إسراء إبراهيم
عندما تبحث عن فيلم رومانسي في الوقت الحالي يناسب أجواء عيد الحب المُقبلة علينا، سيتبادر إلى ذهنك فيلم “أنا لحبيبي” الذي طُرح قبل أيام في دور العرض، ويحقق إيرادات معقولة حتى الآن.
فيلم “أنا لحبيبي” من بطولة كريم فهمي وياسمين رئيس وسوسن بدر ومحمد الشرنوبي وبيومي فؤاد ومحسن محيي الدين وأحمد حاتم، تأليف محمود زهران وإخراج هادي الباجوري.
اعتمد الفيلم في عرضه على سرد القصة على هيئة رواية مكونة من 5 فصول، كل فصل يحمل اسم أغنية من أغاني فيروز، وهو أمر محفز للمشاهد في بداية الفيلم، والفكرة هنا غير تقليدية، لكن التقليدي أن الفيلم نفسه تقليدي! وهنا نستحضر إيفيه ماجد الكدواني في فيلم “لا تراجع ولا استسلام” عندما كان يضع الخطة وقال إنها من “كتر ما هي مهروسة محدش هيتوقعها”، وهو الأمر الذي فضله صناع عمل “أنا لحبيبي” تقليدية مفرطة في الحكاية، البنت التي تقع في حب شاب حالته الاجتماعية والمالية أقل منها، فيتدخل طرف من عائلة الابنة لمنع تلك الزيجة!
لم تكن التقليدية وحدها هي عيب الفيلم، لكن المشكلة أن الفيلم عبارة عن رواية هابطة بالفعل، أنقذها فقط نهايتها المؤثرة! ولا يوجد بها محتوى أو أحداث أو أي شيء، مجرد حكاية فارغة وخالية من أي أحداث قوية أو ترابط، يتعرف البطل على البطلة في قطار وتفوتهما الرحلة ليقعا في حب بعضهما البعض في ظرف يوم ونصف بشكل سريع ومبالغ فيه، ولا يمت بأن الشخصين كانا غرباء عن بعضهما قبل ساعات فقط! الأمر المبهر والساذج هو عثور طرفي الحكاية على بعضهما عبر الفيس بوك بدون معرفة أسمائهم بشكل كامل.
تفاصيل كثيرة في الفيلم لم تأخذ وقتها وكأن صناع العمل استيقظوا من النوم ليصنعوا فيلم رومانسيا فقط، لم يمهدوا لأي أحداث ولم تظهر تفاصيل كثيرة كانت ستؤثر في مجرى الأحداث، كفكرة حب الثنائي الأبطال للسيدة فيروز، لم يمهد المؤلف والمخرج لقصة حب كلاهما لذلك العنصر اللطيف الذي يجمعهما ويعبر عن حالة حبهما، بشكل عابر تحدث كريم فهمي عن حبه لأغنية لفيروز ومن ثم أصبحت فيروز العنصر الأساسي في العمل حتى أن اسم الفيلم على أغنيتها الشهيرة. ظهور أحمد حاتم في العمل لم يكن مؤثرا وإذا فصل المشاهد عن المشاهدة لدقائق سيسقط منه دور “حاتم”! ظهور فاتر غير مؤثر ولا يوجد له مبرر درامي قوي.
التمثيل داخل الفيلم ظهر وكأنه اسكتشات مسرحية، أو كوميكس مرسومة على طريقة الروايات. أداء ضعيف، مشاهد قوية تمر مرور الكرام ولا تُفرد لها المساحة الكافية كمشهد انتحار ياسمين رئيس. الاستعانة بالفنان محمد الشرنوبي لتحكي له البطلة قصتها لم يكن أفضل اختيار ولو حكت بمفردها الحكاية وكأنها تكتبها لكان أفضل. بعض المشاهد من الفيلم فقط هي التي ستتذكرها وهي الأقوى بالفعل داخله وأثرت في المشاهد، كمشهد إصرار ياسمين رئيس على المحاولة مرة أخرى مع والدتها التي ترفض الزواج، ومشهد مواجهتها مع والدها، ومشهد وفاة كريم فهمي. ولعل تلك المشاهد هي ما رفعت من مستوى الفيلم في الجزء الأخير منه ما جعل المشاهدين يخرجون من الفيلم متأثرين بالمشاهد الأقوى التي غيرت بعض الشيء من قوة الفيلم.
سوسن بدر وبيومي فؤاد كانا الأقوى في حلقة التمثيل داخل الفيلم، ظهور “فؤاد” في دور مختلف عن أدواره جعله مميزا رغم صغر مساحة الدور، وتميزت “بدر” في دور الأم المتسلطة التي تحاول إيقاف الزواج بأي شكل من الأشكال، وكنت أتمنى رؤيتها في مشاهد أكبر أو أن يحدث مشهد مواجهة بينها وبين الابنة، أو أن يأخذ مشهد الانتحار حقه كما ينبغي.
الشيء المميز في الفيلم كان التصوير والأماكن التي اعتمدها المخرج هادي الباجوري، منها الأقصر وأسوان ونوبيع وسيناء.
ما يثير الاستغراب هي حالة الإشادة الكبيرة التي يشهدها الفيلم على السوشيال ميديا، والتي دفعتني لمشاهدة الفيلم. فالجمهور يعبر عن اشتياقه لأفلام رومانسية وأن الفيلم بالفعل لبى رغبتهم، وإذا تعاملنا مع الأمر بحسن نية وأن الجمهور بالفعل يشيد بالفيلم وليست حملات مدفوعة، فأننا أمام مؤشر يدعو المنتجين للتأمل فالجمهور متشوق للأفلام الرومانسية فأين هذا التوجه من صناعة السينما في السنوات الأخيرة! الجمهور يعبر عن فرحه بفيلم ليس مُتقنا بالشكل المطلوب لمجرد فقط رغبتهم في مشاهدة الرومانسية على الشاشة.