رباب طلعت
يعد الصحفي أحمد مبارك، أحد الأمثلة النادرة للذين نجحوا في تقديم محتوى رقمي على مواقع التواصل الاجتماعي، يتناول مواضيع سياسية واقتصادية، ويلقى قبولًا لدى الجمهور، من خلال برنامجه “قوة مصر”، على “يوتيوب”، و”فيس بوك”.
“إعلام دوت كوم” تواصل مع أحمد مبارك، للحديث عن البرنامج، وعلاقة الصحافة بالمحتوى الرقمي، وفيما يلي أبرز تصريحاته:
من هو أحمد مبارك؟
أنا أحمد مبارك خريج كلية الإعلام عام 2010، وبدأت عملي الإعلامي منذ كنت في الفرقة الثانية، كصحفي ومقدم نشرات أخبار، بالإضافة لإنتاج وتأليف عدد من الأفلام الوثائقية، وكذلك ألفت عدد من الكتب.
كنت أكتب المقالات، ولكن في 2020 عام كورونا، بدأت أشعر أن الفيديوهات أقوى منها، فبدأت أحول المقالات المكتوبة إلى فيديوهات، لأن الناس تميل للمشاهدة والاستماع أكثر من القراءة، ما دفعني لصناعة فيديوهات أكثر احترافية.
أنتجت حوالي 500 حلقة، من مارس 2020 إلى الآن، وحققت مشاهدات تقترب من 500 مليون مشاهدة، ويتابعني مليون و200 ألف على فيس بوك، و250 ألف على يوتيوب.
قوة مصر.. البداية والهدف
انطلاقتي كانت بـ”قوة مصر”، والهدف منها الرد على الحملات الممنهجة من الإعلام الخارجي التي تكثف نشاطها في نشر أخبار مفبركة ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، ويعتمدون على نشر الشائعات وتزييف الوعي ونشر الأخبار المفبركة بين المصريين واستغلال الأزمات وتضخيمها، واستخدام ذرة من الحقيقة لبناء جبل من الأكاذيب.
وهدفي كان الرد على تلك الحملات الممنهجة، وأيضًا لأن الشائعات والسلبيات تلقى رواجًا كبيرًا على “فيسبوك” على عكس الإيجابيات، ومنها جاءت فكرة نشر بعض تلك الإيجابيات من خلال فيديوهات سياسية واقتصادية وعسكرية، فنلقي الضوء خلال الحلقات على ملامح تطور مصر عسكريًا على سبيل المثال، وكذلك المؤشرات الاقتصادية الجيدة، وأيضًا كنا نركز على دور مصر في الأزمات العالمية، ومكانتها السياسية في الإقليم وكثير من المواضيع الهامة التي نستعرضها بشكل تحليلي.
الكثيرون يسألونني عن سبب عدم مناقشة المشكلات التي تواجهها الدولة أو السلبيات، وإجابتي أن ذلك هو الهدف من البرنامج في الأساس، فالمشاكل والسلبيات يتناولها الكثيرون، لكن قلة هم من يتحدثون عن الإيجابيات، فشعار البرنامج هو “دعوة للاعتزاز بالوطن، وطلقة في معركة الوعي”، بمعنى أن هدف البرنامج هو إبراز الإيجابيات على الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ونعم هناك مشاكل يمكن أن نتحدث عنها في برنامج آخر، لكن “قوة مصر” هو إطار لإبراز قوة مصر في الجوانب المذكورة.
دور العمل الصحفي في بناء شخصية مقدم المحتوى
بلا شك أن خلفيتي كصحفي هي من شجعتني على تقديم ذلك المحتوى على السوشيال ميديا، فمهنة الصحافة تثقل صاحبها، بمنحه قدر كبير من المعلومات، وحمله لمخزون عالي من الثقافة، وكذلك درايته الأوسع بالأحداث وبواطنها، فهي مهنة تثقل صاحبها، وأنا اشتغلت بالسياسة فيها، وذلك وسع مداركي أكثر.
هناك نقطة هامة بجانب خلفيتي عن الجانب السياسي أيضًا دفعني للاستمرار في تقديم ذلك المحتوى، وهي استجابة الناس، ففي بدايتي حذرني بعض المقربين من الحديث عن الإيجابيات والدفاع عن الدولة ومؤسساتها في البرنامج، خوفًا من أن يعتبره الجمهور نفاقًا، ما يجعلهم يعزفون عن مشاهدتي، ولكن ما حدث هو العكس تمامًا، فبمجرد إطلاق البرنامج، تفاعل عدد كبير جدًا من الأشخاص المؤيدين للمحتوى (الناس اللي ساكتة ومبتتكلمش عن الإيجابيات)، ووصل عدد مشاركات بعض حلقاتي لعشرة مليون وأكثر، فهناك جمهور ناضج لديه وعي، وحب للوطن واعتزاز به، ويدعمون من يحسن صورة الدولة.
