب الفيديو الذين يقومون المشاهدة والتفاعل في عمليات البث المباشر للألعاب، وتمتلك المنصة حاليا أكثر من 140 مليون مستخدم نشط.
في أواخر الستينيات، بدأ المطورون في إجراء التجارب في المعامل لتطوير أول وحدة تحكم لألعاب الفيديو، وبعد أول مشروعين في صناعة ألعاب الفيديو في عام 1972، بدأت الصناعة في الازدهار حيث استمرت ألعاب وأجهزة الفيديو الجديدة في الوصول إلى السوق، واستمرت قاعدة المستهلكين في صناعة ألعاب الفيديو في الازدياد، وتم تلبية الطلب المتزايد من خلال متاجر الألعاب مع تثبيت العديد من الأنظمة.
بحسب بيانات موقع pestleanalysis، في غضون 50 عامًا، نمت صناعة ألعاب الفيديو وتطورت بشكل كبير، حيث تبلغ قيمة الصناعة فيها حاليًا حوالي 200 مليار دولار. علاوة على ذلك، من المتوقع أن ينمو الاستثمار فيها بنسبة 12٪ سنويًا، ويصل حجم السوق إلى 435 دولارًا بحلول عام 2028. لذا فهل تغامر نتفليكس والمنصات الأخرى بالاستثمار في مجال الألعاب، أم هي خطط مدروسة مبنية على أرقام بيانات وتحليلات وتوقعات السوق؟