أهم ما يميز مسلسل “تحت الوصاية” أننا نشاهد حدوتة مسلية وبها قدر كبير من الإثارة، وأعتقد كان هذا التحدي أمام “شيرين دياب” وأخيها “خالد دياب”.. كيف تبرز معاناة إنسان واقعية دون ملل أو تلقين؟
وكانت البداية بالبعد عن “القاهرة” وعدم إنشاء قصة روتينية عن معاناة أرملة وافتراء أهل الزوج عليها، لينتقلوا إلى عالم لم نشاهده كثيرا يساعد في تلقي الفكرة ألا وهو “عالم البحارة”، وخلق ملحمة بطلتها أرملة تسمى حنان “منى زكي”، تهرب من “الإسكندرية” حيث الصراع مع أهل زوجها والقانون الذي يحميهم بإعطائهم حق الوصاية على أولادها إلى “دمياط”، حيث الصراع مع المجتمع وتبخر سراب أحلامها بمواجهة أمراضه من التحرش والطمع والندالة في سبيل غاية نبيلة “الوصاية على أولادها”.
لنشاهد احتدام الصراع لذروته على ضفتين؛ الإسكندرية ودمياط، مما يخلق لنا عالمًا مثيرًا لحدوتة واقعية، تتعرض لها الأم الفاقدة لزوجها في مجتمعنا كل يوم، في إطار قصة درامية محكمة تضمن لك التسلية والقيمة.
ساعد في ذلك “الأفان تتر” الذي كانت أفضل فكرة لحكي تاريخ الصراع مع أهل الزوج دون العودة بفلاشات باك تفصل المشاهد عن خط سير الأحداث الحاضرة.
وربما استنتج المخرج “محمد شاكر خضير” وضع “حنان” بين صراعين في بلدتين مختلفين، فكانت النتيجة هي التصوير فيهم بأماكنهم الحية فضمنت المتعة البصرية وواقعية الأحداث.
كوني طبيب أسنان قبل أن أكون كاتب رأي ألاحظ “ابتسامة هوليوود الرديئة” قبل أي شيء التي نشاهدها بكثرة في السنين الأخيرة من الأعمال لأغلب النجوم، مما يفصلنا كثيرًا عن الشخصية التي يؤديها الممثل، وربما تلك الحدوتة تحديدا إذا كنا شاهدنا بطلتها بتلك الابتسامة لأفقدتنا التوحد مع القصة منذ اللحظة الأولى. لذلك يجب أن أشيد باختفاء تلك الظاهرة في هذا المسلسل الذي لا يتناسب معه ذلك بأي شكل من الأشكال. كذلك مشاهد الإنهاك والتعب على وجه البطلة تظهر جلية دون وجود “ميك اب كامل”، كما نشاهد وشاهدنا في بطلات أعمال تفعل ذلك وهم في مشهد يستدعي عكس ذلك، لنتأكد أننا أمام فنانة عدت مرحلة الاحتراف وتحلق بعيدًا بفنها.
على مر العصور نشاهد ممثلين من يمتلك منهم الموهبة ولا يملك الذكاء والعكس، ومن يمتلك الكاريزما ولا يمتلك حسن الاختيار ولا الموهبة، وهكذا يصعد أو يهبط نجم على حسب ما يمتلكه وكيف يديره.. “منى زكي” في رأيي تمتلك كل مقومات النجم، تمتلك موهبة قوية، حسن اختيار النصوص، وكذلك المخرجين الذين تعمل معهم؛ ذكاء في الرد علي حملات التشويه “لا ترد وتعمل فقط”، قوة حضور على الشاشة، وأخيرا الاجتهاد في تقمص الشخصية حتى مع وجود موهبتها القوية.
ولكن أهم ما يميز “منى زكي” في رأيي هو مغامرتها في اختيار الأدوار غير المعتادة التي تراهن على نجاحها، رغم أنها ليست بها الخلطة المضمونة للنجاح.
معركة “حنان” ليست ضد “رجل” كما تصرخ الجمعيات والمذيعات النسوية في الواقع الذي نعيشه في وجوهنا دومًا، المعركة ضد المجتمع الذي تكثر سكاكينه ضد “الأرملة” التي لا تريد شيئًا سوي أن يتركها المجتمع وشأنها تربي أولادها في سلام، ونشاهد ذلك في عم ربيع “رشدي الشامي” الذي يأخذ صف “حنان” في معركتها ضد حمدي “خالد كمال” و عيد “علي صبحي”، وكذلك أستاذ زكريا “احمد خالد صالح” بمساعدتها ومساعدة إبراهيم “علي الطيب” زوج أختها سناء “مها نصار”، فهم جميعًا عناصر رجال مع “حنان” في مواجهة المجتمع.
ذلك المجتمع الذي تخشى “حنان” أن تُعرفه حالتها الاجتماعية، وتردد أن زوجها ما زال على قيد الحياة مخافة ولا نعلم ما السبب تحديدًا لفعلها لذلك؟ ربما لأن هذا المجتمع يتغافل عن جرائم كجرائم صالح “دياب” وحمدي “خالد كمال” (في الواقع) ولا يتغافل مع فنانة أدت (مشهدًا تمثيليًا) لا يصنف بإغراء حتى من زاوية بعيدة، وسمح لنفسه الخوض في الأعراض وتشويهها وتشويه أعمالها قبل العرض.