تعرف على سر دمج اللغتين الفصحى والعامية برسالة الإمام
جدل كبير أثير مؤخرا عقب عرض الحلقات الأولى من مسلسل “رسالة الإمام” الذي يقوم ببطولته الفنان خالد النبوي بمشاركة نخبة من النجوم، ضمن الموسم الرمضاني الحالي، عبر شاشة “الحياة“، ومنصة “WATCH IT”، وذلك بسبب تحدث شخصيات العمل باللغتين الفصحى والعامية.
تواصل “إعلام دوت كوم” مع علاء عزمي الباحث التاريخي للمسلسل، الذي كشف عن سبب دمج اللغتين، وجاءت تصريحاته كالآتي:
1- تدور غالبية الحوارات بالعربية الفصحى مع تطعيم حوارات “أهل مصر” من الأقباط والمسلمين بالعامية المشتقة من اللغة القبطية التي كانت سائدة في أواخر القرن الثاني الهجري.
2- اللغة في المسلسل كان خيارا دراميا، وهناك الكثير من الأعمال التي اعتمدت العامية لسهولة انتشارها أو لأسباب فنية درامية كما هو الحال بالنسبة لأعمال مثل “المصير والناصر صلاح الدين والزيني بركات وغيرها” ولم يؤثر ذلك على القيمة الفكرية والإبداعية للعمل.
3- استخدام العامية في بعض مواضع المسلسل، وعلى لسان شخصيات بعينها، إنما له ما يبرره، وهو عدم اللجوء إلى حتمية استعمال القبطية التي كان يتحدث بها معظم عوام المصريين في تلك الفترة، في الصعيد والكثير من مناطق الدلتا والإسكندرية، فضًلا عن كثيرين منهم ممن تواجدوا في الفسطاط وحولها، أو ممن لم يعتنقوا الإسلام أو لم يعملوا في الدواوين أو لم يعيشوا في الحواضر الإسلامية المصرية العامرة.
4- حوارات الإمام الشافعي في المسجد، وكل ما يتعلق بحياته قبيل قدومه مصر، واستخدام أشعاره وأقواله المأثورة، وقبلها جميعًا استشهاده الدائم بآيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية العطرة، إنما صبت جميعها في اتجاه تقديم وجبة عربية فصيحة دسمة وشيقة.
5- اللغة العربية الفصحى الرصينة حاضرة بقوة في المسلسل على لسان فقهاء الفسطاط والساسة ورجال الحكم والجند والقادمون من الحجاز وطلبة العلم وغيرهم، أما العامية المستخدمة وبجانب كونها اختيارا دراميا، فإنها جاءت مناسبة ومستقيمة لأهل مصر في أزمنة سابقة، وأيضا غير غريبة بالنسبة للمشاهد العصري في الزمن الحالي.
6- اللغة القبطية كانت سائدة في عموم مصر في نهاية القرن الثاني الهجري. وفي دراسة بعنوان “عندما أصبحت اللغة العربيّة لغة القّديسين Arabic When- “Saints of Language the Became للباحث في علم المصريّات والتاريخ القبطي بجامعة مونستر الألمانية صموئيل معوض، يتضح أن انتقال عوام الأقباط من اللغة القبطية إلى اللغة العربية قد ّتم بشكل تدريجي.
7- تقول الدراسة المتاحة في نسخة انجليزية، إن اللسان العربي بدأ غريباً بين الأقباط في القرن السابع الميلادي، حينما دخل الإسلام إلى مصر ثم اختلط تدريجياً باللسان القبطي، لتنشأ مرحلة صراع بين اللغتين على ألسنة المصريين، الذين ظلّوا لقرون مزدوجي اللغة، ثم انتهى الأمر لصالح العربيّة.
8- الأمر ُحسم تقريباً لصالح اللغة العربية في القرن الثاني عشر، أي بعد أحداث مسلسل رسالة الإمام بثلاثة قرون حينما تُرجم الكتاب المقّدس إلى العربيّة، أي بعد أكثر من 500 عام على دخول المسلمين مصر.
9- أقباط مصر من عامة الشعب كانوا يستخدمون اللغة القبطية في حياتهم، ولكن منهم -تحت سطوة اللغة العربية التي بدأت في فرض نفوذها- وجدوا أنفسهم مضطرين لتعلم العربية واستخدامها.
10- نستطيع أن نذهب لما هو أبعد من ذلك، ونقول إن القبطية لم تنته تماما إلى الآن.. ماذا مثال عن “أمشير” و”توت” و”طوبة”؟ وماذا عن “سنهور” و”صفط” و”أرمنت” و”سمنود”؟ وماذا عن “واوا” و”شوطة”. وماذا عن “بتاو” و”بصارة” و”ملوحة” و”بوري”؟ وماذا عن “سريس” و”سنط” و”شكوريا”؟ كلها مفردات حية إلى الآن؟ أما عن تأثيرات القبطية على العربية فحدث ولا حرج.
11- كان الخيار الدرامي هو استخدام اللغة العامية أو العربية البيضاء في المسلسل حتى لا يجبر القائمون على العمل على حتمية ظهور الكثير من شخصيات المسلسل متحدثين باللغة القبطية، ومع ذلك تظل اللغة الفصيحة هي درة جماليات مسلسل “رسالة الإمام”.
يشار إلى أن المسلسل بطولة خالد النبوي، نضال الشافعي، محمد الشرنوبي، أشرف عبد الغفور، خالد أنور، أروى جودة، فرح بسيسو وسلمى أبو ضيف، من إخراج الليث حجو، وتأليف ورشة كتابة تحت إشراف محمد هشام عبية.
تدور أحداثه حول حياة الإمام الشافعي في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري، وإقامته في مصر، والتي كانت تشهد حالة من الصراعات على السلطة والتشتت المذهبي، ليسهم بحضوره تخطي هذه العقبات.