الإيجار القديم في مصر زي الراديو.. من الحاجات القليلة اللي قدرت تقاوم تغيرات الزمن وتبلور نفسها.. ففي لحظة من اللحظات قدر الإيجار القديم يصمد وسط هوجة الإيجار الجديد.. وهوجة التمليك بعد الوسع اللي حصل في الرقعة السكنية وبدأ الناس تخرج لأماكن واسعة بعيدًا عن التكدس..
لكن الإيجار القديم ظل صامدًا له مأجريه ومستأجريه.. وهو نوع ممكن نسمية خليط تمليك بالإيجار.. فله ما للتمليك وعليه ما عليه.. وله ما للإيجار الجديد وعليه ما عليه..
فهناك أشخاص لا يرغبون في الاستقرار لفترات طويلة في شقة.. يرسمون ملامح حياتهم عليها ويثبتون وضع صغارهم في المدارس وسكن بعنوان ثابت دائمًا لكنهم لا يملكون ثمن امتلاك شقة لكن المبلغ لديهم يملكهم جزء من شقة فيتجهون للإيجار القديم فيكون معهم عقد إيجار لمدة 60 سنة (أو مهما اختلف) يدفعون أجر يكون مناسب للجميع..
لكن قبله يدفعون مبلغ كبير نسبيًا لصاحب الشقة وفي الغالب يحدث هذا من خلال المستأجر مبلغًا كبيرًا لصاحب الشقة مقابل عقد بـ 60 سنة..
يحدث هذا للشقة مرة واحدة.. لكن في العموم وما ستجده دائمًا هو أن مستأجر شقة قانون قديم يريد أن يرحل منها ومازال يمتلك عشرات السنوات في عقد الإيجار.. وهو في الشقة منذ سنوات قد تصل لعشرات السنوات فيكون الإيجار الخاص بالشقة مع تغير قيمة العملة قد أصبح زهيدًا..
يقوم الشخص ساكن الإيجار القديم حين يرغب في الرحيل عن الشقة بالبحث عن مستأجر جديد (يكون بالإتفاق مع مالك الشقة الأصلي) فيعطي المستأجر الجديد.. للمستأجر القديم للشقة مبلغًا من المال جيدًا يسمى (خلو رجل) مقابل أن يترك له الشقة.. فيستفيد المستأجر الجديد بشقة عقدها لـ 60 عاما.. ويستفيد المستأجر القديم بمبلغ مالي كتعويض لترك ما تبقى له من سنوات في عقد الإيجار.. ويستفيد المالك الأصلي للشقة بتعديل الإيجار ليكون مناسبًا..
لكن ليس مرتفع بالنسبة للظروف الاقتصادية التي تعيشها العاصمة وقت هذا العقد.. هي حيلة نفسية تشعرك أنك مالك وأنت لست مالك.. ولن يطالبك فيها أحد من الانتقال من الشقة قبل 60 سنة.. فيمكنك رسم حياتك من خلالها.. تجدها في السكن المتوسط والشعبي كثيرًا جدًا كما تجد الإيجار المفروش في السكن الراقي.