تربى المصريون (ولا أعمم) على النقد بالفطرة وليس بالاختيار، أنا أنقدك وأنت تبادلنى النقد فى نفاق أو تهكم لا يهم، انها الأسطور التى لن تنمحى من مجتمعنا مهما كانت درجته الاجتماعية، التعليمية أو الثقافية.
لكنى هنا أنتقد وأوجه اللوم للسيدة “انتصار” على حثها المباشر لتشجيع وترويج قنوات البورنو من خلال قناة لها من الجماهيرية ما يكفى مثل “القاهرة والناس”، ولأنى أدعى أنى على معرفة جيدة بطبقات مجتمعى المصرى فأنا من فئته الوسطى فأنا ألومها وبشدة.
تراك كثير من السيدات البسطاء كمثلها الأعلى، فالجميع يعلم بما فيهم أنت أننا نملك ما يكفى من العقول البسيطة والتى من السهل أن نقودها الى ما نرغب فقط لأنك نجمته المفضلة.
نعم نحتاج كمجتمع للثقافة فى كثير من الأمور والمجالات وتأتى من الضمن الثقافة الجنسية لأن هذا من شأنه أن يرتقى بنا اذا شأنا، ولكن متى؟ بعد أن يرتقى المجتمع كثيرا وبعمل وجهد كثير ومتواصل لسنوات كثيرة. من أجل هذا تعملى فيراك الجمهور الغفير ومن أجل هذا نكتب ليقرأ من يريد أن يقرأ، فوجب علينا جميعا أن نعمل من أجل أن نرتقى لا أن نتدنى، عندها وعندها فقط سوف يدرك المشاهد ما يقال و ما يحدث من حوله وما يريد هو فعله، ولست أكتب لكى “آخد بنط” فأنا لست بحاجة لذلك، ولست أكرهك بالعكس أنا من أشد معجبيكى كممثلة.
لست أعارض الثقافة الجنسية فى العموم ولا أقلل من أهميتها فنحن نواجه ونرى كثير من الطلاق بسببها، ولكننا نرى أيضا كثير من العنف والاجرام بسببها، انها الجزء الذى يحتاجه المجتمع بعد أن يتثقف فى أمور عديدة، هل تتخيلى يا سيدتى أن هذه الأفلام لا تلقى رواجا بين كثير من الأعمار؟ هل أنت مدركة بأن هذه القنوات وغيرها يراها الأطفال فى المرحلة الابتدائية الى أن يصبحوا صبيانا ثم شبابا الى أن يفرجها الله عليهم؟ هلى تعلمى أيضا أنها لا تثمن ولا تغنى من جوع وكل نتائجها تتحملها البنات وأهلهم فى شوارعنا؟ هل تعلمين أن الله قد خلق الخير والشر منذ أن خلق “آدم” ولك حق وحرية الاختيار فما تزرعيه الآن تحصديه غدا.
صدقينى لسنا فى دعوة الى مشاهدة أفلام البورنو فالتحرش فى ميادين العاصمة موجود فى أى وقت وكأنه فريضة واجبة لاثبات الرجولة فلا تفريق بين المتحجبة والمحتشمة والمتحررة فى ذلك فهى فى نهاية الأمر تلصق بها تاء التأنيث، فمشاهدة ألبورنو لن تهذب أخلاق من يشاهدها على الاطلاق، العكس تماما قد يعتقد أن كل من يراها ويتعامل معها متاحة، نحن نعيش عصر تصعيب المعيشة وعدم وجود فرص عمل ليزداد الفقير فقرا وتوحشا وغلا ضد مجتمع وحكومات رفضوا أو تكاسلوا عن تصحيح كثير من الأمور وأنا لا أبرر التحرش هنا أيضا ولكنى أدعى محاولة فهم الأسباب التى أدت الى وجودنا كمصريين فى هذا المستنقع.
قامت أصوات من سكوتها الطويل ونادت منذ سنوات أن نقاوم التحرش بترخيص الدعارة فى مصر ارتكازا على نظرية أن “الممنوع مرغوب” وأنا لا أشكك فى معنى المقولة عموما لكنى لا أؤيدهم لأننا لن نعيش الا الأسوأ اذا طبقناها لأسباب يطول شرحها فى مقالات اذا أردنا.
سيدتى.. نحتاج الى ثقافة حقيقية، نتيجتها لن نشاهدها أنا وأنت فى حياتنا هذا اذا بدأنا بالعمل عليها الآن، نحتاج أن نعمل لينعم أحفادنا فى تحضر.
صدمت كما كثير من مشاهديك ومعجبيك فأنا لا أقتدى بأحد ولكن الكثير من بنى وطنى البسطاء -وحتى هذا اليوم- يرون فى الشخصيات العامة أسطورة وقدوة، تخيروا ما تلقونه فى وجوهنا ووجوه البسطاء يرحمكم الله، تخلوا قليلا عن أنانيكم فى الحصول على قسط أكبر من الشهرة فكلنا مسؤولون.
سيدتى “انتصار” نحتاجك وبشدة فى أمور أهم وأبقى