إسراء إبراهيم موعد مع فيلسوف
هل صادفت يوما فيلسوفا في قطار! وهل بحثت يوما عن إجابات لأسئلتك المرهقة التي تحتوى على العديد من الجوانب الفلسفية؟ وما الأسئلة التي ستطرحها على الفيسلوف في حال جرت ووقعت مقابلتك معه بالفعل؟ تلك هي الرحلة التي يقدمها الكاتب أحمد مهنى من خلال كتابه “موعد مع فيلسوف” الصادر عن دار دوّن، والذي طُرح بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023.
يناقش “مهنى” في كتابه العديد من الاسئلة الفلسفية والتأملية حول العديد من المجالات المختلفة. ويحاول طرح أجوبة لفهم أنفسنا والحياة وما يدور حولنا، إذ يناقش موضوعات مثل الخوف والغرائز والفقدان والانتظار والاستسلام، ونشأة الحياة وحقيقة الموت وتاريخ الاقتصاد وحروب المال والثورة الصناعية، وتطور الحروب، والأحلام والمشاعر والقدر والصراع ما بين القديم والحديث. والعديد من الموضوعات الأخرى، التي بالتأكيد ستشعر أنك بحثت عن بعضها يوما ما.
حاور إعلام دوت كوم الكاتب أحمد مهنى، ومدير التطوير بدار “دوّن” للنشر والتوزيع، لمعرفة تفاصيل أكثر عن الكتاب وعن دار دوَن وعملها، وفيما يلي أبرز التصريحات.
1- تعتبر فكرة كتاب “موعد مع فيلسوف” امتداد لفكرة كتابي السابق “مذكرات الثانية عشرة ليلا” الذي طُرح عام 2019، وهو عبارة عن كتاب “لايت” كنت أتناول من خلاله الأفكار التي تراودني بعد منتصف الليل قبل مرحلة النوم. واعتمد على تقديم التفكير الزائد قبل مرحلة النوم بشكل مبسط وتخلصت من خلاله على مجموعة من الأفكار التي كانت ضاغطة عليّ بشكل شخصي. وفوجئت وقت طرحه بأن أفكاري التي كنت أظنها شخصية تتماس بشكل كبير مع الناس وطالبوني بجزء ثان للكتاب بعد حبهم له، وهو ما كان يدفعني للتفكير بمسؤولية فيما سأقدمه مستقبلا تحت نفس الفكرة.
2- تصادف مطالبة الناس لي بجزء ثان من “مذكرات الثانية عشرة ليلا” مع قراءتي في مجالات الفلسفة والتاريخ وعلم النفس واهتمامي بها خلال آخر 4 سنوات. وبدأت أشعر بأنني أرغب في التعبير عن بعض الأفكار التي تندرج تحت فكرة الخواطر التي تأتي لعقول الناس عند اقتراب موعد النوم، مثل كيفية تشكل الكون، وكيف نبحث عن المعنى والحكمة. ومن هنا جاءت فكرة الكتاب بأنني لو جلست مع فيلسوف وطلبت منه الإجابة عما يدور بعقلي فماذا سيخبرني؟
الموت يبدأ ببداية الحياة نفسها.. لحظة ميلاد حياة شخص هي لحظة ميلاد موته المؤجل!
3- استغرق عملي على الكتاب نحو عامين منذ بداية التنفيذ الفعلي للفكرة، لأن الفكرة نفسها امتداد لكتاب سابق قدمته قبل سنوات. وبدأت البحث في العديد من المصادر، والقراءة في كتب بعينها، وأضع الهيكل التصوري للكتاب، والتخيل الخاص بالفيلسوف.
4- خلقت فكرة في الكتاب وهي حديث فتاة في العشرينات مع فيلسوف في قطار، حتى يصبح الموضوع أسهل لدى القارئ عند الحديث عن أشياء مثل فلسفة العلم والصراع الفلسفي بين الشرق والغرب. فلو قدمت مثل تلك الموضوعات بصورتها الجافة ستكون صعبة على الناس، لذا قررت إتباع أسلوب الحكاية.
كلما اقتربت الأشياء يقل زمن بقائها.. لحظة امتلاك الشيء تمر بشكل خاطف، نبرع نحن البشر في انتظار الأشياء، لدرجة أن هناك هوسا يصيب الناس يمكن تسميته “هوس الانتظار”.
5- الرواية قائمة على فكرة الحكاية التي تعتمد على الأحداث والشخصيات والحبكة الدرامية، أما الكتب فتناقش أفكار وموضوعات. والجزء السردي على هيئة قصة في الكتاب هو مبسط جدا لخلق حالة من الحوار للتسهيل على القارئ وجذبه للموضوع، الكتاب يناقش أفكار أكثر من تقديمه لقصة ما.
6- الموضوع دائما كان المحرك لديّ في الكتاب، فعند اختيار عنوان الفصل أو موضوع معين كنت ابدأ بعدها باختيار الأمثلة التي تتماشى معه. وحاولت تقديم المعلومات بشكل يعلق في ذهن القارئ.
