ولاء مطاوع الغرفة 207
جذب مسلسل “الغرفة 207” الذي بدأ عرضه مؤخرًا، اهتمام قطاع عريض من الجمهور، لا سيما محبي أعمال الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، فالمسلسل مقتبس عن إحدى رواياته والتي تحمل اسم “سر الغرفة 207”. كما تزامن مع موجة أعمال رعب ناجحة في الآونة الأخيرة، وهو ما لفت انتباه جمهور أعمال الرعب، سواء من قرّاء الكاتب الراحل أم لا.
صدرت رواية “سر الغرفة 207” عام 2008، ويظن البعض أنها رواية عادية مثل باقي الروايات التي كتبها أحمد خالد توفيق من فئة الرعب وما وراء الطبيعة، لكن الكاتب الراحل كان قد أوضح أنه كتب الفكرة عمدًا لذاتها، أسوة برأي كاتب الرعب الأمريكي الشهير ستيفن كينج، حيث استهل “توفيق” الرواية كاتبا:
“يقول ستيفن كينج: بالإضافة إلي قصص دفن الأحياء، علي كل كاتب رعب أن يقدم قصة واحدة علي الأقل عن غرف الفنادق المسكونة، لأن غرف الفنادق أماكن مخيفة بطبعها. تخيل كم من الناس نام في الفراش قبلك؟ كم منهم كان مريضاً؟ كم منهم كان يفقد عقله؟ كم منهم كان يفكر في قراءة بضع آيات أخيرة من الكتاب المقدس الموضوع في درج الكومود بجوار الفراش قبل أن يشنق نفسه في خزانة الملابس بجوار التليفزيون؟”.
أما خلاصة ما ستشاهده في الغرفة 207، فهو ما كتبه أحمد خالد توفيق عنه استكمالا لكلام ستيفن كينج: “في هذه الغرفة تحتشد أشنع مخاوفك التي داريتها حتي عن نفسك منذ كنت طفلاً.. في هذه الغرفة يتلاشى الحاجز بين الحقيقة والوهم.. بين المخاوف المشروعة والكابوس.. في هذه الغرفة يتلاشى الحاجز بين الماضي والمستقبل.. وبين ذاتك والآخرين.. لا تتلصص ولا تختلس النظر عبر ثقب المفتاح.. فقط فلتدر مقبض الباب في هدوء وحذر.. ولتدخل الغرفة رقم 207”.
منذ بداية عرض المسلسل على منصة شاهد، استطاع المخرج محمد بكير برؤية فنية خاصة أن يحول سطور الرعب إلى مشاهد حية وملموسة، بالتعاون مع كاتب السيناريو تامر إبراهيم تم اقتباس القصة عن الرواية.
وكلمة “اقتباس” كلمة واسعة، تقودنا في البداية للتفكير في نقاط التشابه بين العمل الدرامي والرواية، ثم نقاط الاختلاف كذلك، لأن الاقتباس ليس نسخاً، فهناك بالطبع نقاط التقى فيها العملين معا، ونقاط أخرى استقل فيها المسلسل عن الرواية.
الغرفة 207 هي الغرفة التي يقابل كل من يدخلها مخاوفه، أكثر ما يخافه سيلقاه، سواء في الرواية أو في المسلسل، فالغرفة 207 هي السر وراء كل الحوادث التي تقع للجميع، فهل اختلف الأمر بين المسلسل والرواية؟!.. إليكم أبرز الاختلافات:
– فندق “لونا”.. لو كنت من مشاهدي المسلسل الذي عُرض منه حتى الآن 4 حلقات فقط، يمكنك معرفة أن هذا هو اسم الفندق الذي يحتوي “الغرفة 207″، بينما لم يعطنا الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق اسماً أو تفاصيلا خاصة عنه سوى أنه فندق عادي في مرسى مطروح يرى البحر والشارع معا.
– عناوين الحلقات تحمل نفس عناوين فصول الرواية، ولكن الاختلاف يقع في تسلسل وسير الأحداث.
– شخصية “جمال الصواف” في الرواية هي شخصية موظف الاستقبال الذي يحل ألغاز “الغرفة 207” ويواجه الخطر وحيدا على أغلب التقديرات. في المسلسل تحوّلت شخصيته إلى رجل ذو تاريخ وقصة، ونراه في طفولته وشبابه بتاريخ مفصل يعطينا معلومات أكثر عن شخصية البطل.
– طرأت تغييرات على مساحة أدوار الأبطال بما يناسب المشاهد الدرامية، فليس من المعقول أن تقع كل الأحداث مع شخص واحد فقط وهو “جمال الصواف”، ولكنه دائما العامل المشترك بين هذه الأحداث.
