الموهوب تعرفه من تميزه ونظرته للأمور بطريقة مغايرة لمن حوله لأن لديه وحده السر في النجاح. وسر نجاح عمر طاهر هو تميزه الدائم مع ما يقدمه من كتابات تستحق أن تتزين بها مكتبتك أو ترسم البهجة على وجهك حين تراها على الشاشة كما في مقطوعته البديعة والفريدة “صنايعية مصر”.
إذا لم تكن قد طالعت صفحات كتاب “صنايعية مصر” بجزئيه الأول والثاني، فلديك الفرصة للاستراحة أمام الشاشة مع حصة تاريخ يقدمها عمر طاهر بسيناريو سلس لقطاته منسوجة بحرفية صنايعي شاطر أو بالبلدي كما تقول: “أسطى ومعلم”.
في حلقته الأولى من “صنايعية مصر” التي جاءت بعنوان “عشرة الأسفلت”، يقدم عمر طاهر وجبة تاريخية شهية تجعلك تستذكر ما مضى من ذكريات مع سيارة عزيزة لدى كثيرين وهي الـ128 ومن كانوا في صحبتها تحت رعاية وتجميع “النصر للسيارات”.
على شاشة التلفزيون، اعتمد عمر طاهر في “صنايعية مصر” على توليفة ناجحة يمكن إجمال أبرزها في الفهم الجيد لعناصر السيناريو المقدم عبر برنامج وثائقي ناجح بامتياز في توظيف اللقطات وبتناغم مع الإخراج الفني دون أن يجعل من نفسه متحدثًا في مكلمة تجعل المشاهد لا يستفيد من الصورة التي هي عصب أي محتوى مرئي.
كما أن الموسيقى الهادئة في مقاطعها المرحة في طبقاتها تجعلك في حنين إلى الماضي، ومعها تبدأ الذكريات في المرور أمام عينيك، وهي واحدة من عوامل البناء الفني التي اختيرت بعناية كما يبدو عند التجهيز للحلقات.
يتكامل ما سبق مع الديكور والإضاءة لدعم عناصر نجاح أي محتوى مرئي، وحين تشاهد البرنامج ستجد نفسك وكأنك في غرفة من الكنوز التي يعشقها كل مُتيم بالتاريخ والأرشيف.. من صور قديمة لقصاصات صحفية تحوي الحكايات البديعة التي تستلزم توثيقها لتبقى في ذاكرة الجميع قبل أن يمحوها إهمال من لا يعرف قيمتها.
في اعتقادي أن ظهور الحلقات في هذا التوقيت يجعلها بوابة متميزة يمكن الاعتماد عليها في فتح نافذة قناة “الوثائقية” التي يتزامن انطلاقها مع بدايات العام الجديد، لتصبح هذه المقطوعات المرئية متواجدة ضمن خريطة البث خلالها، خاصة وأن هوية القناة وأهدافها تتسق تماما مع البرنامج الذي يحمل اسم “صنايعية مصر”، إلى جانب ما ستقدمه القناة عبر كوادرها المهرة من محتوى متنوع يلبي اختيارات وأذواق جميع متابعيها.
الفهم الجيد لدور الراوي الذي يحكي ببساطة وسلاسة مع صوت مميز، لدرجة أن هذا السرد يضمن للبرنامج أن يكون مرئيا ومسموعا لدى القنوات والإذاعات، وهي مهارة ليست بجديدة على عمر طاهر، خاصة وأن البرنامج ليس الأول في سيرة كاتبه المجتهد الذي استطاع أن يحقق مشاهدات مرتفعة بالآلاف عبر حساب قناة dmc على موقع يوتيوب في ساعات لا تتجاوز اليوم مقارنة ببرامج ومعالجات أخرى لها سنوات، وهو ما يبين مدى اهتمام الجمهور بمثل هذا المحتوى الترفيهي الثري بالمعلومات.
البرنامج يجعلك في حصة تاريخ شيقة تعتمد على مدة زمنية مكثفة بالمعلومات والحكايات عند المتابعة، لمعرفة ما تيسر من سيرة مصر وناسها.
مثلما هو الحال مع تطبيقات القراءة الإلكترونية التي بدأ اسمها يتردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يمنح البرنامج قبلة الحياة لدور النشر بالنظر إلى إمكانية تقديم محتواها المكتوب عبر الشاشات من خلال ما يستحق المتابعة، وذلك وفق رؤية تتطلب تكاتف شركات الإنتاج الإعلامي معها لضمان وجود محتوى هادف يخدم الثقافة والمعرفة، ويواكب سرعة العصر الرقمي، وقد يساهم في حل معضلة ارتفاع أسعار الورق والكتب من خلال الشاشات التي معك في جيبك عبر الهواتف ومنصاتها الرقمية أو التلفزيون وغيره من وسائط اطلاعك على العالم.
تمكنك من أدواتك عند صناعة المحتوى الإعلامي يزيد من حرفيتك وصنعتك التي تلقى القبول بقول أحدهم مستحسنًا عملك: “الله.. جميل”، وفي ظني أن “صنايعية مصر” يضمن هذا الثناء عبر الصفحات والمنصات.