محمد هيثم رسالة الإمام
عادت مصر مرة أخرى لإنتاج المسلسلات التاريخية والدينية من خلال مسلسل “رسالة الإمام”، الذي يقوم ببطولته الفنان خالد النبوي، ويجسد فيه شخصية الإمام محمد بن إدريس الشافعي في الفترة التي عاشها في مصر.
ولا شك في أن اللغة العربية الفصحى إحدى الركائز الأساسية التي يعتمد عليها نجاح المسلسلات التاريخية والدينية، وبعد عرض الحلقة الأولى من “رسالة الإمام” نال العمل إعجاب الجماهير وأشاد به النقاد، وخاصة باللغة العربية الفصحى الدقيقة والسليمة المستخدمة في المسلسل.
لذلك تواصل “إعلام دوت كوم” مع الشاعر حاتم الأطير، المراجع اللغوي لمسلسل “رسالة الإمام”، لمعرفة تفاصيل مراجعة وتدقيق اللغة العربية في العمل؟ وكيف تتم هذه العملية؟ ولماذا تتحدث بعض الشخصيات باللغة المصرية العامية، والمراجع التي لجأ إليها للتحقق من أشعار الإمام الشافعي، وفيما يلي أبرز تصريحاته:
1- أنا في الأساس شاعر فصحى، وحاصل على جائزة الدولة التشجيعية عن أول ديوان لي “مسجد على القمر”، وتم ترشيحي لهذا العمل كمستشار ومراجع لغوي له، لوضع خطة لغوية للشخصيات، وبدء عملي في المسلسل منذ 3 أشهر ونصف لأن العمل ضخم جدا.
2- المسلسل به أكثر من مستوى لغوي، فهناك وجود للحوار العامي بين الشخصيات المصرية الدرامية، وهذه تعد سابقة في الأعمال الدرامية، لأن كثيرا من الناس يظنون أن أهل العصور السابقة كانوا يتحدثون اللغة العربية الفصحى وهذا غير صحصح وغير علمي.
3- عندما وصل الأمام الشافعي إلى مصر لم يكن المصريون يتحدثون اللغة العربية الفصحى بل كانت اللغة السائدة بين المصريين هي اللغة القبطية ونحن لا نمتلك قواما كاملا للغة القبطية لكي نخلق حوارات كاملة بين الشخصيات، فضلا عن أن اللغة القبطية ستحتاج إلى ترجمة لكن هناك بعض مفردات من اللغة القبطية في المسلسل.
4- استخدمنا اللغة البيضاء للشخصيات المصرية وهي لغة عامية مثقفة نُرجع فيها كل الألفاظ إلى مردود عربي فعلى سبيل المثال عندما نقول “عشان خاطري” نقول “لأجل خاطري”، وهذه اللغة التي يتحدث بها العوام المصريون في المسلسل، لأن المسلسل لا يسرد قصة حياة الإمام الشافعي كاملة، ولكن يسرد الفترة التي قضاها الإمام الشافعي في مصر.
5- المراجعة اللغوية شاقة جدا، فهي لا تقتصر على ضبط حركات إعرابية ولكن قد تصل إلى إعادة صياغة الجملة أو إعادة ضبط الاستعمال الاصطلاحي، والاستماع إلى كل متحدث في المسلسل حتى نطمئن أنه قال لغة سليمة.
6- الدكتور أحمد عمار هو من يضبط اللغة على الأوراق بعد المؤلف وأنا أراجع النطق أثناء التصوير بجانب الارتجال والتعديل الفوري للجمل، ومن ثم يأتي دور المراقب حسام مصطفى في المونتاج حتى يطمئن على ما تم تسجيله، وهذا الأمر يجيب أن يعلمه الناس لأنه ليس سهلا.
7- رأيت آراء وتقارير من كبار اللغويين العرب وليس المصرين فقط، أشادوا بدقة اللغة وسلامتها، وأعتقد أن ليلة أمس كان الحديث الأول والأخير عن مسلسل “رسالة الإمام”.
8- تحقيق أشعار الإمام الشافعي أخذ مني وقتا طويلا، لأن هناك العديد من النسخ بتحقيقات عدة، وهناك تضارب روايات، والمرجع الأول لنا كان أشعار الشافعي، لأنه منتحل عليه أقوال كثيرة، فأخذنا مما هو مثبت ومحقق.
9- قرأنا أغلب كتب الإمام الشافعي، وحاولنا استنطاق لغته ولكن بروحا معاصرة، حتى تكون اللغة جسر بين عوالم الإمام وروح العصر ولم نميل إلى اللغة الفقهية إلا في جلسات العلم أو المناظرات العلمية.
10- جميعنا لدينا ظن أن الناس لا تحب اللغة العربية الفصحى ولا تفهمهما وهذا أمر خاطىء فالناس متعطشة إلى اللغة، ويحبونها، وأتمنى أن يكون هذا المسلسل إعادة لاهتمام الناس باللغة العربية.
11- نحن نقدم لغة وتاريخا وشعرا، وأعتقد هذا لم يقدم منذ فترة ولم يتوقع أحد إننا نقدر على تقديم هذه اللغة من العلم والرقي والثقافة ولكننا نقدر على أكثر من ذلك، ولكن نحتاج إلى الصبر في الحكم.
12- نعلم أن الناس تشتاق لعمل تاريخي باللغة العربية الفصحى، والبعض يتهم مصر بأنها غير قادرة على صناعة عمل تاريخي باللغة العربية الفصحى السليمة، وهذا عار تماما من الصحة وأمر مهين، فجميعنا نعرف ريادة مصر في الدراما بشكل عام ولا سيما في الدراما التاريخية.
13- نتمنى أن يكون هذا المسلسل بداية لعودة الدراما التاريخية في مصر، ولكننا نحتاج إلى دعم الناس، والابتعاد عن النقد السيء أو الهادم.
14- الفنان خالد النبوي أستاذ عظيم، ومثقف كبير، ويعلم في اللغة العربية الفصحى ويحبها، ويقدر من أمامه.