رباب طلعت
بأجواء عشرينية وثلاثينية، ظهر أبطال مسلسل “سوق الكانتو” أمير كرارة ومي عز الدين وفتحي عبدالوهاب، على بوستر العمل المنتظر عرضه في رمضان 2023، بأزياء عشرينية، وصفها البعض بـ الأوروبية، مما أثار لغطًا حول ما إذا كانت تلك الأزياء كانت منتشرة في مصر وقتئذ، أم أنها من وحي صناع العمل.
وللحديث عن أزياء العمل، وكيفية التحضير له، تواصل “إعلام دوت كوم” مع ستايلست “سوق الكانتو” مروة عبدالسميع، التي كشفت عن مراجعها وتحضيراتها لأزياء العمل، ومعايشتها لتلك الفترة المميزة في تاريخ مصر، وتنوع شكل الشارع المصري وقتها.
في البداية حدثتنا “عبدالسميع” عن العمل، قائلة إن أحداثه تدور في أواخر العشرينات، ومطلع الثلاثينات، لذا كان من المهم البحث عن مصادر أرخت تلك الفترة بأزيائها، مثل الصور والفيديوهات القديمة، لذا لجأنا لمجلة المصور، وحصلنا على كافة الأعداد التي طبعت في تلك الحقبة.
أضافت: وكذلك استوديو مصر، ففي ذلك الوقت لم يكن أحد يلتقط صورًا إلا فيه، لذلك كان مرجعًا هامًا بالنسبة لنا، بالإضافة لفضاء الإنترنت الواسع، فهو ثري جدًا بالصور والفيديوهات لمصر القديمة، والتي فادتنا في بحثنا.
وأشارت إلى أنها اشترت من أمريكا كتبًا بها موديلات ذلك العصر، وأخرجت منه عدد من البوردات والباترونات، التي استخدمتها في تصميم ملابس العمل.
أكدت ستايلست “سوق الكانتو”، أنها طيلة شهر كامل كانت تبحث فقط عن المصادر والمراجع، لدراسة أزياء تلك الفترة بإتقان، وكان من أبرز المصادر التي لجأت لها الأعمال الفنية السابقة التي تم تصويرها في تلك الفترة، أو عن تلك الفترة.
أوضحت مروة عبدالسميع: كان هناك عدد لا بأس به من الأفلام والمسلسلات التي تناولت تلك الفترة، وبالطبع شاهدتها لمعرفة الملامح الرئيسية للأزياء وقتها، ومنها على سبيل المثال (peaky blinders) لأنه من أشهر الأعمال التي تناولت الفترة من نهاية العشرينات لبداية الثلاثينات، بالإضافة إلى ( great gatsby وamsterdam movie) وغيرهم.
الاستايلست مروة عبدالسميع، أكدت أيضًا أن ذائقة الشارع المصري في تلك الفترة كانت منوعة في اختيار الملابس، ولكنها كانت شديدة التطور، وتجاري الأزياء العالمية، فالمصريين في ذلك الوقت كانوا يرتدون مثل الأوروبيين، ولم يكن هناك اختلاف.
ولشرح الاختلاف الذي ظهر في البرومو في ملابس الفنانين ما بين أزياء أوروبية وأخرى مصرية شعبية، قالت: مصر في ذلك الوقت كانت مقسومة لقسمين مصر الخديوية والشعبية، الخديوية كان أهلها يرتدون أزياء أوروبية، خاصة أنه كان وقت احتلال، والشعبية، كان يغلب عليهم ارتداء “الجلاليب”، فالصور كان بها رجال يرتدون “جلابية” وفوقها “بالطو”، وآخرين “بليزرات قصيرة”.
أضافت، بجانب هؤلاء كانت هناك الطرابيش، ولكنها كانت بدأت موضتها تتراجع قليلًا، واقتصرت وقتئذ بشكل كبير على الوظائف الحكومية والطلاب، وآخرين كانوا يرتدون البدل “الأفرنجي” على “بورنيطة” أو طربوش بقدر أقل.
