منة عبيد
البساطة.. أول ألوان الطيف التي تخطف بصرك في سماء الحكايات.. أحيانا قد تستمتع بعميق الحكايات أو تفاصيل تكويناتها المعقدة.. لكن السينما.. فن الشعب.. غالبا ما ينحاز محبيها وأصحابها وسواد مشجعيها الأعظم للبساطة.. والكوميديا هي واحدة من أبسط الفنون وأعقدها! غالبا ما يتجه صناع السينما المصريون إلى الأفلام والحواديت ” اللايت ” في مواسم الأعياد والأجازات الصيفية التي يغلب على مزاج جمهورها الاتجاه لكل ما هو سهل وممتع ومباشر؛ واحد من تلك الأفلام المطروحة في هذا الموسم الصيفي هو “مستر إكس” لأحمد فهمي يشاركه فيه البطولة هنا الزاهد ومحمد أنور ومحمد أسامة ومجموعة ضخمة من ضيوف الشرف، من تأليف أمجد الشرقاوي وإخراج أحمد عبد الوهاب.
بَدَا أحمد فهمي في السنوات الأخيرة وخاصة تلك التي تلت انفصاله عن الثلاثي -الذي أصبح ثنائيا ناجحا- شيكو وهشام ماجد في حالة من الانطلاق والسعي في اتجاهات شتى وكأنما يكتشف نفسه وإمكاناته وما يحب أن يفعل من أول وجديد! وقد يبدو لغير المدقق أن حالة من التشتت قد صاحبت فهمي في أعماله الاخيرة فقد كان ينطلق من أقصى أرجاء الدراما إلى أقاصاها كأن يقدم مسلسلا كوميديا ” فارس” بحت مثل ريح المدام ورجالة البيت والواد سيد الشحات ثم يرتد ليقدم دورا جادا ثقيلا كشخصية “راضي” في فيلم العارف مع أحمد عز.. ومن أدوار البطولة المطلقة في تلك المسلسلات وأفلام سينمائية مثل “الكويسين” إلى بطولة ثانية وضيف شرف مثل سره الباتع وظهوره الخاطف في البعض لا يذهب للمأذون مرتين وغيرها. من يتابع تلك المغامرات التي خاضها أحمد فهمي قد يراه متخبطا، إلا أن الانطباع الذي آراه بعين أقرب للنقد منها للمشاهدات السطحية أن فهمي يجرب نفسه في كل شيء وينطلق حرا بين أشكال مختلفة من التمثيل يمكن أن يكون ارتباطه قبلا بالثلاثي قد حدّ قليلا من استطاعته أن ينطلق إليها؛ والدليل أننا ومعنا فهمي نفسه اكتشفنا أنه يستطيع آداء أدوار جادة تحمل قدرا لا بأس به من “الأكشن” غير معتمدة نهائيا على خفة ظله الشخصية أو سرعة بديهته التي دعمت مشواره الكوميدي لسنوات. وعلى الرغم من ذلك فإن فهمي سرعان ما يعود لمنطقته الآمنة وملعبه الأساسي – الكوميديا – كما حدث في آخر إصداراته “مستر إكس”.
الفيلم بسيط يحمل فكرة تقليدية بتناول خفيف حديث مواكب للحظة التي تعيشها المجتمعات العربية ويدور فيه الحوار والأفكار وحتي الإفيهات بما يشبه جيل جمهور السينما الحالي ويعبر عن بعض من همومه بشكل أقرب للنكتة كما اعتاد المصريون. فالفيلم يتحدث بشكل أساسي عن الحب والعلاقات.. ولكن من وجهة نظر من جرحه الحب وأنهكته العلاقات. يدور الصراع على أشده بين قطبي الحياة وطرفي العلاقات العاطفية الرجل والمرأة فيقرر أحد أبناء معسكر الذكور الذي يمر بتجربة عاطفية محبطة بعدها محاربة جميع الإناث وتخريب حياتهن بلا تمييز فيؤسس شركة تساعد الرجال على تطليق زوجاتهن بالحد الأدنى من الخسائر ويضم اليها من أبناء جنسه من مر بتجارب مشابهة أدت إلى نفس النتيجة التي وصل إليها إكس كراهية النساء والرغبة في كسر قلوبهن.
خلال الفيلم يستعرض أحمد فهمي إماكاناته الكوميدية ويستعيد لياقته في الإضحاك ويؤدي بتلقائية شديدة أقرب لشخصيته الحقيقية شخصية إكس بمشاركة مجموعة من نجوم الكوميديا الذين يمثلون فريق عمل فهمي السينمائي المفضل الذي يرتاح إليه ويؤدي بشكل أكثر انطلاقا وارتياحا وهم حوله مثل بيومي فؤاد ومحمد أنور وأكرم حسني مصطفى خاطر ومحمود حافظ كضيوف شرف.
مفاجأة الفيلم الحقيقية بالنسبة لي هي أمير شاهين الذي أعتقد أنها المرة الأولى التي يؤدي فيها دورا كوميديا صرفا وتستطيع أن تشعر أنه يمثل بارتياح وكأنه ملعبه الرئيسي وللحقيقة فإن “الافيه” في استضافة إلهام شاهين كضيف شرف لمشهد واحد في الفيلم كانت كريزة التورتة التي جعلت أداء أمير اكثر تقبلا وإضحاكا بالنسبة لي على الأقل كمشاهد.
تقدم هنا الزاهد في التعاون الأول مع فهمي كبطولة نسائية وبعد أن ظهر فهمي كضيف شرف في مسلسلها “حلوة الدنيا سكر” دور طيبة الفتاة التي كسرت قلب فريد \ إكس وتسببت فيما تحول إليه خلال الأحداث ولعل ربط المشاهد بين علاقتهما في الفيلم وعلاقتهما في الواقع كزوجين أحدثت ارتباكا ما في استقبالي للأحداث كما رواها الفيلم إلا أن هنا قدمت دور الفتاة الحماسية الطائشة بشكل بسيط تناسب مع تطلبه الدور.
سيناريو الفيلم الذي كتبه أمجد الشرقاوي بالمشاركة مع مخرج الفيلم أحمد عبد الوهاب قام بشكل أساسي على فورمات أشبه بالاسكتشات حيث رأينا سبب عقدة كل من العاملين في مؤسسة إكس على شكل فلاش باك في موقف كوميدي ضاحك كما رأينا ذلك في الحالات التي قام فيها إكس ببعض الحيل لتطليق العميل الذي يلجأ إليه من زوجته كما رأينا في بداية الفيلم مع أكرم حسني ثم مع بيومي فؤاد ولعل ذلك الشكل من السرد والنقلات في السيناريو هي الأقرب لطريقة فهمي في الكوميدية وهي الأنسب للحدوتة التي يرويها الفيلم والفكرة التي يتناولها.