من عمرو أديب لنجوم رمضان 2023 : لا تزرعوا في البحر
إيمان مندور
في عام 2017، حين عاد الإعلامي عمرو أديب للشاشة بعد أزمة صحية طارئة ألمّت به، ألا وهي إصابته بجلطة في القلب، تحدث في أول ظهور له عن تجربته مع المرض وكيف اكتشف خلالها أن مجهود 20 عامًا من العمل الإعلامي لم يذهب هباءً، فقد تسابق الجميع للاطمئنان عليه وعرض المساعدة، من أكبر مسؤول في الدولة وملوك ورؤساء دول مجاورة، لأصغر عامل ومشاهد في الوطن العربي.
“اختلف معايا زي ما تحب، بس أنا اتأكدت إن بقالي 20 سنة مبزرعش في البحر.. حسيت بحب واهتمام جبار محستهوش قبل كده”.. بهذه الجملة عبّر الإعلامي الأكثر شهرة في مصر عن حالة الامتنان التي غمرته إبّان تلك الأزمة، لكنه كان أكثر واقعية حين تحدث أيضًا عن طبيعة المهنة وحياة الشهرة عمومًا.. “المذيع عمره المهني قصیر، یعنى لو غبت كام يوم عن الناس محدش هيفتكرك تاني، أول ما اللمبة تنطفي خلاص.. هيظهر مكانك ألف حاجة تنسيهم إنك كنت موجود.”.
بالرغم من حجم الحب والدعم الطاغي الذي شعر به في أزمته، إلا أن ما أثار قلقه كان تساؤلات منطقية، فإذا تقاعدت وتوقفت عن ممارسة المهنة هل سيتذكرك الجميع بنفس القدر من الاهتمام؟ أم يتأثر حجم الاهتمام بزوال المهنة؟ أم بحجم النجاح وإثارة الجدل فيها؟!
أسئلة كثيرة نستخلصها من حديث عمرو أديب، ويمكننا إسقاطها على الوضع الحالي لكثير من المشاهير خلال شهر رمضان 2023، لا سيما في مجال الفن والإعلام.
مثلًا يمكننا التساؤل عن رصيد المحبة والاهتمام الذي يمكن أن تحصده فنانة تجاوزت السبعين من عمرها، لكنها لا تزال تظهر في البرامج للحديث عن خيانة زوجها، بعد ما يقرب من 50 عاماً على زواجهما وانفصالهما، بل ووفاة الزوج نفسه. وكذلك عن الإعلامية التي حاورتها في الأمر، والتي تستعرض وتتكلّف العفوية في برامجها، مثلما تظاهرت بالبكاء في مشهد غريب مع أحد المطربين.
نتساءل مثلًا عن فنانة لم يعد ظهورها مرتبطًا بشيء سوى الحديث عن بطانة فستانها، وزواجها وانفصالها من المنتج الشهير، الذي لم يعد يظهر هو أيضًا في البرامج إلا للحديث عن زوجتيه السابقتين، وكأن حياته تم اختصارها فيهما.. أو هي كذلك بالفعل.
عن الفنان الشاب الذي لم يخرج حتى الآن من عباءة ريأكشنات وطريقة إيفيهات والده الفنان الكوميدي الأشهر في مصر، لكنه يعلن أنه تريند لعدة أيام متتالية خلال رمضان رغم عدم تقديمه لأي مسلسل في الموسم الدرامي الحالي، أي يتفاخر بنجاح وتريند لم يره أحد سواه.
عن فنانة شابة أصبحت مثالًا سيئًا لعلاقة المشاهير بتيك توك، فتظل موجودة في بث مباشر “لايف” طوال الوقت، حتى أثناء وجودها في المطبخ وتجهيز الإفطار، وبعد انفصالها لم تكف عن “التلقيح” على طليقها ووالد أبنائها، وتؤكد في البرامج أن جميع زملائها في المهنة يكرهون بعضهم البعض، وما يجمعهم هو المصلحة فقط.
كل هؤلاء وغيرهم الكثير من محبي التصريحات الساخنة والتصرفات اللافتة للانتباه لو غابوا عن الشاشات هل سيتذكرهم الجمهور؟ وبم سيتذكرهم؟ وهل سيحصلون على اهتمام حقيقي حال تعرضهم لأزمات مهنية أو شخصية؟ وهل سيستمر الاهتمام أصلًا بعد خروجهم من المهنة؟
في النهاية، القيمة والسمعة الحقيقية هي ما يتذكره الناس عنك بعد انتهاء كل التريندات وخفوت نجمك في سماء التصريحات الساخنة والتصرفات اللافتة، فإن بقي لك ذِكر بالخير بعد ذلك، فقد نجوت، وإن لم يكن كذلك فقد أمضيت عمرك تزرع في البحر.. دون أن تدري!