إيمان مندور
حوار مع الفنان الكبير محمد عبد الوهاب.. (اقرأ للنهاية)
• ما الملامح الموسيقية لهذا العام في رأيك؟
ظهرت ألوان جديدة السائد فيها الاعتماد على ما يعرف بالأجهزة الحديثة والتكنولوجيا الصوتية والصخب، ومخاطبة الأجسام لا مخاطبة الأرواح.. يعني ظهر غناء منشط للجسم، وأنا لا أنكره ولا أرفضه مقولش إن ده يُمنع، ولكنه لون من الغناء المخاطب للجسد، والدليل على ذلك أن من يغنيه على المسرح بيرقص واللي بيسمعه بيرقص.. إذن هو حاجة منشطة كويسة، ولون موجود.
• لكن بعض المثقفين يرفضون هذا اللون من الغناء ويطالبون بمنعه حتى يتسع المجال للفن الجيد؟
أنا لا أنكر هذا ولا ذاك، يعني لما ظهر الجاز مجاش الجماعة الأوروبيين وقالوا هو ده خلاص كل شيء وننتهي من أي موسيقى.. لأ.. الجاز لم يلغي بيتهوفن مثلا، فضل ده وفضل ده.. هذا موجود وله وقته وله لونه، والآخر كذلك. هذا يخاطب الروح والعقل والوجدان، وذاك يخاطب الجسد والحركة.
• يعني تقول صراحة أنك لا ترفضه رغم أنه يخاطب الجسد فقط؟
لا أرفضه، ما أرفضه هو ألا يكون هناك توازن بين هذا وذاك. يعني لا تمتلئ الأسواق بلون معين فقط.
• “الجمهور عاوز كده”.. بهذه العبارة يبرر الكثيرين سبب انتشار تلك النوعية من الأغاني والموسيقى، فما رأيك؟
أنا أبرئ الشعب من هذا، لأن المتلقي الآن يختلف عن المتلقي فيما مضى، خلقا وتربية وإحساسا، لأن مثلا المدارس زمان كان لازم يكون فيها فرقة للتمثيل وفرقة للموسيقى من الابتدائي، حتى جهاز العروسة زمان كان لازم يبقى فيه بيانو، فهي دي خلفية الناس اللي كانوا بيسمعوا زمان، خلفية ثقافية مش شرط تكون كبيرة ولكنها تؤهلهم إلى سماع أكثر تعمقا واستيعابا، لكن المتلقي الآن للأسف بسبب الحياة وظروف المعيشة وضغوط العصر خلت مبقاش في هذا المعنى كثيرا، يعني الموسيقى كان زمان يسمعوها قبل النوم عشان تريح الأعصاب بعد يوم تعب طويل، دلوقتي السماع بقى في التاكسيات أو وهو بيشتغل ومش فاضي، وبالتالي من الطبيعي يكون في مثل هذه الأغاني المنشطة للحركة.
• هذا يعني أنك موافق على عرضها في الإذاعة والتلفزيون؟
تتحط طبعا.. متتحطش ليه، لكن متبقاش ليها الغلبة على حساب الأنواع الأخرى، لا سيما التي تخاطب الروح والوجدان.
• حضرتك سمعت أغنية ويجز في المونديال؟
آه سمعتها امبارح.
• وما رأيك فيها؟
تيمة لطيفة.. يعني كويسة، مقدرش أقول حاجة.. زي ما قلت لك ما ارفضش أي نوع، بس كويسة وسط أنواع مختلفة.. تيمة لطيفة ليه لأ.. جميلة.
هذا الإجابات ليست متخيلة على لسان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بل وردت على لسانه نصًا في حوار بالبرنامج الإذاعي “شاهد على العصر” مع الإعلامي عمر بطيشة. الفارق الوحيد فقط أنها كانت عن ملامح الموسيقى في عام 1988، والنجاح الكبير لأغنية “لولاكي” للمطرب علي حميدة.
لكنها إجابات يمكن إسقاطها على الوضع الحالي فيما يتعلق بالراب والمهرجانات الشعبية. لن نقول كيف يمكن ذلك، القارئ ذكي وسنترك له الأمر هذه المرة لتخيل إلى مدى تصلح تلك الإجابات للتعبير عن الأزمات المتكررة في كل مرة تنجح فيها أنواع غنائية جديدة مختلفة عن الكلاسيكي المعتاد، وماذا سيكون رأي موسيقار الأجيال لو كان حيًّا في فنان صاعد مثل ويجز مثلا.. هل كان سيطالب برفضه ومنعه أم دعمه وتقبله أم إيقافه بسبب عدم اكتمال الأوراق؟!
التوقعات ستختلف من شخص لآخر بالتأكيد، لكنها لا تنفي أبدًا منطقية الإجابات..