تفوق التليفزيون المصرى الحكومى على نفسه وعلى المنافسين، عندما قدم للمشاهدين نشرات أخبار «بالصراصير» بما فى ذلك نشرة الساعة التاسعة مساء.
فالمزج بين الأخبار وإعلانات مقاومة الصراصير وباقى الحشرات المنزلية يعد من الابتكارات المدهشة للفريق المسئول، وهكذا وببساطة يقول هذا الفريق للعالم، أن مصر تعانى من الإرهاب وتحشد الجهود لمقاومته، وفجأة يجرى قطع البث التليفزيونى من أجل إعلان مقاومة الصراصير، وربما بقصد أو بغير قصد يقولون ان مصر تقاوم الصراصير الإرهابيين.
أما عن النشرات وما تتضمنه من أخبار، فأظن أن كثيرا من المشاهدين والمتابعين يتساءلون عما إذا كانت النشرة تعد فعلا نشرة أخبار مقارنة بما يجرى بثه على قنوات عربية وأجنبية من نشرات أخبار؟!
الطريف أن ما يقوله المذيع أو يقرأه فإن المراسلين يكررون ما قاله دون إضافة يعتد بها.
ويبدو واضحا أن انتقال معظم العناصر البارزة للعمل بالقنوات الخاصة قد ترك أثرا على مستوى أداء من تبقي. ومن السهولة رصد ضحالة المعارف والنقص الفاضح فى المعلومات، بل يصل تراجع الأداء إلى عدم قدرة البعض على قراءة النص المكتوب لنشرات الأخبار.
ومثل هذا الوضع يكشف أن معظم المذيعين والمذيعات لا يقرأون نشرات الأخبار قبل دخول الاستوديو وكثيرا ما يمر مثل هذا التقصير دون حساب.وإذا ما كان هناك حوار أو مساحة لطرح الأسئلة على مسئولين أو مراقبين أو غيرهم، فان الصورة تبدوفى معظم الأحيان سلبية أو بعيدة تماما عن الحرفية، ولا نعرف ما إذا كان المذيعون والمذيعات قد درسوا كيفية توجيه الأسئلة أم لا؟ وما هى أنواع الأسئلة، وكيف يمكن الاختيار بينها، ولماذا؟ ومتي؟
ولن نتحدث عن أناقة المذيعات أو رشاقتهن، فالأغلبية لا علاقة لهن بهذه أو بتلك، أما تنافر ألوان ملابس المحجبات فتبدو أكثر وضوحا، كما لن نتحدث عن المقدمات والصياغات الانشائية السطحية والسخيفة التى يلجأون إليها. ويكشف المستوى الباهت للأداء ان طريق الكثيرين منهم ومنهن لم يمر على محطات التفوق العلمى أو المعرفى أو المهني., ويبقى أن نتساءل عن المسئول العبقرى الذى يختار الضيوف من المحللين والخبراء أو من النخبة والمراقبين لأن الأغلبية من هؤلاء لا تعرف سوى الثرثرة والمزيد من الثرثرة لا أكثر, وبمثل هذا المستوي، يفقد التليفزيون الحكومى قدرته على جذب المشاهدين, وإذا كنا قد تحدثنا عن نشرات الأخبار فما ذلك إلا لأنها الوجه الأكثر تعبيرا عن مستوى الأداء والحرفية بصفة عامة.
أما عن البرامج فسنتوقف أمام ما جرى بقناة النيل للرياضة مساء الأربعاء 5 نوفمبر، اثناء بث تعليقات نقاد رياضيين عقب انتهاء المباراة المهمة بين النادى الكبير ومنافسه.
كان فريق الكرة وكل المهتمين فى حالة من الهناء والرضا، واختارت المسئولة عن البرنامج أن تبدأ بإعلام المشاهدين بأن والدة مدير القناة قد توفاها الله، وقدمت له العزاء على الهواء مباشرة وعندما تذكرت أن 18 من المواطنين قد لقوا مصرعهم حرقا بالإضافة إلى 17 من الجرحى فى حادث تصادم مروع بالبحيرة، قدمت لأسرهم العزاء، وعادت لتبلغ المشاهدين أنها ستخبرهم بموعد الجنازة وأين، وبمكان اقامة ليلة العزاء، ثم وجهت الحوار نحو النقاد الذين قدموا العزاء لمدير القناة تحت وطأة الإحراج.
ولأننا على يقين أن هذه القناة مازالت مملوكة للحكومة المصرية وأنها ليست ملكية خاصة لهذه المذيعة أو لأى فرد من أسرتها، فإننا نتساءل عما إذا كانت قد أحيلت للتحقيق بسبب هذا الخروج على مقتضيات العمل، وهذه السبهللة والتجاوز العمدى والنفاق الفج المكشوف لمدير القناة الذى ليس رئيسا للوزراء أو وزيرا أو شخصية عامة أو مرموقة.
وبالرغم من أنه لم يأمر أو يطالب مثل هذا النفاق إلا أنه مسئول عن الأمر بالتحقيق مع هذه المذيعة تمهيدا لتوقيع العقاب الذى تستحقه. ومن الضرورى تقاضى ثمن هذا الوقت باعتباره إعلانا، وما اقدمت عليه هذه المذيعة يذكرنا بواقعة أخرى بطلها مذيع استغل البث الإذاعي علي الهواء، ووجه الشكر لوليد سائق التاكسي الذي اقله للوصول إلي مكان عمله بمبني التليفزيون لأنه أحضره في وقت قصير نسبيا. وعندما سأل الأستاذ فهمي عمر رئيس هذا المذيع عن العقوبة التي وقعها لهذه المخالفة قال انه خصم منه 10% من الحوافز فقط.
نقلًا عن “جريدة الأهرام”