ما جدوى الصورة في عالمٍ يهرول نحو حتفه؟
هذا ما أخبرت به نفسي، وأنا أستعد لزيارة المهرجان الدولي للتصوير - إكسبوجر الشارقة 2024 في دورته الثامنة، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، قلت حينها أنني لا بد سأستمتع بكثير من الصور.. هذا كل ما في الأمر؛ فعالم من الجمال منذا الذي لن يفوز فيه؟!
ما أن خطوت بقدميّ استسلمت للصور التي تستقبل الزائر في تمهيد وتشويق لما هو آت، ثم يتسع المشهد لتكتشف أنك في حيرة: من أين أبدأ؟ لكن شيطاناً يرغب في إفساد اللحظة فيلح السؤال مجدداً: ما جدوى الصورة في عالمٍ يهرول نحو حتفه؟
أتصور أن المصور قادر على تفعيل مدهش لخاصية "إلغاء الإزعاج" تلك التي تتواجد في بعض سماعات الهاتف المحمول، الفارق الوحيد أن المصور يفعل ذلك دون سماعات، بالتأكيد هو ينفصل عن كل صراع وصخب؛ يوقف الزمن ويوثق اللحظة.. من وجهة نظره.
وسط الموت يفكر المصور في اللقطة و حسب ، وفي أوقات صمت وصفاء يمتلك طول البال والصبر ليلتقط لحظة لا يعرف إن كانت ستأتي أم لا.
لكن ما جدوى كل ذلك إن كان العالم يحترق في كل الأحوال؟! يفعل المصور ذلك مع سبق الإصرار والترصد! يا الله.. كيف لأشخاصٍ يحملون كاميراتهم أن يجوبوا آمنين أو غير عابئين وسط كل هذا الجنون فقط ليوثقوا ما رأوه، ثم في لحظةٍ ما.. تُخَلَد حكاياتهم الصامتة/الصاخبة.
أحياناً أتصور أنهم يفعلون ذلك لكائنات من فضاءٍ بعيد، سيرسلون لهم ما يشرح عن إنسانية لا تجيد التعبير عن نفسها، ثم أضحك من نفسي ومن غرابة أفكاري: وهل تهتم كائنات الفضاء البعيد بما يتبقى منا بعد أن ندمر عالمنا؟!
ثم أتذكر أن أطفالاً لا يزالون يستقبلون الحياة، قد يعرفون عالمهم بعيون هؤلاء المصورين، بنتاج كاميراتهم الرائع، ربما.. يستقبل هؤلاء الأطفال الحياة بقدرة أكبر على استقبال الجمال.. والحقيقة، ربما.. يُكمل هؤلاء مسيرة البشرية التعيسة حتى الآن، ربما هم قادرون على خلق عالمٍ أفضل.
أعود من مساحة خيالي الواسع إلى أرض واقعٍ أسير عليه، فأجد نفسي قادرة على الاستمتاع بحوالي 2500 صورة لأربعمائة مصور من شتى أنحاء العالم؛ فأقرر أن أعيش هذهِ اللحظة وحسب دون تفكيرٍ زائد كعادتي، حيثما أدرت وجهي أجد صورةً تنادي روحي، فأذهب إليها وأستغرق فيما وراء اللحظة التي تم التقاطها فيه، أحياناً أجد المصور نفسه بجوار لوحاته فأنقل عينيا بين وجهه وصورته المتصدرة لمدخل قاعة عرض لوحاته لأتأكد إن كان هو، قبل أن أتوجه إليه لأساله عن إحدى لوحاته/صوره، ثم أخبره كم هو محظوظ أن أتيحت له الفرصة ليعيش لحظة التقاط الصورة، وكم أنا محظوظة بفرصتي أن أتأملها دون تشويش.
هل يحترق العالم الآن؟ نعم.. بكل تأكيد، لكن يبدو أن هناك من يحاولون إنقاذه بكاميراتهم..وهم يؤمنون أنهم قادرون، لا أخفي إحساسي بالغيرة من شجاعتهم ومن إيمانهم بقوة الصورة.
فلأستمتع وحسب بما قدموه؛ علني أشحن روحي بأملٍ في عالمٍ أجمل.
نرشح لك: عمرو منير دهب يكتب: حواء ضد حواء.. الفصل الرابع عشر من كتاب "جينات أنثويّة"