أم آدم
آدم أبو الخلق، لا أم له، وآدم "محمد هشام عبية" له أُمّان.
يذكر القرآن الكريم: "الوالدات" ويقصد بهن التي حملت وولدت، فهي والدة وأم.. "وأوحينا إلى أم موسى".
ويذكر القرآن الكريم أيضا: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم"، لم يقل والدتكم... بل قال أمهاتكم.. الأم هنا هي ليست هي الوالدة.. بل التي أرضعت الطفل فتغذى جسمه على لبنها وتوزعت عناصره على خلاياها، ونشأت بينه وبينها رابطة عضوية وعاطفية جعلتها أما له، وصار للطفل إخوة في النسب من والدته، وإخوة في الرضاع من أمه.. كل والدة أم، وليست كل أم والدة.
من هنا نعلم معنىً أوسع للقول الشائع: الجنة تحت أقدام الأمهات، وليست تحت أقدام الوالدات فقط.
مشهد النهاية في مسلسل "صلة رحم" يحيّرنا، يقدم لنا صنفا ثالثا جديدا من الأمهات لم تشهده البشرية من قبل، طفل لم يشرب لبنا، بل خلية ميكروسكوبية مخصبة استمدت كل احتياجاتها العضوية داخل رحم أم غريبة، ونمت بينه وبينها خيوط عصبية ونفسية وعاطفية، فمن تكون بالنسبة له؟
تنقلت عيوننا في حركات سريعة تجاه ليلى ثم حنان، نتأرجح على رمال متحركة تدور بنا في كافة الاتجاهات، نطير في حالة انعدام الوزن التي تتوه معها عقولنا التي تحاول فك شفرة مشاعر وأحاسيس كل منهما، وأدم البرئ ينظر إليهما لا يدري شيئا، ونحن نحاول أن نجيب له عن السؤال الذي سوف يشغله في أعوامه القادمة.
فجّر آدم بقدميه الصغيرتين بركانا سيكون له توابع وأعاصير وفتح باب الاجتهاد أمام شيوخ الفقه وأساطين القانون وعلماء الاجتماع وخبراء العلاقات الإنسانية ليقدموا للبشرية إجابة عن سؤال لا يقل غرابة عن لغز قطة شرودنجر وكل أسئلة ميكانيكا الكم: من هى أم أدم؟
نرشح لك: الندم والتسامح والتقبل.. الفضائل الضائعة في "صلة رحم"