نرمين جودة
مسلسل “وبينا ميعاد” مسلسل خفيف ولطيف رغم عمق موضوعه وصعوبة المشكلة التي يقدمها.
تدور الأحداث حول عائلتين هما عائلة “المهندس حسن” ويجسد الفنان صبري فواز شخصية الأب الذي توفيت زوجته وتركت له ثلاثة شباب وصبي، وعائلة نادية حيث تقدم الفنانة شيرين رضا شخصية الأم التي هجرها زوجها مسافراً للخارج تاركًا لها أربع بنات وعندما رفضت السفر إليه قذف بها في بحر الحياة الغريق لتتحمل وحدها مسئولية إنقاذ تلك الأسرة من الضياع بعد أن تخلى رب الأسرة عنهن.
المسلسل قريب جدا من فكرة فيلم “عيال عيال” لكن بمعالجة مناسبة لاختلاف الظروف والزمن، إلى جانب أن المسلسل اهتم بقضايا مختلفة عن الفيلم وهي فكرة التواصل بين الآباء والأبناء، وإن كل مرحلة عمرية لها أسلوبها الخاص في التعامل، كذلك أشار لنقطة مهمة وهي أن مساحة الحرية الممنوحة للأبناء مهمة رغم مخاطرها، لكن إذا تم توظيفها بطريقة صحيحة مع محاولة صداقة الآباء لأبناءهم فإن معدل الخطورة سيقل وستساهم مساحة الحرية في تشكيل شخصية الأبناء بشكل سليم، وإن استسهال اللجوء للشدة في التربية تكون نهايتها مأساة، فالآباء ليسوا هم الطرف الوحيد في معادلة التربية لكن هناك أطراف كثيرة تتدخل في التنشئة الاجتماعية للأبناء، وتأثيرها أكبر من تأثير الآباء لذلك لا بد وأن يسمح الآباء لأولادهم بخوض التجارب والمغامرة وهم على ثقة تامة أن الآباء هم السند واليد اللي تنقذهم وتساعدهم للوقوف على أرجلهم من جديد، ودائماً تذكروا أن الأبناء بحاجة للحب والرعاية والثقة وصداقة آباءهم أكثر من حاجتهم للمال والطعام والشراب.
“وبينا ميعاد” تأليف وإخراج هاني كمال الذي قدم سابقاً مسلسل أبو العروسة بأجزاءه الثلاثة والذي حقق نجاح مستمر للآن، وقد يكون سر تميز أعماله هو ولادتها من رحم المجتمع المصري والأسرة المصرية مبتعداً عن الأفكار المستوردة أو المقلدة من أعمال أجنبية، لذلك مست أعماله الوجدان المصري فهي مرآة نرى فيها حياتنا وتكشف عن عيوبنا وأخطاءنا بدون تجريح.
أما عن أبطال العمل فلم يكن غريباً أن نرى الفنانة شيرين رضا بهذا الاتقان فقد أظهرت نضج فني جعل المتلقي يرى فيها ممثلة قوية تعتمد على قدرتها الفنية وليس على جمالها، حيث قدمت دور الأم بأسلوب اقترب إلى الأم المصرية فشاهدنا أمهاتنا وأنفسنا من خلالها.
استطاعت شيرين أن تجسد أحاسيس الأم التي تقوم بدور مزدوج في حياة بناتها فهي أب وأم لذلك لا بد وأن تكون الحنان والقوة والحسم في آن واحد.
أما الفنان صبري فواز فهو ممثل ذو موهبة مميزة استطاع أن يجسد حالة الأب الحنون والحاسم والمهندس الناجح والمحبوب في عمله وفي نفس الرجل الرومانسي الذي يكون كالطائر السعيد عند رؤية وليفته. عيشنا مع أبطال العمل لحظات انفعالية مختلفة الأحاسيس والمشاعر أمتعتنا وأبكتنا.