محمد هيثم ماذا يقدم الأزهر لجمهور معرض الكتاب
على مر العصور كان الأزهر الشريف منارة للعلم وواجهة من يريد تعلم الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام، ليس بمصر والدول العربية فقط بل حتى في الدول الإسلامية بجميع أنحاء العالم، حيث يتوافد الكثيرون من مختلف الدول الإسلامية لطلب العلم والمعرفة الإسلامية الوسيطة الصحيحة من منبعها حيث الأزهر الشريف بمصر.
هذا هو الحال في معرض القاهرة الدولي للكتاب فيشارك الأزهر الشريف للعام السابع على التوالي في المعرض بدورته الـ54، المنعقدة بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، والتي تستمر حتى 6 فبراير، كعادته بجناح كبير تصل مساحته إلى ألف متر، مقسم إلى أركان كل ركن منها يختص بفعاليات أو فئة معينة.
الجناح الذي يضم عددا كبيرا من الأركان والأنشطة والفعاليات المختلفة والمتنوعة، سواء للكبار فهناك منفذ بيع الكتب ومتحف المخطوطات وركن الفتوى، أو للصغار فهناك ركن الطفل وروضة الأطفال والبانوراما، وغيرهم من الأنشطة المتعددة، حيث يمكن لعائلة قضاء اليوم في الجناح.
لذلك توجه “إعلام دوت كوم” إلى صالة 4 المتواجد بها جناح الأزهر، لرصد هذه الأنشطة والفعاليات، فعند الدخول من بلازا 2، تجد جناح الأزهر في الجهة المقابلة ويمكنك رؤية الزحام واللافتات التي تشير إلى الجناح.
حين تصل إلى الجناح تجد في مواجهتك منفذ بيع الكتب، موضوعا عليه لافتة مكتوب عليها خصم 30% على إصدارات الأزهر الحديثة، في مبادرة من شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، لدعم القراءة والتثقيف، ويمكنك معرفة سعر وكود الكتاب عن طريق قائمة الأسعار الموجودة أمام باب المنفذ تسهيلا على الزوار.
يضم المنفذ إصدارات علمية وثقافية متنوعة بلغات متعددة، والتي تصل إلى 13 لغة، ومن بعض بعض هذه الإصدارات، قضايا مجتمعية وحلول شرعية، وجوانب الإنصاف والإصلاح للمرأة في الشريعة الإسلامية، والتراث الأزهري ماضيه وحاضره، والجانب المعرفي للإلحاد، وجريمة الانتحار، بالإضافة إلى الكتب التي تكون للاطلاع فقط وغير مخصصة للبيع، مثل وثيقة الأخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر.
في الجانب الأيمن من منفذ بيع الكتب نجد ساحة بها العديد من الفعاليات المختلفة، منها مسابقة “اختر هديتك”، التي تقام في تمام الساعة الواحدة ظهرا يوميا، ويشارك بها زوار الجناح عن طريق طرح الأسئلة عليهم، عندما يجيب الشخص على الأسئلة يحصل على هدية من الهدايا المتاحة أمامه على الشاشة، وهي مصحف أو مفكرة أو قلم أو إصدار من مجلة الأزهر، أو كتيب من مطبوعات الأزهر.
بالسير إلى الأمام نجد رسام الكاريكاتير عماد عبد المقصود يشرح للزوار المصريين والأجانب الذين يتحدثون باللغة العربية الفصحى طريقة رسم الكاريكاتير، والذي قال إنه يأتي بوجه شخص مألوف ويحاولون رسمه بطريقة الكاريكاتير مثل الرئيس جمال عبد الناصر، موضحا أن هذه مجموعة من الورش امتداد إلى حدث كبير قُدم من قبل وهو ملتقى الكاريكاتير بالأزهر، يكتشف فيها مواهب الأطفال ويقرب من ذهنهم فن الكاركتير ويعطيهم وسيلة للبوح عن أفكارهم ومشاعرهم سواء كانت إيجابية أو سلبية.
في الجهة المقابلة تتواجد لوحة كبيرة لشخصية تم اختيارها لتكون شخصية الجناح، وهو الأستاذ الدكتور سليمان دنيا، وبجانب لوحة الشخصية هناك أهم مؤلفاتها ومساهمتها العلمية والدينية وإنتاجه الفكري، وصور تذكارية عن محطات في حياته، بالإضافة إلى وجود كتاب تعريفي كامل عن الشخصية لمن يريد المعرفة أكثر عنها.
بالخوض أكثر في الجناح نجد الجزء المخصص للمخطوطات والوثائق النادرة، فيعرض به العديد من الصور التاريخية، الوثائق والمخطوطات المتنوعة في شتى المجالات العلمية والدينية، مثل مخطوطات في علم الكمياء والهندسة، وترتيب الخلفاء الراشدين ومذكرة علماء الأزهر حول البهائية، وخطاب تأييد الوفد المصري لدى مجلس الأمن، ومصحف المكنز الإسلامي، وغيرها من المخطوطات والوثائق ذات القيمة التاريخية والأثرية.
