عقدة الخواجة تمنح مليون جنيه لحكم مباراة الأهلي
فيصل شمس
زها حديد مهندسة معمارية عراقية الأصل، وقبل وفاتها في عام 2016 كانت واحدة من أهم المعماريين في العالم، حيث قامت بتصميم وتنفيذ 950 مشروعا كبيرا في 44 دولة منها مركز الفنون الحديثة بروما و متحف الفن إيلي وإيديثي في ولاية ميتشجان الأمريكية ومركز الألعاب المائية في لندن ومبنى مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكسفورد ببريطانيا والمركز التعليمي في النمسا ومبنى سوهو جالاكسي في الصين والكثير الكثير.
العجيب أن هذه الفنانة الأسطورية التي كانت حكومات العالم تبحث عنها لكي تنفذ لها صرحا معماريا يتحدث عنه الجميع، قالت في أحد المقابلات التليفزيونية أن أكثر مشاريعها فشلا كانت في المنطقة العربية.. هكذا بكل صراحة وهدوء ودون أي خجل من قول كلمة فشل، وأضافت أنها لم تلاق في المنطقة العربية نفس الاحترام الذي تلاقيه في جميع أنحاء العالم وفسرت ذلك بأن العرب يحبون الأجانب ولأنها عربية فلم يعاملوها بالقدر الكافي من التقدير، وربما لو كانت أمريكية مثلا لكان الوضع تغير تماما.
هذه المقولة للفنانة العبقرية قفزت إلى ذهني عندما وجدت لاعبو المغرب في آخر مبارياتهم في كأس العالم مع كرواتيا.. يهاجمون الحكم القطري بكل صفاقة وتبجح وربما كانوا يتمنوا لو يضربونه.. وحتى عند تسليم الميداليات.. قام رئيس اتحاد المغرب لكرة القدم بتأنيب الحكم بشكل قاسي.. طبعا لو كان الحكم (خواجة) لما تجرأ عليه بهذا الشكل.
في خبر آخر يكمل الصورة.. استعان نادي بيراميدز بحكم أجنبي لإدارة مباراته مع الأهلي ودفع 40 ألف دولار (ما يعادل مليون و 200 ألف جنيه) للحكم.. تخيل معي لو تم استقطاع جميع المبالغ التي تدفعها الأندية لاستقدام حكام أجانب والتي تصل لملايين الجنيهات وتم استثمارها في عمل دورات تدريبية على أعلى مستوى للحكام المصريين أو اكتشاف وتطوير حكام جدد.. أليس ذلك أفضل.
حب (الخواجة) ليس عيبا.. بل إن الكثير من الخواجات قدموا خدمات لمنطقتنا العربية.. لكنه يتحول لدينا إلى كره من يشبهك.. وحب (الخواجة) يجعل الكثيرين يقعون في فخ البلاهة فيصدقون كلام الخواجة مهما قال.. ويمشون وراءه بدون تمييز.. ويعتبرونه ألمعيا عبقريا.. وحتى أخطائه أو سلبياته الواضحة كالشمس يفسرونها لصالحه.. بينما ينهالون بالسب والذم والانتقاد على أقل تقدير لمن هو عربي مثلهم.. فحتى زها حديد التي أصبحت أيقونة عالمية في المعمار لم تسلم من أذيتهم.. ترى كيف أوصلوها لهذه الحالة؟
المدهش.. أن العرب كذلك ينتظرون الأفكار العظيمة فقط وحصريا من الخواجة ويعتبرونها مهما كانت سذاجتها أفكارا عبقرية، بينما إذا حاول الشخص العربي أن يطرح فكرة جديدة على شخص عربي مثله لجلس الأخير بكل حواسه ينظر لها من كل الاتجاهات ويتفحص ويمحص ويدقق، فقط ليخرج عيوبها ويثبت أنها فكرة عادية أو مكررة أو مملة.. ولن يشعر بأي ذرة ندم حين يجد صاحب الفكرة منهارا نفسيا أمامه.
طبعا.. نحن العرب في كثير من الأوقات فاشلون بامتياز.. وليس غريبا على الإطلاق أن ندعي أن فشلنا الذريع عبارة عن نجاح.. لذلك نحن لا نسمع في حياتنا العربية إلا عن مجموعة من النجاحات المستمرة في كل شيء وفي كل وقت.. للشخص والشعب والحكومات… الكل ناجح في بئر واسع من الفشل.
لكن التشجيع والبحث عن النقاط الإيجابية وتطوير الأفكار هي أشياء لا نسمع عنها وإذا سمعنا فليس دورنا.. وإن كان دورنا فلن نفعل ذلك إلا إذا كان الشخص (خواجة).
عام سعيد