7- أتخيل أن كل إنسان لديه هموم وأفكار معينة خلال فترات حياته، تتغير تلك الهموم مع التقدم في العمر، ما يعني أنه في الرحلة الذاتية لكل شخص يكون مهموما على فترات زمنية وعمرية مختلفة. وعندما قدمت الكتاب كنت مهموما بمجموعة أفكار تشغلني مثل موضوع الفقد والأزمات الاقتصادية وغيرها من الأشياء التي شغلتني.
8- لم أكن أتوجه بكتاب للحديث عن الفلسفة بشكل مباشر، لكني ناقشت الموضوعات التي أهتم بها خلال فترة كتابتي للعمل.
9- المعلومات المذكورة في الكتاب كانت نتاج قراءات كثيرة جدا، وكذلك تحليل وربط الموضوعات ببعضها. وحاولت خلال كتابتي للكتاب وضع نقاط مرجعية تشير للمصادر، وقراءتي كانت في موضوعات مختلفة منها ما يتعلق بالفلسفة وأخرى في التاريخ. بالإضافة إلى أشياء نتاج دراستي لأنني درست اقتصاد وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراة في إدارة الأعمال. كل تلك الأشياء ربطها ببعضها لأصنع بها النسيج النهائي للكتاب.
كان على المرأة أن تبتكر شيئا جميلا، لأن العالم كان محددا بشكل يدعو للملل.. لذلك ربما أن أول من ابتكر الغناء كانت امرأة.
10- الفصل الأول في الكتاب كان يوثق رحلة رجل الكهف، ويوجد علم الإنسانيات الذي يشرح ويوضح ما تم اكتشافه عن الإنسان ويطلق عليه “الإنثربولجي”، ويوجد به العديد من التفاصيل عن شكل الحياة قديما، وهو علم متشعب. وبصفة شخصية قرأت بعض الكتب عن بداية نشأة الحياة على الأرض، وعندما اخترت الجزء المتعلق بأن امرأة الكهف هي أول شخص قام بالغناء، وضعته على سبيل بعض القراءات ولم أؤكد المعلومة. فقد قلت إنه ربما كانت امرأة الكهف هي أول من قام بالغناء، ولا يوجد معلومة واضحة ومؤكدة تستطيع القول بأن ذلك ما حدث بالضبط، لكن أغلب الظن أنه ما حدث بالفعل.
11- بدأت الكتابة في سن مبكر جدا، تقريبا في المرحلة الابتدائية، وكنت أتمتع وقتها بموهبتي التمثيل والكتابة. والكتابة زادت في مرحلة الثانوية العامة لأنني كنت ضمن فريق المسرح في المدرسة، وكنت أقرأ في المسرح كثيرا وأكتب للمسرح. وفي الجامعة كانت فارقة بالنسبة لي كثيرا حيث كنت رئيس النادي الأدبي في كلية تجارة جامعة حلوان ثم في الجامعة كلها. وعقب ذلك كنت رئيس تحرير مجلة “كلمات” في الكلية، وكتب في صحف الحائط ومجلات الجامعة.
12- بعد المرحلة الجامعية تدربت في عدد من الصحف والجرائد، ثم أصبحت كاتبا بها. والموهبة هي التي دفعتني لذلك الاتجاه لأن دراستي وعملي كان متعلقا بالاقتصاد. والموهبة هي صوت داخل الإنسان تناديه صوب ما يحبه، وذلك الصوت الداخلي كان عاليا جدا لديّ تجاه الكتابة، حتى أنه كان أكبر من التمثيل والمسرح. ولأن صوت الكتابة كان عاليا بداخلي فاتجهت لعالم النشر والكتابة.
الأسرار لا يجب أن تخرج أبدا خارج الذات، ربما لا يجب أن نتذكرها مرة أخرى، تلك الأسرار التي تمثل سقطات في تاريخنا!
13- كان لديّ مدونة عقب المرحلة الجامعية باسم “مزاج”، وتعرفت من خلالها على بعض الأشخاص الذين يكتبون الشعر والقصص وبدأنا نلتقي في ندوات ومناقشات تتعلق بالكتابة والقصة، وذلك حوالي عام 2005. ومن هنا جاءت فكرة دار النشر.
14- قبل إنشاء دار النشر قدمنا سلسلة كتب تحت اسم “مدونات مصرية للجيب”، وتعتبر البداية لأول كتب منشورة، ومن بعدها جاءت دار النشر وبدأت في نشر كتبي.
15- في دار “دوّن” دائما نراهن على القارئ الذي لم يخذلنا أبدا، فمنذ تأسيسنا للدار كنا نراهن على انجذاب القارئ للمحتوى الجيد وشرائه مهما كان. قبل بداية الدورة المنقضية من معرض الكتاب كان هناك تخوف بسبب الزيادة الكبيرة التي شهدتها أسعار سوق الكتب، لكن كنا نرى أن القارئ سيبحث عن الكتاب الجيد وسيذهب له.
