سامحني يا صاحبي
مش عايز أتكلم عن سامية جمال زي ما اتعودنا: راح فين، وجه منين، وعاش ازاي، واتجوز مين، واتطلق ليه، واتوفى سنة كام.
جوجل عليه كل المعلومات اللازمة وأكتر.
لكن الروح، الروح ما ينفعش تترجم، الروح بـ تشوفها وإنت قاعد متسمر قدام الشاشة مستني بس تطل، مش ترقص.
“حافية القدمين” اللي غناها كاظم، قصيدة لـ نزار، ونزار واخدها من لقب اداه الجمهور لـ سامية، الست المصرية، اللي عاشت طول الوقت جوه مسافة كبيرة بين حالتين: حالة الناس شايفاها عليها، والحالة اللي هي عايشاها فعلا.
هي ملكة المساحات الواسعة، تتخنق لو ترقص مكانها، الرقص عندها حالة تخلي عن الوعي، كسر لـ المنطق، رفض لـ الواقع، بعد عن العيون، هروب دايم من مكان مجهول لـ مكان ما تعرفهوش.
هي المشغولة بـ جسمها، مش إنه يزيد في الحلاوة، لكن إنه ما يزيدش في الوزن، فضلت ما تاكلش لـ حد جاتلها أنيميا، وماتت بيها، وكانت نصيحتها لـ كل الرقاصات دايما، ما تتخنوش، خسوا، ما تاكلوش، وهي في الحقيقة كانت نصيحتها لـ نفسها، كان رعبها إنه ييجي يوم ما تقدر تجري زي الفراشة، حتى وهي عارفة إنها رايحة النار.
هي الشرقية اللي انسحر بيها الغرب، وخدوها فـ أفلام أمريكية وأسبانية، ولعبت البطولة في فيلم فرنسي، فيلم فرنسي، بس جي من عالم ألف ليلة، لعبت دور مرجانة جارية علي بابا، هي الشرق زي ما بـ يحبه الغرب.
هي جارية علي بابا، وعاشت جارية، وكل اللي حواليها عاملوها معاملة الجواري، مرات أبوها خلتها تكنس وتطبخ وتغسل وتقضي كل شغل البيت.
فريد الأطرش صاحبها سنين طويلة بس من غير جواز، مع رفض لـ كل طلباتها إنها تظهر معاه بـ اعتبارها شريكة حياته.
فاروق عرفها بعد ما بقى ملك مترهل على أطلال حكم مستني رصاصة الرحمة، وكان كل غرضه إنه يثبت لـ اللي حواليه، إنه الملك، عزيز، اللي محدش يقدر عليه ولا يقول لأ، وطول الوقت حابسها زي عفريته هانم في المصباح.
حلمت إنها تتجوز فاروق، وبعد طلاقه الحلم كبر، بس هو كان بـ يتعمد يصور إنها مجرد تسلية، وكان مسميها سمجة جمال.
هي الجارية، اللي قضت أواخر أيامها رافضة يكون عندها خدامين وخدامات، وأنهت حياتها زي ما بدأتها، تكنس وتطبخ وتغسل وتقضي كل شغل البيت، واتكيفت مع فكرة الخدامة، لـ حد ما كانت وصيتها الرسمية، إنهم يشيعوها من سلم الخدامين.
سافرت أمريكا، واتجوزت أول جوازتها هناك، ولفت العالم، بس ما راحتش المكان اللي عاشت طول عمرها تحلم تروحه، ماتت من غير ما تسافر البرازيل، البرازيل بـ النسبة كانت الشرق اللي ما لقتوش في الشرق، البرازيل كانت الشرق اللي هي بـ تتمناه.
هي الغرقانة في الملابس، في الأضواء، هي الرقاصة اللي بـ تعوم في زحمة المزيكا، ما تحبش ترقص على إيقاعات وخلاص، وآدي الربيع عاد من تاني، مين ترقص على كل الألحان الدسمة اللي في الأوبريت ده، بـ كل الأطقم دي غير سامية جمال.
هي اللي كانت بـ تنزعج من أي رقاصة بـ تأدي بـ عنف، الرقص بـ النسبة لها كان حلم لـ ملاك نايم على ريش نعام، وبـ يكون مبهر جدا لما ما يكونش فيه أي إبهار من أي نوع غير إبهار الرقص.
هي سامية جمال، اللي كانت وهي عندها 22 سنة بطلة في فيلم، بـ تلعبه قدام الريحاني شخصيا، فيلمنا اللي بـ نتكلم عنه “أحمر شفايف”، كان اسمها قمر، وهي جهنم، قمر اللي قلبت حياة إبراهيم أفندي، وصنعت المأساة.
مأساة في قمة السخرية
مأساة هي نسخة طبق الأصل من الحياة.