بالطبع المحتوى الذي أقدمه يعرضني لهجوم من اللجان المعادية، سواء للقنوات المعارضة أو التابعين لجماعات إرهابية، ولكن الكتلة الصلبة الكبيرة للشعب المصري الذي يحب وطنه ويدافع عنه ويريد معرفة الحقيقة، وينتقدها بحب لإصلاحها لا لهدمها، أولئك هم جمهوري الذي يتفاعل معي، ويشارك محتوايا بفخر، وذلك التفاعل الكبير هو من شجعني على الاستمرار.
السوشيال ميديا أداة لتطوير الصحافة
السوشيال ميديا وسيلة، ولا يوجد تعارض بينها وبين الصحافة القديمة، فمواقع التواصل الاجتماعي هي أحد أدوات الصحافة الحديثة، مثلها مثلما كانت في الماضي صفحات الجرائد الورقية المطبوعة هي أداة الصحافة لتوزيع الأخبار على الناس، والسوشيال ميديا تخلصت من الفجوة الزمنية لوصول الخبر بين الصحفي والقارئ، وذلك من خلال مشاركة الخبر بشكل حصري وسريع على المواقع الإخبارية، ومشاركتها على صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل، والمؤسسات الصحفية التي لا تمتلك المهارة أو المرونة في استخدام السوشيال ميديا اليوم، هي من لديها مشكلة مع المحتوى الرقمي، ولكن لا تعارض بينهما، فهي جاءت لخدمة الصحافة.
الصحفي في الأساس صانع محتوى منذ البداية فالمحتوى الرقمي تطور طبيعي للورقي، ومهما كان تأثير البلوجرز، فلن ينجحوا في أخذ دور المؤسسات الصحفية، وحقيقي أن حاليًا لهم تأثير كبير على الجمهور، ولكن لا تزال المؤسسة الصحفية لديها أدواتها الاحترافية وأسلوبها الذي لن يستطيع البلوجرز أو صانعي المحتوى من غير الخلفيات الصحفية أن يأخذوا مكانها، ولكن المؤسسات الصحفية يجب أن توسع دورها وتطور من أدواتها ووسائلها، وتدرب الصحفيين العاملين بها، لردع انتشار المحتوى المفبرك أو غير اللائق أولًا، وللتصدي لملء البلوجرز غير المؤهلين بسد الفجوة بين الصحافة والجمهور.
لغة راقية تليق بالمحتوى المقدم
أستخدم اللغة العامية الراقية، ذات المصطلحات الجادة، وذلك ليس مقصودًا، بل هي طبيعة لغوية اكتسبتها من عملي كمقدم نشرات أخبار في بداية حياتي المهنية، حيث ساهم ذلك بشكل كبير في تحسين طريقة كلامي، وجعلت لغتي مزيج ما بين العامية الراقية والفصحى.
اختياري للظهور بإطلالة رسمية، هو أنني أقدم محتوى جاد وشعرت أن الظهور بشكل رسمي به قدر من احترام المشاهد، الذي أقدم له شكل متوافق مع طبيعة المحتوى الذي أقدمه له، لأن طبيعة برنامجي تحليلات سياسية واقتصادية وعسكرية، وذلك يحتم عليّ الظهور بشكل يتوافق مع ذلك المحتوى المتخصص الهام الذي يستمع إليه.
فريق عمل محترف
فريق البرنامج هم مجموعة من الباحثين السياسيين والاقتصاديين ونعمل سويًا على جمع المادة وطريقة التناول والصياغة وعرض الحلقة وتتابع الفقرات، فنحن نستعين بخبراء في المجالات التي نتناولها في الحلقات وليس هواة.
هدف البرنامج في 2023
استهدف الجمهور من كافة الأعمار والأنواع، فأنا جمهوري كل المصريين، وعدد المشاهدات يؤكد وصوله إلى الجميع دون تصنيف، وقد حققت عدد مشاهدات في
2022 تخطى ربع مليار.
البرنامج لديه شعارين الأول “دعوة للاعتزاز بالوطن، وطلقة في معركة الوعي”، والثاني “ما لم تسمعه في وسائل الإعلام”، وأحيانًا تكون حلقاتنا متماشية مع الترند، ولكن الزاوية التي نتناولها بها تكون بطريقة أكثر جرأة، وبكسر جميع القيود التي من الممكن أن تتقيد بها الوسائل الإعلامية التقليدية، ونتكلم بحرية مطلقة، ونصل لمصادر من المعلومات سواء الأبحاث أو الدراسات، أو الأخبار والتقارير التي تخرج من مؤسسات وأماكن بحثية عالمية، بجانب مصادرنا الخاصة، ونمزج كل ذلك لتقديم موضوع حلقة متميز ودسم ومكثف ويشمل كل زوايا الموضوع بشكل منطقي وعقلاني وبدون تهويل أو تهوين، فتصل المعلومة وسط الضباب الإعلامي أو سيل المعلومات الكثيفة، فعندما تصطدم ببرنامجنا تشعر بأنك تحصل على شيء مختلف، وبسيط، وذلك ما نريد أن نحافظ عليه للعام المقبل.