سامي عبد الراضي يكتب: الإبراشي والسبكي و”الذين معهم”
على الهواء مباشرة، لا يمكنك أن تسيطر على “المتصل” أو الضيف الذي على الهاتف.. كلماته تخرج مثل الرصاصة التي قد تخطئ أو تصيب، لكنها خرجت.. وكانت ليلة السبت / الأحد على موعد مع رصاصة “سبكية” أطلقها واحد من عائلة السبكي الشهيرة بـ “الانتاج السينمائي” -سواء اختلفت أو اتفقت مع ما يقدمونه- الرصاصة صوبها أحمد السبكي في برنامج العاشرة مساء، وهو واحد من البرامج الأكثر جماهيرية ومشاهدة، وعلى مذيع هو الأمهر والأشطر تلفزيونيا -سواء اختلفت أو اتفقت مع ما يقدمه- هو الصحفي والإعلامي وائل الابراشي.
1- البداية مع أسرة استضافها “الإبراشي” مساء السبت في الحلقة الافتتاحية لهذا الأسبوع.. الاستضافة سببها أن ابنة هذه الأسرة وهي طفلة عمرها خمس سنوات ورقصت في الشارع وكأنها ابنة العشرين.. رقصت واهتزت وهي تحمل “سنجة أو مطواة” في يدها كما يحملها أجدع ممثل في أفلام السبكي وغيره من منتجي هذا العصر، وكان سؤال وائل: “لماذا هذه الرقصة؟ وكيف لطفلة أن تأتي بهذه الحركات والأفعال؟”
2- وتحدثت الأسرة والطفلة وعرض البرنامج فيديو مثيرا للطفلة وهي ترقص وتلوح بالسلاح الأبيض وحولها تشجيع كبير وتهليل، وهكذا وهكذا.
كانت الأسرة فرحة، وكان المشجعون حولهم في حالة مزاجية عالية، وتحدثت الأسرة عن السبب، وقالت قولا واحدة: “يا أستاذ وائل دي أفلام عبده موتة والسبكي هي اللي علمت البنت، والبنت لقطت من الأفلام دي واتعلمت ترقص بالسكين”، وحملت الأسرة “السبكي” والذين معه مسئولية ما جرى لابنتهم وأنها صارت “سبكية وعبده موتية” بسبب مشاهدتهم، رغم أن في مدارس كبييييييييييييييييرة وبيدفعوا لها الـ “شيء الفلاني” مقابل أن تتعلم، وأنهم ميسورو الحال وهكذا وهكذا.
3- وهنا وفي هذه اللحظات، تلاقت رغبة الزملاء في الإعداد مع رغبة كريم السبكي في التواصل والدخول والرد على هذه الأسرة، كما وصف لي زميلي وصديقي أحمد أبو الخير مدير تحرير البرنامج، ودخل كريم السبكي على الهواء مباشرة ليتحدث ويرد ويتحاور ويدلي بدلوه في النقاش الدائر.
4- دار الحوار سريعا، وتدخل الضيف وهاجم السبكي وأفلامه واتهمه بإفساد عقول الأطفال، وهنا تدخل أحمد السبكي مهاجما مقدم البرنامج ومعايرا له: “العيب مش عليه يا وائل الإبراشي.. العيب عليك أنت يا وائل.. أنت عايز تسخن الحلقة على واحد مش مربي بنته.. تستاهل اللي عملوه معاك في أمريكا”، وهنا وبهدوء شديد رد وائل الإبراشي: “أنا هانتظر إيه من بلطجي في ثوب سينمائي؟”، وهنا خرجت “الرصاصة” التي لا رجعة فيها.. حين قال أحمد السبكي: “بلطجي مين يا عر..”. واختفى السبكي او أغلق عليه الاتصال.. لا أعلم، وتماسك وائل بخبرات السنين وباتزان شديد وجه كلامه لمشاهديه: “اعتذر عن هذا اللفظ.. هل ده يؤتمن على السينما؟”
5- أحمد السبكي أخطأ عندما هاجم الإبراشي في البداية، وعايره بما حدث معه في أمريكا هو وأعضاء الوفد الإعلامي المصري المرافق للرئيس من هجوم إخواني، والهجوم الإخواني هذا اغضب غالبية المصريين، بينما اتضح أنه لم يغضب “أحمد السبكي”، وأراد أن يتشفى في وائل، وهو أمر غير مقبول، والحقيقة أن وائل الإبراشي “تسرع” وقال له: “هانتظر إيه من بلطجي في ثوب سينمائي”، فكان الرد سريعا من أحمد السبكي، وقال لفظا يبدو أنه يستخدمه مثل كلمة: “سلام عليكم وعليكم السلام” أو صباح الخير.. قال لفظا لا يجب أن يقال، والحقيقة أنه قاله في وجه مشاهدين بالملايين، وأخطأ في حق كل هؤلاء المشاهدون.
