"أنا عايزك تعرفي إن لو رجع بيا الزمن، هعيد اللي عملته تاني".. د. حسام "صلة رحم".
في نهاية صادمة خالفت توقعات مشاهدي مسلسل "صلة رحم" بطولة إياد نصار وأسماء أبو اليزيد ويسرا اللوزي، توفي البطل "الدكتور حسام" بعدما حمل نجله الذي ولد بعد سلسلة من الانتهاكات القانونية والشرعية، ليرى وليده النور، بدافع تعويض زوجته بعد الحادث الذي تسبب في عقمها، يطرح الطبيب سؤالا صعبا يحمل في طياته الكثير من الإجابات، ليتركك مع عقلك تبحث داخل نفسك عن نقاط ضعفها وأخطائها التي لا يصعب عليك التوبة منها.
الغاية تبرر الوسيلة
النهاية بدأت فعليًا منذ الحلقة الـ14 بحبس الدكتور خالد (محمد جمعة) طبيب النساء والتوليد، والذي جلس أمام النيابة غير نادم على جريمته بقتل أرواح ما يزيد عن 100 طفل باعترافه، مبررا ذلك بأنه أنقذ 100 فتاة من مواجهة المجتمع الظالم الذي لا يغفر لهم خطاياهن ويحكم على كل منهن بالإعدام بسبب خطأ قد يغفره الله لها، ولكن البشر لا.
تبرير ملتوي، هكذا قد يراه البعض، كما يمكن الحكم على مبررات دكتور حسام بكل ما فعله لينجب طفلا من المرأة التي يحبها، برغم تأكده من الحكم الشرعي، وتحريم ما يفعله، بل وتجريمه قانونيا أيضا، ما يدفعه لسلسلة من الانتهاكات القانونية تنتهي بأن يموت قاتلا ومقتولا، لكنه ينظر للوليد الذي جاء للدنيا قبل موعده ليودع والده قبل أن يرحل منها، ويهمس له بأنه ليس سيئا وإنه فعل الكثير لكي يولد، في مشهد مؤثر، مسح كل مرارة قد حملها المشاهد من تصرفاته الأنانية أو كانت تظهر كذلك، ولكن ذلك التصور انهار أمام نظرته للطفل وكلماته الأخيرة له ولزوجته.
موقف الطبيبان وكلماتهما قد تفتح أعيننا على ضعف أنفسنا البشرية تجاه رغباتنا في الحياة، أو نظرتها عنها، فأحدهما يرى في الإجهاض فرصة لفتيات لعيش حياة طبيعية دون عقبات ذنب عابر ينظر له المجتمع بازدواجية، فيغفره للرجل بينما يغتال المراة، والآخر يرى أنه أمام فرصة منحه أياها العلم، وما يتم تحريمه اليوم من الممكن تحليله مستقبلا، ونحن أيضا نخوض نفس الحرب يوميا تحت راية النظرية الميكافيلية -الغاية تبرر الوسيلة- ونضع لأنفسنا أعذار، قد تكون واهية تماما ولكننا مؤمنين بها، ونصدقها مهما حاول الآخرين صرفنا عنها.
الندم فضيلة!
وعلى النقيض، تأتي نهاية فرج (محمد السويسي) الرجل الذي قد يبدو شريرا وقاسيا لكن في لحظاته الأخيرة تنكشف حقيقته الهشة، فهو محب هائم في عشقه لزوجته (أسماء أبو اليزيد) التي هربت من براثنه، فهو يراها خائنة، وهي ترى هروبها منه محاولة للحفاظ على حياتها، وبعد سنوات من عدم التلاقي بين الزوجين، تمتزج اللحظة الأخيرة في حياته بالندم والحسرة، فهو نادم على تضييعها، وهي تعتصرها الحسرة على نظرة "حنية" لم ترها منه قط في حياته، نظرة كانت من الممكن أن تغير مصير علاقتهما لو جاءت مبكرا.
الغفران فضيلة ضائعة
وما بين النادمين والمتشبثين بمبرراتهم، يأتي الجلاد، صورة المجتمع المتمثلة في زياد (عابد عناني) هو أيضا صورة للقانون الذي يبحث عن أدلة إدانة، ويرفض أي مبرر لخرق القانون والأعراف، فهو في مواقفه كالسكين الحاد لا ينظر لشيء سوى ما يؤمن به، فلا يغفر لزوجته لحظة ضعف، على الرغم من إخلاصها له، واعترافها بخطأها ومحاولتها تصحيحه، فيطلقها دون لحظة تردد واحدة.
ومثله الشيخ جابر (عمرو القاضي) الذي يقرر الإبلاغ عن زوجته وحبسها، بل والانفصال عنها، وقطع صلتها بأبنائها، لمجرد رفضه لذنبها، دون محاولة استتابتها، ومواجهتها لمعرفة أسبابها، التي منها مساعدته في ضيق العيش.
وعلى عكسهم تجسد كل من الدكتورة ليلى (يسرا اللوزي) و(حنان) ومعهما الدكتورة جيهان (ريام كفارنة) وميرفت (صفاء جلال) معاني الرحمة والتسامح وتفهم أخطاء الآخرين، بل ومساعدتهم على تصحيحها، أو حتى مساندتهم للوصول لغايات قد يرونها هم أيضا مشروعة.
النهاية
ومع تلك الفلسفات التي تضعنا أمامها نهاية "صلة رحم"، يضعنا المؤلف محمد هشام عبية، والمخرج تامر نادي، أمام حيرة كبيرة حول نتيجة قرار دكتور حسام الحرام شرعا والمجرم قانونا والمبرر انسانيا، ففي مشهد صامت جمع الأم البيولوجية والأم الحاضنة أمام الطفل، تفقد قدرتك كمشاهد على الحكم بأحقية حضانة الطفل، من تستحقه؟ صاحبة البويضة أم صاحبة الحمل بفتح الحاء وكسرها، أم كلتاهما أم له!
نرشح لك: كواليس معركة الليل.. أحمد عبد الوهاب: تدربت على الخيل والسيوف وتعرضت لإصابات في "الحشاشين"