غدًا بإذن الله وقفة عرفات التي تُفتح فيها أبواب السماء من أجل الاستجابة للدعاء و الرجاء، كنت هناك من 8 سنوات مع ملايين المسلمين الموحدين الخاشعين الطامعين في العفو و المرحمة، قبيل فجر إحدى الليالي وقفت أعلى سطح الحرم المكي متابعا بانبهار لأمواج البشر من كل أجناس الأرض و هي تتدافع من أجل الوصول لأقرب نقطة بالقرب من الكعبة المشرفة فسمعت صديقي أحمد صالح الواقف بجواري و هو يقول بصوت عال : (اللي بيشكك في الإسلام ييجي يشوف المنظر ده.. الدين اللي جاب الناس دي من كل حتة في العالم مستحيل يكون باطل!)…هذة العبارة و ذلك الموقف ذكراني برائعة أم كلثوم (القلب يعشق كل جميل) خصوصا المقطع الذي عبر بدقة عن حالتي وقتها: (دعاني لبيتة لحد باب بيتة..واما تجلالي بالدمع ناجيتة).
بخلال إقامتي بمنى حاولت الوصول إلى الحمام الموجود داخل مجمع الخيام المزدحم لكنني تهت في الطريق فاقتربت من شخص كان يقف بظهرة وحيدا ممسكا بكوب من الشاي و سألتة فاستدار نحوي ليرد وكانت المفاجاءة أنة (محمد ابو تريكة) الذي لاحظ تدقيقي الشديد في ملامحة فأبتسم بهدوء و هو يقول : (أيوة أنا) فشكرتة و مشيت، خلال عودتي من رحلة الحمام وجدتة يقف هذة المرة مع وائل رياض و هادي خشبة وسط مظاهرة حاشدة من الحجاج الذين تخلوا عن حالة الصوفية بعد فك الإحرام و تفرغوا للتصوير مع النجوم مع توجية أسئلة من عينة: هو لية مانويل جوزية مصمم يلعب من غير ليبرو في الدفاع؟.
في المدينة المنورة التقيت مصادفة عند خروجي من صلاة الجمعة بالمدرب (طلعت يوسف) فقمت بتحيته و هو الأمر الذي أثار استغرابة حيث أنه كان وقتها وجها غير معروف إعلاميا كما هو الآن…حديثنا المقتضب اقتصر على تبادل الأمنيات بحج مبرور لكن قبل أن أودعة سألني: (أنت عرفتني إزاي؟) فكان ردي : (أشهر من نار على علم يا كابتن!) … انتهزت الفرصة و سألتة عن مدى صحة هدفه الشهير في نهائي كأس مصر أمام الأهلي عام 1976 حيث أن حذائة انخلع أثناء تسديدة للكرة فابتسم قائلا : أنت جاي تسألني بعد أكتر من تلاتين سنة… الجون صحيح يا أستاذ!.
أحد أصدقائي العاملين بفندق شهير في المدينة دعاني لحضور حفل عشاء خاص ستقيمه الإدارة من أجل الاحتفال بلاعبي الأهلي المقيمين بالفندق وبالطبع وافقت فورا لكن زوجتي اعترضت بشدة و قالت بانفعال منطقي: ( هي الكورة دي ورانا ورانا…إحنا لازم ننام بدري علشان نصحى لصلاة الفجر)..بالطبع استجبت للفرمان و اتصلت بصديقي من أجل الاعتذار فأخبرني أن الحفل تم إلغائة بناءا على رغبة أبو تريكة و زملائة الذين فضلوا التفرغ للعبادة في هدوء بعيدا عن التكريمات و صخب المعجبين.
الإقامة في المدينة المنورة أضفت على نفسي صفاءا و سكينة لم أعرفهما من قبل حتى أنني تمنيت- و لازلت- أن أقضي بها ماتبقي من عمري بعدها يصبح مثواي الأخير داخل مقابر البقيع بجانب جدي المدفون هناك.
ياريت حبايبنا ينولوا ما نلنا يارب.. يارب توعدهم يارب.