كشفت دار الشروق للنشر والتوزيع، عن غلاف العمل الجديد للكاتب والناقد طارق إمام، "أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها"، وهو كتاب قصصي من المقرر طرحه بالمكتبات خلال الأيام القليلة المقبلة.
من جانبه قال الكاتب طارق إمام، في تصريحات خاصة وحصرية لـ إعلام دوت كوم، إنه بدأ في كتابة الأقاصيص سنة 2012، ونشر بعضها في تلك السنة. قصة "عين"، التي فاز عنها بجائزة متحف الكلمة الإسبانية عام 2013، كانت واحدة من ومضات الدفقة الأولى، مشيرا إلى أنه استبعدتها من الكتاب لأنها صارت نواة شخصية "بلياردو" في روايته "ماكيت القاهرة"، حيث رأى أنها حصلت على حظها من التقدير و"التوسيع".
نرشح لك: طارق إمام.. مدينة السرد اللانهائية
تابع: "ظللت أكتب الأقاصيص في دفقات، أو دفعات، أقرب لزخات مطر، تهطل فجأة بفعل إلهامٍ قهري، ثم تتوقف. هكذا كُتبت نصوص "أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها"، بين عامي 2012 و2023، والسنة الأخيرة كتبتُ خلالها عدداً كبيراً من الأقاصيص، بإلهامٍ محموم، وبالذات بعد وفاة أبي. كانت الحسرة تُجسد نفسها في هذا النمط من الكتابة، وربما كانت الومضات تتساقط متلاحقةً، قطرةً قطرةً، كالدموع.
وعلى تباعد فترات الكتابة، كان يحكمها خيط أراه بوضوح، ليس فقط في الحيز أو الحجم، لكن في العالم واللغة، وبالطبع، مع تحولها لكتاب، أعدتُ الاشتغال عليها بالكامل وأعدت تحريرها وضبطها في سياق كتاب له خطة وخريطة وبنية". لافتا إلى أنه يميل لفكرة "الكتاب القصصي" ذي النسق العام والخط الفكري والجمالي، أكثر من فكرة "المجموعة" التي تعتمد على تجميع عدد من القصص في كتاب واحد.. وهذا ما يجعله يقوم بفعل استبعادٍ قاسٍ؛ فرغم أن الكتاب يضم 125 نصاً، إلا أنني استبعدت ما يتجاوز الـ 50 نصاً، إما خشية أن تكرر الأفكار بعضها، أو حفاظاً على كتلته التي أرادها مشبعة وخاطفة في الوقت ذاته.
3 أقسام يا واحشني
أوضح أن الكتاب مقسم إلى ثلاثة أقسام: "لأننا نولد عجائز"، "هايكو المدينة"، "لأننا نموت أطفالاً"، وأن لكل قسم مناخه الخاص، لكن في إطار من التكامل، بحيث يمثل الكتاب رحلة تبدأ بالحياة وتنتهي بالموت، مروراً بالعديد من الأفكار والأسئلة التي يعيشها الإنسان. مضيفا أن الكتاب يجمع بين النصوص الأقرب للواقع وأخرى تذهب للفانتازيا، وأيضاً ضمن تصور يجمع الواقع والخيال في نسق محدد.. والمشترك القوي هو عالمه الشعري.
أردف: "لقد كتبت هذا العمل بحثاً عن القصيدة، حيث أرى الحكاية سمكة، والقصيدة جوهرة مخفية في أحشائها، أبحث عنها في بطن كل حكاية، متمنياً العثور عليها ككل صيادٍ.. وأتمنى ألا أكون في هذا الكتاب ضللتُ العثور على الجواهر المستحيلة في أحشاء الحكايات التي أخرجتها صنارتي من بحر العالم!".
صُدفة خيرٌ من ألف "رسم"!
