بسام سرحان
تنويه: هذا المقال يحلل المسلسل بحرية في حرق أحداثه.
في خلال أربع مواسم من مسلسل HBO الشهير “الخلافة” نشاهد صراعات أبناء الأسطورة الإعلامية ورجل الأعمال لوجان روي “براين كوكس” معه ومع بعضهم البعض، ولكن تبقى شخصية واحدة بين الأبناء تعاني صراعًا واضحًا مع الأب دون تراجع، تلك الشخصية تكون كيندل روي “جيرمي سترونج” فهو لا يستطيع أن ينكر حبه القوي لوالده ولا يستطيع أن يتركه يفسد ما صنعه من بناء شركة “وايستر” الإعلامية، ذلك الصراع النفسي القوي الذي يعانيه كيندل يعانيه متزامنًا مع صراع داخلي يعانيه مع نفسه في إثبات نفسه وأنه يستطيع أن يفعل ما فعله أبوه وربما بشكل أفضل شكل يمسه قليل من العاطفة.
بالإضافة لكون “كيندل” يعاني تلك الصراعات وحده وكأنه في ساحة حرب وحيدا يجابه قوي من كل حدب وصوب فإنه لا يملك داعم، فأبوه القوي الذي لا يستطيع أحد مجابهته هو القوة التي تقصم ظهر “كيندل” دومًا وكذلك اخواته شيڤ “سارة سنوك” ورومان ”كيران كولكين” فهم لا يؤمنون بأخيهم ويروا أنه لا يفعل شيئا سوى أنه يصارع أبوه الذين يختلفون معه أيضا، ولكن لا يستطيعون مواجهته طوال الخط مثلما يفعل “كيندل” وذلك ما يضغط علي كيندل كونه يحب أبيه رغم كل شيء.
استطاع “لوجان” بتسلطه الدائم أن يجعل من أولاده أدوات يتلاعب بها في خدمة مصلحته مستغلًا حبهم له فجعل منهم مسوخ غير مكتملين الهوية واتضح ذلك في المشهد الأخير من المسلسل حينما صاح “رومان” في أخيه “كيندل” “نحن هراء” مدركًا حقيقته أخيرًا، أدركت “شيڤ” طبيعتها منذ البداية كونها مسخ واستطاعت أن تقتل أي جزء إنساني بها حتي تتماشي مع طبيعتها التي شكلها أباها منفذة تعليماته بأنه يجب أن تكون قاتل لتتعامل مع قسوة العالم وهذا ما تعارض مع طبع شخص “كيندل” الذي يحاول الاستقلال مرارًا عن ظل أبوه الممسوخ ليُهزم أخيرًا وينتصر “لوجان” في قبره علي يد الوحيدة من أبنائه التي تشبهه فعلًا.
توفي “لوجان روي” في بدايات الموسم الأخير ونتفاجئ أثناء جلبة وفاته أنه قد ترك ورقة هامشية كالوصية الغير رسمية كُتب بها أنه يريد أن يصبح ” كيندل روي” خليفته ولكن قد خط تحتها أو فوقها خط لم يعطي لنا كاتب المسلسل “جيسي ارمسترونج” إجابة واضحة بكونه خط تحتها، مشددا على أهمية تنفيذ تلك الوصية أو فوقها بإلغاء تلك الوصية في دلالة على صراع داخلي عانه “لوجان روي” نفسه بأنه يريد أن ينتصر الخير في النهاية ويسمو العالم على يد ابنه الخَير ويتخلص العالم من شره نفسه بعد وفاته، ولكن يتراجع عن ذلك بشطب اسمه كونه شخص مزاجي يتأثر بصراعه مع ابنه الذي هزمه في معارك بينهما ولكن لم تكن شطبة واضحة جعلت التساؤلات مفتوحة وكذلك خلقت نور أمل في ظلام حالك.
امتاز هذا العمل بواقعية مفرطة تبرز مدى قسوة وظلام العالم الذي نعيش به وكان “لوجان روى” كالمرشد الذي يخبرنا كيف تتعامل مع هذا العالم من قسوة وجبروت بلا أي مراعاة للإنسانية الذي كان يمثلها “كيندل” الذي أراد أن ينتصر بالحب وكان دائما ما يبحث عنه خلال رحلته في أبوه وأخواته وصديقه وطليقته الذين رفضوا جميعًا أن يعطوه منه وكذلك أمه التي أبت أن تسمع ما يكئبه في دلالة برفض العالم أجمع لـ”كيندل” بلا رحمة، ليعود كما كان وحيدًا بلا حب مواجهًا العالم وحده في مشهده الختامي وقت غروب الشمس وكآن الظلام يبتلعه.