16- توقعنا أن تكون عملية الاختيار من القارئ ستكون أقوى، وسيقلل القارئ عملية التجريب في الكتب لأنه سيختار بعناية ما يريده بالضبط نتيجة لأن الميزانية لم تعد كافية كالسابق. فالقارئ لم يخذلنا وكسبنا الرهان. فالقارئ المصري مبهر.
17- الظروف الاقتصادية ومخاوف إقامة الدورة 54 من المعرض لم تؤثر على اختياراتنا للأعمال المنشورة في تلك الدورة بنسبة كبيرة، قد تكون أثرت بشكل طفيف جدا. لكننا عموما في دار “دوّن” نعمل بجد في مرحلة الاختيار والتحرير حتى نطمئن أن المنتج المطروح سيكون في أفضل صورة ممكنة، وبالتالي نكسب ثقة القارئ. وهو ما جعل العديد من القراء ينتظرون أعمالنا الجديدة لثقتهم في المحتوى الذي نقدمه فهو مضمون مع تنوع الأذواق.
18- دار “دوّن” تركز بشكل كبير مع الشباب، لكنها ليست دار شبابية بالمعنى الحرفي، فهي دار لديها تنوع كبير في الإصدرات، وذلك التنوع مناسب لكل الأعمار. فلدينا كتب في الفلسفة والتاريخ والفكر وقصص أدبية رصينة وترجمات لروايات أدبية، ولدينا أيضا خط الشباب والرعب وكتابات الجريمة والبوليسية، فكلا الخطين موجودين.
19- يمكن أن تكون الدار قادرة بشكل أكبر للوصول إلى الشباب وتؤثر بهم، وهو الأمر الذي نحبه جدا ونفرح به. لكن لدينا آباء وأجداد يشترون كتب “دوّن” أيضا.
20- نحن مهتمون بكتب تطوير الذات، ونهتم بتطوير الذات لكن من منظور علم النفس وعلم الإدارة، لأن هناك كتب تنمية بشرية لا نشعر بجديتها ونشعر أن المحتوى الخاص بها مجرد تجميع لمعلومات من الإنترنت فقط. لكننا نهتم جدا بأن تكون الكتب المنشورة لدينا في هذا المجال تعمل على تطوير الشخصية على مستوى الإدارة وعلم النفس.
21- لا أستطيع أن أصف نشر “دوّن” لكتب تطوير الذات هو توجه، لكنه اهتمام وخط مهم لمن يريد القراءة في ذلك المجال.
22- لا يوجد معادلة واضحة تقول إن كتاب معين سيكون “بيست سيلر”، ولا يوجد وصفة يستطيع أي ناشر أن يتبعها ليحقق كتاب أكثر مبيعا. الرهان بالكامل يكون على المحتوى.
23- في النهاية نحن نسوق لكافة الكتب، ولكن يوجد موضوع معين مكتوب بطريقة شيقة ويوجد به إفادة أو متعة، يتحدث عنه الناس ويرشحونه لبعضهم فيحدث نوع من الاتفاق غير المنظم بأنه كتاب جيد، فيصبح الكتاب “بيست سيلر”.
24- دار “دوّن” تعمل بشكل كبير على إعداد محتوى ممتع وشيق وجيد، وربما يكون كتاب منهم هو الأكثر مبيعا.
25- نتعاون بشكل عام مع الإعلام ككل، سواء كان صحافة مطبوعة أو إلكترونية أو أشخاص مؤثرين أو من يقدمون مراجعات للكتب. نحن نرحب جدا بمن يأتي إلينا في جناح دار “دوّن” ويخبرنا بأنه يقدم عمل إعلامي أو صحفي للكتب ويرغب في اقتناء نسخة هدية من كتاب معين، لا يوجد لدينا أي مشكلة في ذلك.
26- نرى أن مثل ذلك التسويق يخدم المؤلف والترويج للكتاب. وبشكل عام مشجعة للناس بأن يقدمون تقييمات وريفيوهات عن الكتب التي تم قرأتها، ونحب أن يصبح ذلك الأمر متداولا.
27- جميع كتبي نشرتها دار “دوّن”، ولديّ كيمياء مع فريق العمل في الدار. وأنا جزء من الفريق، فلم أشعر بأن لديّ استعداد لنشر أعمالي خارجها، “مش ناقصني حاجة عشان أطلع لمكان تاني”.
28- جودة المحتوى هي الأولوية بالنسبة لنا، ويوجد لدينا فريق نشر ولجنة قراءة تقرأ العمل أكثر من مرة لتقييمه ومناقشته قبل الإنتاج.
29- ونعتمد على ألا يكون الموضوع الذي سيُنشر سبق وتم نشر موضوع مماثل لدينا، أو أن تكون قصة مشابهة لقصة تم نشرها لدينا. ونأخذ في الاعتبار تماسك الموضوع وجودة الأسلوب، وعندما يكون كتابا علميا أو متخصصا فنسعى للتأكد من المعلومات المذكورة بداخله من خلال البحث والتدقيق.
30- كل عام لدينا خطة نشر معينة تجعلنا ملتزمين عدديا بتقديم كتب بعدد معين، وخطة النشر تلك تحكمنا بشكل كبير.