أما عن فكرة الغلاف وكواليس تصميمه، فيقول "إمام" إن اختيار لوحة الغلاف جاء بصدفةٍ بحتة، ورأى فيه علامة شديدة القدرية، ربما هي ما حسمت اختياره لها!، ويتابع: "كنت قد سلمت المخطوط بالفعل لدار الشروق وجاري العمل عليه كبروفات، ولم نكن دخلنا مرحلة العمل على الغلاف بعد. رأيتُ الرسمة على حساب "إنستجرام" الخاص بفنان فرنسي اسمه Sylvain Mendy، لا أعرفه ولم أسمع باسمه من قبل، ولا أعرف لماذا ظهر حسابه أمامي. فضلاً عن أنها أعجبتني، لأنها تمثل ذوقي، كانت الرسمة تُجسد بصرياً إلى حد كبير إحدى أقاصيص الكتاب، وعنوانها "فكرة". شعرت هنا أن هذه علامة ما، أرسلتُ الرسمة أولاً لدار الشروق، وحين حصلت على موافقة الدار الفنية على ملائمتها لـ"ستايل" الدار الفني، خاطبت الرسام، وتم الاتفاق، واشترت دار الشروق الحقوق المادية، ثم بدأ العمل"..
بخط يدي لا بيد عمرو
أشار إلى أنه بعد إجراء بعض التعديلات في نسب الرسمة، وحذف الجانب الإطاري منها، مع خلق فراغات للعناوين واسم المؤلف، صارت الرسمة ملائمة لغلاف كتاب. لافتا إلى أنه بعد الموافقة على الغلاف لم يكن في ذهنه على الإطلاق أن يكتب بنفسه خطوطه. حيث تعوَّد - كنوع من اللعب يمارسه دائماً - أن يترك إلى جواره عدداً من الأوراق الخالية و"يشخبط" عليها دون هدف، يكتب كلمة، أو اسم، أو يخط رسماً. مردفا: "كنتُ أراجع البروفة الأولى للكتاب، وأثناء الاستراحة من المراجعة، كتبت على ورقة اسمي واسم المجموعة، تأملتهما معاً، وشعرت أنهما قد يلائما حالة الغلاف الفنية. صوّرت الورقة بالموبايل وأرسلتها إلى الناشرة الكبيرة الأستاذة أميرة أبو المجد، والصديقة نانسي حبيب مدير النشر بدار الشروق. حتى هذه اللحظة لم أكن جاداً تماماً، وتخيلت أن الاعتذار أقرب إلى القبول.. لكنني فوجئت بأنهم لدى تجريب الخط على الغلاف أقروه، وهكذا صار غلاف "أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها" هو أول غلاف أكتب خطوطه بيدي.. وقلت لنفسي: بيدي لا بيد عمرو".
مفاجأة القارئ.. قصة بالعامية المصرية
في سياق متصل، أكد طارق إمام لـ إعلام دوت كوم، أن الكتاب يحمل العديد من المفاجآت التي لم يعتدها القارئ، والتي من بينها وجود قصة مكتوبة بالكامل بالعامية المصرية. مشيرا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يكتب فيها نصاً كاملاً بالعامية. لافتًا إلى أنه بالطبع قد فكرت بعض الشيء، ليس لأن النص بالعامية، التي يراها لغة تعبير فنية بالضبط كالفصحى، فالعنصر الحاسم هو المقتضى الفني. مضيفا: "عشت لأيام حالة ارتباك، بين الإبقاء على القصة أو استبعادها، لكني حسمت قراري بضمها، لأكثر من سبب، أولها أن النص ينتمي لعالم المجموعة، وثانيها أنني أحب، بشكلٍ فطري، النغمة التي تكسر الانسجام، ربما لتُعمق الإشارة إليه، وثالثها، وهو الأهم، أنني أميل بطبيعتي للمغامرة، أو قُل المقامرة، واللعب والتجريب.. وحتى لو خسرت، ماذا سيحدث؟ هكذا أُذكِّر نفسي دائماً، فأنا أعتبر نفسي لاعباً خاسراً في الحياة، وأكتب، إجمالاً، في مديح الخسارة لا الفوز".