شمعي أسعد
في ديسمبر تنتشر أشجار الكريسماس المزينة فتملأ العالم بهجة، وينتهي باحتفالات بداية عام ميلادي جديد، وبين ديسمبر ويناير يحتفل المسيحيون بأعياد ميلاد المسيح، فللغرب عيد في 25 ديسمبر، وللشرق عيد فى 7 يناير.
البداية
لم يكن هناك يوما محددا للاحتفال بميلاد المسيح، ولكن في مجمع نيقية -أول مجمع مسكوني- عام 325م، وهو بلغة هذه الأيام مؤتمر عالمي لمناقشة شئون الكنائس وأمور العقيدة، اتفق المجتمعون الممثلون لكافة كنائس الغرب والشرق أن يكون عيد ميلاد المسيح هو يوم 29 كيهك الموافق 25 ديسمبر، وكان سبب اختيار هذا اليوم أن يكون عيد ميلاد المسيح في أطول ليلة وأقصر نهار، والتي يبدأ بعدها الليل في النقصان والنهار في الزيادة، ليعبر ذلك عن مقولة يوحنا المعمدان عن المسيح: “ينبغي أن ذلك (المسيح أو النور) يزيد وأني أنا أنقص” كما جاء في إنجيل يوحنا، حيث يؤمن المسيحيون أن المسيح هو نور العالم، لا يعني هذا إقرار بأن المسيح ولد فعليا في مثل ذلك اليوم، ولكنه مجرد اتفاق على يوم له دلالة فلكية تناسب معنى رمزيا، فالإنجيل نفسه لم يذكر يوما ولا حتى تقريبيا لميلاده، وبشكل عام كل ما يخص المسيح من أحداث تم وضع تاريخها التذكاري على وجه التقريب.
لماذا اختلف الاحتفال بعيد ميلاد المسيح بين الشرق والغرب؟
بمرور السنين، تحديدا فى عام 1582م، لاحظ العلماء (الفلكيان ليليوس وكلفيوس) أن 25 ديسمبر لم يعد يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، وبتقصي السبب وجدوا أن هناك خطأ في حساب طول السنة حسب التقويم اليولياني، إذ كانت تحسب على أنها 365 يوما و6 ساعات، ثم اكتشفوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، أي أقل من طول السنة حسب التقويم اليولياني، وبتجميع الفارق من مجمع نيقية 325م حتى 1582م كان حوالي عشرة أيام، فأمر البابا غريغوريوس -بابا روما- بحذفهم من التقويم الميلادي (اليولياني) حتى يقع 25 ديسمبر في موقعه الفلكي كما كان أيام مجمع نيقية، واتخذ هذا القرار في إيطاليا يوم 5 أكتوبر 1582م فكان اليوم التالي مباشرة هو 15 أكتوبر، وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغوري.
وبحساب الفرق بين التقويم اليولياني المعمول به، ودورة الأرض الفعلية حول الشمس وهو 11 دقيقة و14 ثانية، وجد أن هذا الفرق يصنع ثلاث أيام كل 400 سنة تقريبا، يعني هذا حذف هذه الأيام الثلاث كل 400 سنة ليظل 25 ديسمبر في موقعه الفلكي، ليكون عيد الميلاد دائما في أطول ليلة وأقصر نهار، حتى وصل الفارق في يومنا هذا إلى 13 يوما.
والطريف أنه قبل احتلال الإنجليز لمصر، لم يكن التقويم الغريغوري معمولا به في مصر، فكان عيد الميلاد كما هو يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي، الذي كان يوافق يوم 25 ديسمبر بالتقويم اليولياني، بينما كانوا في الغرب يحتفلون به يوم 25 ديسمبر أيضا ولكن بالتوقيت الغريغوري، بفارق 13 يوما بين التقويمين، حتى نقل إلينا الإنجليز التقويم المعدل، مع بقاء احتفال الكنيسة القبطية بعيد الميلاد يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطي، فصار هذا اليوم يوافق 7 يناير.
التقويم الميلادي
هو نفسه التقويم الروماني نسبة إلى روميلوس مؤسس روما، حيث بدأ بالسنة التي تأسست فيها مدينة روما، وتغير اسمه على يد الراهب الإيطالي ديونيسيوس أكسيجونوس، الذي نادى بأن يكون ميلاد المسيح تاريخا فاصلا بين الأحداث الواقعة قبله وبعده، كان ذلك في القرن السادس الميلادي الذي كان وقتها بالتقويم الروماني العام 1286 لتأسيس روما، وبحسابات ديونيسيوس وجد أن المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما، فصار العام 532 بالتقويم الميلادي الجديد بدلا من 1286 بالتقويم الروماني، هو بداية استخدام التقويم الميلادي.
هل ولد المسيح قبل الميلاد؟!
– اكتشف المؤرخون مثل: المؤرخ اليهودي يوسيفوس وبعض المؤرخين القدامى مثل سافيروس سالبيشيوس، ونيكونورس كاليستوس، أن المسيح ولد حوالي عام 750 لتأسيس مدينة روما، وليس عام 754 كما ذكر ديونيسيوس، وكان من الصعب تعديل التقويم لانتشاره في العالم كله، فبقي الحال على ما هو عليه، ما يعني ذلك أن المسيح مولودا في عام 4 ق.م على وجه التقريب يقل أو يزيد بضعة أشهر.
– ولد المسيح قبل موت هيرودس الملك بوقت قليل، وقد مات هيرودس في 4 ق.م وفقا لعدة روايات، فتصبح ولادة المسيح وفقا لهذا قبل سنة 4 ق.م، وهذا الاستنتاج قريب إلى حد كبير مع الدليل السابق، فتكون االإجابة التي لا تخلو من مفارقة: نعم، ولد المسيح قبل الميلاد.