منذ فترة طويلة لم اشاهد افلام سينمائية ربما بسبب انشغالى فيما بعد ثورة يناير وربما بسبب تراجع مستوى الافلام وربما بسبب عدم تشجيع المعارف والاصدقاء والاقارب على زيارة السينما، وبالصدفة شاهدت ليلة العيد مع بعض الاصدقاء فيلم “اهواك” بطولة تامر حسنى وغادة عادل ومن انتاج “السبكى” شارك فى السيناريو “وليد يوسف “وتأليف واخراج “محمد سامى”
الفيلم فكرته لطيفة وممكن ان تصنع فيلم كوميدى رومانسى جيد يتيح لبطله “تامر حسنى” ان يوظف بعض اغانيه خلال الاحداث، رغم ان الفكرة مكررة وتقوم على مفارقة منطقية وهى ان طبيب تجميل تأخر فى الزواج لانه يريد ان يتزوج عن حب وتفاهم، لكنه ينهار امام اصرار اخته الكبرى والتى ترشح له صديقة ابنها فى المدرسة ورغم اعتراض الطبيب على صغر سنها الا انه يذهب لرؤيتها ويعجب بنضارتها وجاذبيتها.
ولكن المفارقة انه عندما يذهب لخطبتها فى منزلها ويشاهد والدتها المطلقة ينبهر بها ويعيد حساباته ويقرر توجيه مشاعره للام المطلقة، وتكتمل المفارقة حينما يتضح ان ابن اخته المراهق يهيم عشقاً بالبنوتة الصغيرة، والى هنا تبدو الاحداث منطقية وتنبأ بمشروع فيلم لذيذ ومختلف والاهم كوميدى، لكن للاسف الشديد لجأ كاتب السيناريو مباشرة الى الاستسهال وبدأ الفيلم يدخل فى سلسلة غير منطقية من الاحداث وكأن السيناريو اشبه بقصص الاطفال او افلام الكارتون.
ووضح الهدف من السيناريو وهو ان يتم حشر مجموعة من المشاهد الكوميدية والعاطفية بدون مبررات منطقية حتى يتم تمرير اكبر كمية ممكنة من الافيهات المستهلكة التى يعشقها “تامر حسنى”، فمثلاً نجد ان الام وابنتها تسافران العين السخنة ويذهب معهم الطبيب بدون اى صفة منطقية حتى قبل ان يطلب يد البنت رسمياً، ثم فجأة ترجع البنت للقاهرة وبعدها صديقة الام ويبقى “تامر حسنى” وحده مع الام فى المنزل بلا اى مبرر منطقى او اخلاقى او اى شئ !!
ويظهر فجأة الاب “محمود حميدة” وتبدأ فاصل من الامور غير المنطقية (خصوصاً فى مجتمع مثل المجتمع المصرى) فنجد الاب يطلق زوجته الجديدة ويحاول استعادة مشاعره مع طليقته “غادة عادل”، ثم فجأة يقرر الاقامة مع الطبيب فى منزله بحجة انه لا يمتلك شقة فى القاهرة وهنا اصبح السيناريو لا يصلح حتى فى برنامج “مواقف وطرائف”، وبعد سلسلة من الاحداث غير المنطقية تعود الامور الى المسار الطبيعى ويعلن الشاب الصغير عن حبه لزميلته فى مشهد رومانسى بديع وتقرر الام الاستسلام الى مشاعر الحب مع الطبيب ويعود الاب الى طليقته الجديدة .. وتوتة توتة فرغت الحدوتة !!!!
اسوء ما فى الفيلم انه من البداية خلق حاجز نفسى بينه وبين المشاهد فكل شئ مقتبس بداية من السيناريو، الديكورات، نمط الحياة، الاكسسورات حتى ملابس وستايل الابطال، قديماً كانوا يقتبسون قصص الافلام ويجتهدون فى تمصير الاحداث اما صناع هذا الفيلم فاختصروا المسافات واقتبسوا كل شئ منذ المشهد الاول للفيلم فى عيادة طبيب واسعة على النمط الامريكى، وايضاً شخصية مساعدة الطبيب البدينة (المهروسة فى عشرات الافلام)، وكذلك بيوت الابطال وتوزيع الاضاءة والديكور والتى يصعب ان تكون فى مصر، وايضاً مواصفات الشاب الصغير ابن اخت “تامر حسنى” هو استنساخ لشخصية الطالب الجامعى الخجول المقدمة فى عشرات الافلام الامريكية، بالاضافة الى ان ملابس “غادة غادل” ومكياجها البسيط جعلها قريبة الشبه من نجمات هوليوود فى نفس المرحلة العمرية، حتى شخصية “محمود حميدة” الاب و الزوج الخائن والذى لا زال يحتفظ بكاريزما خاصة لدى طليقته هو ايضاً مشابه تماماً لمئات الشخصيات المماثلة فى الافلام الاجنبية، ولذلك اصبح الفيلم يفتقد الى السيناريو المنطقى والمحكم والاهم انه اصبح يتكلم عن اشخاص غير موجودين بيننا وبالتالى اصبح فيلماً اجنبياً يتكلم ابطاله باللغة العربية.
صحيح ان المخرج “محمد سامى” اجتهد فى توزيع الاضاءة الموحية واستخدام الديكور الرائع وبعض الرموز والاسقاطات الا ان كل تلك العناصر جعلت الفيلم اقرب للفيديو كليب وليس الفيلم السينمائى، لان اساس اى عمل سينمائى او درامى هو نص جيد ومحكم والتطورات فيه منطقية وعندما يغيب ذلك النص يتحول العمل الى مجموعة من الكليبات او الاسكتشات المسلية، التى افسدت معظمها الالفاظ المنفرة والايحاءات التى تم استخدامها بشكل مقزز ومبالغ فيه الا ان يمكن ان يكون متوقعاً فى ظل انتاج “السبكى” !!
لكن لا يمكن ان ان ننكر ان الشاب “احمد مالك” ادى دور ابن اخت البطل الخجول ببراعة وينبأ بممثل جيد، والشابة التى ادت دور ابنة “غادة عادل” مشروع ممثلة جيدة ولها حضور، وكذلك ادت باقتدار “امل رزق” دور شقيقة البطل المحبطة من حياتها مع زوجها والتى تعوضها فى تسلطها على ابنها وحبها المبالغ فيه له، بينما كانت “انتصار” قنبلة كوميدية فى دور المطلقة المحرومة، اما “محمود حميدة” فرغم تمكنه من اداء دوره الا انى ارى انه دور لا يتناسب مع خبراته وثقافته، بينما تألقت كالعادة “غادة عادل” فى الملابس والستايل واستغلت ان الدور ملائم لشخصيتها وعمرها، واخيراً ظهر “تامر حسنى” افضل تمثيلياً من معظم افلامه السابقة ولم يعتمد على الغناء الا فى اغنية قصيرة كانت موظفة جيداً ضمن احداث الفيلم.
المشكلة الحقيقية فى الفيلم كما ذكر احد الاصدقاء خلال العرض انه فيلم استهلاكى تراه ليلة العيد وتستمتع به ثم بعد خروجك من السينما تنسى احداثه تماماً كما تفعل باكياس اللب والسودانى بعد ان تتسلى بما فى داخلها وتتخلص منها !!!!!!