استطردت “عبدالسميع” قائلة إنهم حرصوا على تجميع صور طبيعية للشارع المصري في ذلك الوقت، لمعرفة تلك الاختلافات، وكان من أهم المراجع المصرية فيلم صامت من أوائل الأفلام الصامتة التي تم تصويرها في تلك الفترة الزمنية وهو “برسوم يبحث عن وظيفة”، ومن البحث والتدقيق في صور تلك الفترة ظهر التنوع والاختلاف بشكل كبير، موضحة “جمعنا كل الداتا صور حقيقية للمصريين وفيديوهات قصيرة أوي وكان اللوك والميكس كده واحدة ماشية بملاية لف وواحدة ماشية بأفرنجي وراجل لابس بدلة بطربوش وبدلة ببرنيطة وجلبية عليها بليزر وجلابية عليها بالطو”.
وعن الاتهامات التي واجهها فريق عمل المسلسل، حول اقتباسه أو تقليده لمسلسل (peaky blinders) الشهير، قالت: “انا بستغرب جملة مأخوذ من دي”، لافتة إلى أن تلك أزياء عصر وليست اقتباس من عمل ما، موضحة: “احنا دلوقتي لما بنيجي نعمل فيلم موضة 2023 والممثل لابس جاكت جينز زي الحاجات الموضة حاليا وفي واحد ممثل في أمريكا أو أوروبا أو كده ولابس نفس الجاكت.. هل كده واخدينه منه؟.. دي أزياء عصر مش نقل عن حد”.
وعن سبب التشابه بين أزياء فناني “سوق الكانتو” و(peaky blinders) أوضحت أن العمل تدور أحداثه أيضًا في نفس الفترة الزمنية (أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات)، والمجتمع المصري كان (up to date وبنلبس زي الأوروبيين بالظبط) على حد تعبيرها.
وفي السياق نفسه أشارت إلى أن “سوق الكانتو” هو سوق كان متواجد في مصر، وكان يتم جلب وبيع البالة الأوروبية فيه، لذا فمن المنطقي وجود شبه كبير، مرجحة أن صناع العمل الأجنبي لجأوا لنفس المراجع التاريخية الخاصة بأزياء تلك الفترة.
فيما أكدت أنها كما ذكرت سابقًا، لجأت لصور مصريين حقيقيين في تلك الفترة، وعلى سبيل المثال، ففستان مي عز الدين الذي ظهر في “البوستر” هو نفسه التي ظهرت به موديل إعلان قديم لـ”صيدناوي”، وذلك استوحت أزياء الرجال من ملابس سعد باشا زغلول على أحد البوسترات عام 1992.
واختتمت حديثها في تلك النقطة موضحة أن (peaky blinders) عمل لاقى نجاحًا وشهرة واسعة جدًا، والجمهور ليس لديه المعرفة الدقيقة بأزياء تلك الفترة الزمنية، وتعرفوا عليها من خلاله، فظنوا أن “ستايلست” العمل هو من اخترها، وذلك ليس حقيقي أبدًا، فنحن كمصممين نؤرخ الأزياء في الفترات الزمنية المختلفة، ولا نخترعها، وهناك أمر يجب الإشارة إليه أن العمل به مزيج مختلف بين الأفرنجي والشعبي، سيراه المشاهدين خلال الأحداث، بعيدا عن peaky blinders.
الجدير بالذكر أن “سوق الكانتو” أحد الأعمال المصرية المشاركة في السباق الدرامي في رمضان 2023، وتدور أحداث المسلسل حول رحلة صعود شاب اسمه طه ويجسد دوره الفنان أمير كرارة، يناضل ضد الإنجليز، ويتحول إلى أحد أهم تجار سوق الكانتو، ويقع في حب خياطة، تقدم شخصيتها الفنانة مي عز الدين، وتبدأ العديد من الصراعات والأحداث التي يخوضها طه.