لم يغفل الجناح ركن الزكاة، فهناك جزء مخصص لـ “بيت الزكاة والصدقات المصري”، والذي يشرف عليه شيخ الأزهر رسميا، حسب ما أخبرنا به عمر أحمد ممثل البيت، وأوضح أن البيت يقدم العديد من الخدمات، فيعلمون الناس بمصارف الزكاة الشرعية، وما هو الفرق بين الزكاة والصدقات، وكيفية إخراجهم، وما هي برامج بيت الزكاة، كما أشار إلى أنهم يخبرون المتبرع أين يذهب تبرعه وماذا يفعلون بهذا المال.
اهتمام بالغ من الجناح بذوي الهمم والقدرات الخاصة، فقدم مبادرة “أنا أقرأ أنا أرى”، لذوي الهمم من المكفوفين، يمكنهم من خلالها كتابة أسمائهم واهداءات لهم ولأحبائهم، ولتدريب وتعليم الطلاب على طريقة برايل، لرسم البهجة والابتسامة على وجوههم.
الرسم، والتصميم، والتطريز، والإنشاد، كل هذه الفعاليات تجدها في ركن الطفل، فهناك اهتمام واضح بالأطفال والعائلات، حيث يوجد روضة الأطفال والتي يتم فيها تعليم الأطفال الرسم والتلوين، وتعمل على تنمية مواهب ومهارات الأطفال، بالإضافة إلى وجود العديد من المجلات والقصص، والتي تستهدف زيادة الوعي الثقافي لدى الأطفال، ومنها أعداد مجلة نور بلغات مختلفة، وسلسلة قصص القرآن.
بجانب روضة الأطفال نجد أمينة جبريل، والتي قالت لنا إنها تقدم ورشة تعليمية عن تطريز الستان الخيش والشمواه والقماش العادي، وهذا العمل يمكن أن يتقنه الأطفال بداية من عمر 10 سنوات فأكثر، فالأدوات ليست خطيرة على الأطفال، ويمكن إنتاج القطع بشكل سريع ونتائج جيدة، وتستغرق القطعة الواحدة ساعتين لافتة إلى أن يمكن أن يكون مشروع عمل للبنات ويمكنها الربح منه بسهولة.
على الجانب الآخر هناك ركن خاص بالخط العربي، ولا شك أنه سيجذب انتباهك طابوران طويلان أحدهما للشباب والآخر للفتيات، مصريون وأجانب يقفون بالساعات لكتابة اسمهم بالخط العربي، على ورقة بها رسالة من شيخ الأزهر يوصي فيها بالقراءة والعلم، وبسؤال أحد الزوار الأجانب قال إنه ظل واقفا أكثر من ساعة للحصول على هذه الهدية التذكارية.
قاعة البانوراما والندوات المحاطة بالزجاج الشفاف يمكن لأذنيك أن تأخذك إليها، فعندما تسمع أصواتا عزباء تنشد “المسك فاح”، و”الله على نور رسول الله”، تجد هذه الأصوات خارجة من البانوراما التي يشارك فيها المنشدون والقراء شباب وفتيات من مختلف محافظات مصر من قطاع المعاهد الأزهرية، بالإضافة إلى العروض الترفيهية والندوات.
في نهاية الجناح نجد “ركن الفتوى”، والذي يضم 4 وعاظ من الأزهر ، للرد على جميع الأسئلة من زوار المعرض، وهذا ما أخبرنا به الشيخ أحمد رمزي الصباغ، عضو لجنة الفتوى بمعرض الكتاب، والذي قال إن الأزهر الشريف يكون حريصا دائما على إنشاء ركن الفتوى كل عام بجناح الأزهر ويتكون من 4 وعاظ مؤهلين للرد على جميع الاستفسارات والأسئلة، وكل ما يخطر بعقل الناس من مشكلات تتعلق بالأسرة أو الميراث أو المعاملات والبنوك وما تتعلق بالفكر كالإلحاد والتطرف الديني واللاديني.
وبسؤاله عن أكثر الأسئلة التي ترد إليهم، والأسئلة التي لا يجب التطرق إليها، أوضح “الصباغ”، أنه لا يوجد أي حدود للأسئلة فأي سؤال يخطر بعقل المرء يمكنهم الإجابة عليه فكل الأسئلة متاحة فلا حكر على العقل، وأضاف أنه بعد التطور التكنولوجي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، تطورت الأسئلة إلى ما تعلق بهذه المسائل مثل العلاقات النسائية غير المشروعة عبر غرف الدردشة، وحكم المعاملة بالعملات الرقمية “البيتكوين”، وشهادات الاستثمار والودائع، وما يتعلق بالزواج والطلاق والخلع.