– خلال الحلقة الأولى “فتاة وحيدة” نجد الغرفة 207 تجسدت في هيئة الدكتورة شيرين/ ريهام عبد الغفور، الطبيبة النفسية التي تستطيع قراءة وجه بطل العمل “جمال الصواف”/ محمد فراج، لتخبره بأشياء لا يعلمها عنه سواه، تستدرجه رويدا رويدا حتى تُدخله الغرفة، قبل أن يواجه كل مخاوفه دفعة واحدة، ثم يرى بنفسه نهاية الدكتورة شيرين الحقيقية وهي الفنانة إنجي أبو زيد التي تفاجئ “جمال” بحضورها لتلقى مصيرها. في الرواية لم يحدث هذا الأمر، حيث فتح “جمال الصواف” الغرفة بنفسه وبمحض إرادته كل ما قاله “دخلت هذه الغرفة في ظروف معينة”، ثم إن تفاصيل الرعب التي وجدها لأول مرة في الغرفة تختلف بين العملين.
– في الحلقة الثانية التي تحمل عنوان “لعب عيال”، وقعت اختلافات في المشاهد عن الرواية الأصلية، فمثلا نجد مشهد اللعب يحتوي على طفلين أحدهما شبح، بينما في الرواية كان هناك 6 أطفال يلعبون في الردهة، ولكنها تفاصيل قد يتفهمها المشاهد في سياق العمل الدرامي، الاختلاف المحوري بين الرواية والمسلسل تكمن في النهاية.
– تدور الأحداث حول مغامرة الطفل “أكمل” للوصول إلى غرفة خالته المجاورة وهي الغرفة 207، كان يريد أن يخيفها وعندما نظر من الثقب وجدها في أحضان أبيه، ومن صدمته ظن أنها تتحدث إلى وحش، هنا انتهت الأحداث في الرواية عندما تأكد جمال الصواف من صدق الطفل. في المسلسل لم تنته القصة هنا، بالفعل هناك خيانة وخديعة، ولكن استمرت الأحداث بعد ذلك لنجد الغرفة تأمر بقتل الولد واستبداله بطفل آخر، فضلا عن وفاة الأم غرقا، والمزيد من الأحداث التي لم ترد نهائيا في الرواية الأصلية.
– الحلقة الثالثة بعنوان “فضول” والرابعة بعنوان “زوجان” تم دمج أحداثهما معا في المسلسل، لنشاهد فضول العاملة “هدى” والذي يدفعها لدخول الغرفة 207 وهي فارغة بينما في الرواية تدخل “هدى” الغرفة وتفتشها بدافع الفضول، ولعل النهايتين أيضا جمع بينهما وفاتها ولكن بأحداث وأسباب مختلفة تماما، “هدى” بطلة الرواية ملأت الدنيا صراخا هيستيريا رغبة في الهرب من المكان وإنهاء تعاقدها مع الفندق لتخرج وتموت في حادث، بينما في المسلسل تفقد القدرة على النطق وتمشي كالمنومة مغناطيسيا لتنتحر.
– حلقة “الزوجان” وقعت بأحداث مختلفة عن الرواية الأصلية التي أصر فيها الزوج السمج على الزواج من فتاة انتحرت حتى لا تتزوجه أصلا، أي أنه اصطحب إلى الفندق جثة من كان من المفترض أن تكون عروسه، ولكنها فضلت الانتحار بطريقة لم يتم الكشف عنها وترك الأمر للخيال، بينما في المسلسل نجد أن الأمر مختلف لأن الزوج هنا قتل 3 زوجات بأمر من الغرفة 207 حتى تجعله يرى زوجته الأولى والتي يحبها كثيرا ولكنها فقدت حياتها بعد صراع مع السرطان، قبل أن ينكشف أمره وينتحر في السجن.
– هناك ظهور خاص في الحلقة الثالثة للدكتور رفعت إسماعيل، بطل سلسلة ما وراء الطبيعة، هذا الظهور خاص بالمسلسل فقط وليس موجود في الرواية، ربما قصد منها المخرج توجيه رسالة خاصة لقراء العراب بأنه حاضر في العمل بقوة.
– الحلقة الرابعة تحمل اسم “أعدها لي” اسما مطابقا للفصل الخامس في الرواية، ولكن الأحداث تحمل اختلافا كبيرا، في الرواية نجد أن جمال الصواف يعثر على خطاب يفيد بأن العظام التي يجدها مدفونة في الحائط تعود إلى سجين حي تم حبسه في الجدار الذي تم الكشف عن باطنه بسبب أوامر الخواجة “مايكل”/ مراد مكرم صاحب الفندق بالتجديد، على يد مجموعة من العمال، يعرف جمال القصة ويصدقها ويعيد العظام إلى مكانها وتنتهي القصة. بينما في المسلسل وقعت الكثير من التعديلات، حيث نجد جمال يصارع الغرفة ويتوصل لشخصية صاحب العظام، ويواجهه رفقة “سارة”/ ناردين فرج و”عم مينا”/ كامل الباشا الذي ينقذه من الموت المحقق، كل هذه الأحداث بما فيه مقتل العمال الذين دخلوا الغرفة هي أحداث بعيدة عن الرواية.