نرشح لك : ضيف الإبراشي الثائر ضد السبكي.. يؤيد مبارك ويتظاهر في التحرير(!)
6- وائل الإبراشي -إن راجع الحوار قبل أن تحدث الشتيمة- كان سيقول: “إذا أنت مع الإخوان الإرهابيين القتلة.. أنت ترحب بـ قلة أدبهم وتجاوزهم وتطاولهم السفيه على أعضاء الوفد الإعلامي المصري في أمريكا.. أنت الآن بين صفوف الإرهابيين”، لكن وائل وصفه بـ”البلطجي”، وكان رد الفعل من أحمد “أحد السبكية” كلمة لا تقال إلا نادرا في التلفزيون، وظني ومعلوماتي ومتباعتي أنها لا تقال أصلا، لكن حدث ما حدث.
7- سألت عمي وأستاذي الدكتور علي الخطيب عميد كلية اللغة العربية الأسبق عن معنى هذه الكلمة “القبيحة” التي قالها السبكي على الهواء مباشرة، وقال لي الرجل: “تعني الديوث، والديوث قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم، هو الذي يعرف “الخنا” في أهله ويتستر عليه.. والخنا هو الفحش!
وأضاف لي العالم الكبير: “والعرصة هي الخشبة التي يسقف عليها في بيوتنا بالريف وقيل إنها الحائط وقيل إن كل ساحة واسعة تسمى عرصة وتجمع هكذا “العرصات”، والعرصات كل موضع واسع لا بناء فيه”.
واستفاض: “العراص من السحاب ما كان فيه برق ورعد.. وعّرص البرق أي اضطرب، وعّرص الصبيان، أي لعبوا ومرحوا وعّرص اللحم أي القاه في العرصة ليجف، وعرّص اللحم أي القاه في الجمر فاختلط بالرماد ولم يجد نضجه”، واختتم: “أما في شتائمنا، فنحن نقصد أن المشتوم ديوثا ولا نقصد البرد والرعد وهكذا وهكذا”
8- “جريمة السب والقذف” التي ارتكبها السبكي، عقوبتها الحبس، خصوصا في قضايا السب والقذف التي تمس بـ “العرض” وما حدث بالأمس كان مساسا مباشرا، ورد فعل السبكي لم يتناسب مع الفعل الذي ارتكبه الإبراشي بكلمة: “بلطجي في ثوب سينمائي”
9- أسرة الطفلة التي هاجمت وتسببت في الواقعة عليها خطأ كبير، فأن رقصت ابنتهم بمطواة لا يجب أن يفخروا، وإن كانوا فخورين فعليهم ألا يلوموا إلا انفسهم، فـ “السبكي” لا يذهب إلى منزلك مباشرة، و”منتجه” يعرض في دور السينما، وحتى إن ذهبت منتجات السبكي إلى المنزل عبر التلفزيون، فعليك ألا تلوم السبكي.. لوم نفسك أولا.. هات برنامج طبيخ.. تابع برنامج طبي.. تابع توك شو.. استمع لبرنامج ديني، أو استمع كما تشاء وتابع من تشاء، لكن لا تلوم إلا نفسك.
10- همس لي أحدهم وقال: “تفتكر لو أن السبكي التقى هذه الأسرة وشاهد الطفلة.. كان هيعمل إيه؟” قلت له: “كان سيجعلها بطلة لفيلم جديد، وكانت أسرتها سترحب، وهتحب السبكي أوي وتهتف باسمه في الدويقة ومحيطها وتقول: “عاش السبكي راعي السينما والسينمائيين”.. البقية في حياتكم وحيائكم!