سالي فراج الأونلاين والمطبوع
مع زيادة انتشار وسائل التواصل المختلفة قلَّ اعتماد الجمهور على الصحافة الورقية في الحصول على المعلومات، حيث أصبح الكل يعتمد على المعلومة السريعة التي تصله دون عناء، سواء من خلال السوشيال ميديا أو من خلال المواقع الإلكترونية.
يتجه الصحفيون للبحث في الأرشيف بطبيعة العمل للوصول لمواضيع صحفية معينة، ولكن الصحفي محمد جلال فراج قرر أن يحوّل شغفه بالصحافة الورقية -التي أصبحت أرشيفاً هائلاً بالنسبة لنا الآن- لمواضيع مختلفة ينشرها عبر “السوشيال ميديا”، ثم انتقل بها لاحقاً لصفحات جريدة “الدستور”.
حاور إعلام دوت كوم “فراج”، للحديث عن كواليس موضوعاته الصحفية المختلفة، ولماذا قرر أن ينشرها عبر صفحة “ريحة الورق” على فيس بوك، وكيف انتقل الأمر إلى جريدة “الدستور”، وما الصعوبات التي تواجهه أثناء بحثه في الأرشيف، وفيما يلي أبرز التصريحات:
– “ريحة الورق” هي ليست فكرة بقدر ما هو شغف قديم بالصحافة الورقية، شكلا ومضمونا، والذى حدث هو مجرد تنظيم لهذا الشغف الشخصي ووضعه في إطار وقالب معين، خاصة بعد تعاظم أزمة الصحافة الورقية التي بدا وكأنها تمر بمرحلة احتضار لصالح السوشيال ميديا.
– بدأت الفكرة عندما كنت أكتب منشورات تأمل تحت هاشتاج “#ريحة_الورق” على صفحتي الشخصية فيها قراءة وتنقيب عن أخبار قديمة وشرحها أو ربطها بأحداث حالية ثم تطور الأمر عندما اقترح أحد الأصدقاء منذ حوالي عامين، أن أحول تلك المنشورات إلى صفحة باسم “ريحة الورق”.
– أنا خريج كلية إعلام قسم صحافة دفعة 2004 وعملت في الصحافة منذ عام 2002 وجربت كل الأقسام حتى استقر بي الأمر مخرجا صحفيا الفترة الأكبر من حياتي المهنية وصنعت عدة ماكيتات لجرائد ورقية وصنع هوية بصرية لهم.
– ما أقوم به ليست أرشفة وإنما هو تقليب في الأرشيف بمنظور نقدي يربط الأشياء ببعضها البعض ليكون في النهاية فكرة أو قضية خلقتها الصحافة المصرية عبر تاريخها.
– كان طبيعيا أن يكون النشر على الفيس بوك، لأن السوشيال ميديا هي الأمر الواقع الجديد، ومن منطلق “وداوني بالتي كانت هي الداء”، فكان لا بد لريحة الورق التي هي صرخة للاحتفاء بتاريخنا المسطور بين قصاصات ورق الصحف والمجلات أن تنتشر عبر نفس الوسيلة التي كانت سببا رئيسيا لاستغناء الناس عن الصحف الورقية، لأنهم اكتفوا بجرعات المعرفة السريعة غير المدققة التي تصل لهم عبر السوشيال ميديا.
– أما عن انتقالها لجريدة الدستور فكان عن طريق الدكتور محمد الباز رئيس مجلسي الإدارة والتحرير، الذي كان من محبي الصفحة والداعمين لها باستمرار، حيث طلب مني أن أحولها لصفحة ثابتة أسبوعية عبر الإصدار الورقي للدستور.
– بالطبع الوصول للأرشيف صعب ويحتاج مجهود ذهني، بالإضافة إلى التكلفة المادية عن طريق شراء المجلات والجرائد القديمة من محبي الاقتناء أو الاطلاع على أرشيف المؤسسات الصحفية مثل “دار الهلال، والأهرام وغيرهم”، وذلك بمقابل مادي يكون في بعض الأحيان مغالي فيه للأسف.
– أسعى للبحث في الأرشيف وربطه بالأحداث الجارية قدر الإمكان لأن الحاضر بطبيعة الحال غير منفصل عن الماضي فإن توافر هذا الربط يكون شيئا عظيما نسعى لإبرازه.
– ردود أفعال الجمهور على التجربة إيجابية جدا ومن أشخاص ليس لهم علاقة بصناعة الصحافة، بل أناس عاديون وليس كما تخيلت في بداية إنشاء الصفحة أنها تكون موجهة للزملاء الصحفيين كنوع من النوستالجيا نستعيد بها ذكريات المهنة الحلوة وكفى، لكن الأمر تعدى ذلك ووجدت أن المتفاعلين في الغالب يكونوا من القراء الذين يفتقدون حلاوة “ريحة الورق”.
– يستهويني كثيرا بداية الظهور الصحفي للنجوم الذين أصبحوا ملء السمع والبصر بعد ذلك، كيف تعاملوا مع الصحافة أول مرة، وكيف كانت تصريحاتهم وهل اختلفت نبرتهم عندما أجروا حوارات بعد أن اعتلوا القمم؟ مثل موضوع الظهور الصحفي الأول لعمرو دياب الذى نشرته في الدستور.
– أغلب الموضوعات التي أعمل عليها صحفيا في الصفحة الأسبوعية في “الدستور” تكون بدايتها بوست على صفحة “الفيس بوك”.
– اختار بين المواضيع التي سأنشرها في “الدستور” أو على الصفحة من خلال معيار مناسبة الموضوعات للسياق العام، مثل ذكرى ميلاد عادل إمام، أو الصدفة القدرية التي جمعت ذكرى ميلاد فاتن حمامة مع ذكرى وفاة إسماعيل ياسين وجعلتني أنقب عن فترة الأزمة في حياتهما والتي كانت تقريبا نفس الفترة هي النصف الثاني من الستينات، وكيف اختلفت المعالجات الصحفية في التعامل مع الحالتين ودلالات ذلك شعبيا وإنسانيا.
– الموضوع لم يتعد حتى هذه اللحظة عندي فكرة الشغف بالتقليب في الجرائد والمجلات القديمة والكتابة عنها، لكن إن توافر في المستقبل الفرصة الملائمة للتقديم في جوائز النقابة لما لا؟
– أتمني أن يدرك الجميع أن الصحافة الورقية حتى وإن كانت تمر بفترة عصيبة توحى بموتها وانتهائها، فهي في الحقيقة لم تمت بعد، ويجب ألا تموت لأن وجودها أكبر من فكرة مصدر للأخبار يعوضه التليفزيون والإنترنت، لكن ما لا يعوض هو تأريخ المرحلة التي نعيشها صحفيا حتى يعرف القادمون بعدنا ماذا كان يحدث في زماننا مثلما عرفنا نحن ما فعلته الأجيال السابقة عبر التقليب في أوراقهم.