فيصل شمس فيصل شمس
لا أحد يشكك مطلقا في الأداء التمثيلي الراقي للممثلة فردوس عبد الحميد، ولا أحد يستطيع أن يجادل في أنها صنعت علامات مميزة في الدراما التليفزيونية، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن زوجها المخرج محمد فاضل يقحمها في أي عمل يقوم بإخراجه منذ زمن الزمن، لكننا نعرف ولا نتكلم لأن الأداء المتميز يغلب التحيز الأسري.
في الواقع أن كلا من الزوج والزوجة يؤدي بامتياز، والواقع أيضا أن التحيز الأسري لا يقتصر عليهما فمجرد النظر لقائمة طويلة من أسماء الممثلين بالذات، ستجد أن فلان بالضرورة هو ابن فلان، بل إن فلان الصغير يستغرق سنين في التعلم فينا نحن المشاهدين ويتم إعطاؤه الفرصة وراء الأخرى، والفشل وراء الفشل، وبعد كل فشل يعود مثل الجن ويتهافت عليه المنتجون والمخرجون كأن شيئا لم يحدث.
طبعا هو من البداية لا يعتبر نفسه ممثل فقط، بل يعتبر نفسه نجم كبير منذ الدور الأول الذي -طبعا- لم يرشحه الوالد له، بل إن الوالد الذي يمثل في نفس المسلسل فوجئ أن ابنه أو بنته تم الاستعانة به في هذا العمل (أنا مكنتش أعرف أنهم اتصلوا بيه عشان يشتغل في المسلسل وهو خبى عليا).
لقد طغت على الوسط الفني طبقة حاكمة تقبل الأقارب ولا تقبل المواهب، تبحث عن توازن العلاقات ولا تبحث عن الجودة، تستفيد من الوضع ولا تنظر للمستقبل، تقوم بتشغيل ماكينة الإنتاج ولا تبني حاضر ومستقبل الفن المصري، لذلك ورغم الضجيج المتضخم حول النجاح والتصفيق المتوصل بلا داعي، أجد أن الدراما المصرية سواء سينمائية أو تليفزيونية ينحدر مستواها يوما بعد يوم.
المزعج أنه لا أحد يشعر بالحياء أو الخجل من فرض أفراد أسرته وسرقة الفرص لصالحهم وضياع الجودة والمهارة في الأعمال الفنية بسبب هؤلاء الذين يتعلمون فينا منذ سنين. لا أحد يقف ليفكر دقيقة في هذا الموقف السخيف.
تخيل معي أن الأستاذ محمد فاضل ربما يقلب في صفحات كل عمل يعرض عليه حتى يجد الدور المناسب للزوجة وإن وجد الدور صغيرا يحفز المؤلفين على زيادته، (ستلعب السيدة فردوس عبد الحميد دور والدة نجيب الريحاني ربما لمدة 30 حلقة، رغم أن هذا الدور يبدو هامشي في حياة نجيب الريحاني)
ولكنني لازلت أعذره قليلا، فزوجته موهبة حقيقية، لكنني لا أعذر هؤلاء الشلة من أبناء الفنانين الذين لا يجيدون التمثيل ويفرضون على الشاشة، وفيما يتقبلهم الجمهور على مضض “ويعصرون على أنفسهم لمونة” نجد النجم اللطيف “مش عاجبه كمان!!”
متى ننتبه إلى القيمة الاستراتيجية للفن المصري؟