"صلة رحم".. مات "حسام" وعاشت علامات الاستفهام

هل يموت الإنسان بعدما يصل إلى ما يريد دون الاستمتاع به؟ بعد النهاية غير المتوقعة لمسلسل "صلة رحم"، والتي عُرضت مساء أمس، راودني هذا السؤال، فمات دكتور حسام الذي يقوم بدوره إياد نصار بعد أن وصل لحلمه وهدفه دون أن يستمتع به!

بعد إصراره على تحقيق هدفه والوصول لحلمه بكل الطرق المباحة وغير المباحة، والحصول على ابن عن طريق تأجير رحم، والذي عبر عنه البطل بجملة في بداية المسلسل: "أنا مفكرتش غير في اللي أنا عايزه وبس، مش مهم الطريق اللي همشي فيه، مش مهم التمن اللي هدفعه".

حسام دلالة رمزية للإنسان

ليترك البطل المشاهد مع أسئلته وحيرته وتفكيره في نفسه فإذا نظرنا إلى حسام بدلالة رمزية كأنه يُمثل النفس البشرية وتقلباتها وحيرتها ولهثها المستمر وراء ما تريد حتى وإن كانت بطرق غير مشروعة، مع غض البصر عن كل العواقب التي من الممكن أن يجنيها الإنسان من سعيه الأعمى وخسارته المستمرة طوال الطريق والتي بدأت من خلافه مع والدته التي قامت بدورها الفنانة سلوى محمد علي بسبب إصراره في الاستمرار بطريق مسدود، وتوتر علاقته مع زوجته ليلى التي قامت بدورها يسرا اللوزي وتركيزه على هدفه فقط مهما خسر حتى وإن وصلت الخسارة لنفسه المهم حلمه وكما قال حسام في أحد المشاهد: "أنا مش هفشل مهما كان التمن".

خسارة نفسك للوصول لحلمك

حتى وإذا أصبح هو الثمن نفسه، فتركيزه على تحقيق هدفه وتفكيره فقط في إنقاذ حنان من نزيفها حتى تستطيع إنجاب طفله الذي وُلد مبكرًا بعد أن أوصلها للمستشفى ولم يحاول حتى أن ينقذ نفسه من نزيفه بعد أن طعنه فرج، فتفكيره كان منصبًا على هدفه وهو أن يرى ابنه حي يُرزق بعد كل الطريق الذي سلكه، وظل طوال فترة إجراء العملية لحنان يضمد في جرحه ويخدره مثلما كان يفعل كطبيب تخدير طوال حلقات المسلسل، يخدر في نفسه فقط للتركيز على ما يريد.

وبعد وصول ابنه والذي يمثل بدلالة رمزية "هدف الإنسان" والذي أسماه آدم كرمز للإنسان وتقلباته المستمرة وسعيه، واختار اسمه آدم أول مخلوق من العدم بدون أب أو أم وكأنه يبرر لنفسه ضمنيًا سبب قراره في تأجير الرحم، وكأن حسام مات ليترك الطريق نفسه لآدم بعد أن عبر الأب عن حبه له، ليتركه بإصراره وسعيه وأخطائه وتقلباته ومحاولاته.

نهاية تترك الإنسان مع حيرته

توقع النهاية المنطقي هو ضياع الحلم والهدف وموت الجنين واستمرار سعي الإنسان أو دكتور حسام وراء حلمه وهدفه وتكرار المحاولة مرة أخرى أو تأجير رحم آخر أو حتى القبض على حسام بسبب حرمانية ما يفعل وعدم قانونيته، ولكن النهاية المأسوية تركت الإنسان مع كل التساؤلات في خياله وتفكيره فيما حدث.

فبالتأكيد جميعنا كنا نتوقع نهاية مأساوية للحكاية بسبب إصرار البطل وطريقه الخاطئ أو الإنسان بمعنى أصح ولكن اجتمعت الأغنية الدعائية للمسلسل التي قام بغنائها مسلم "هتحارب مين" مع تتر المقدمة لمحمد عدوية "أعاند الأقدار" في الاتفاق على سعي الإنسان المستمر في محاربة الأقدار بكل الطرق غير المشروعة للوصول لهدفه والتي تنتهي نهاية موجعة: "تتشال تتحط مفيش مخرج ده طريق مسدود"!!

يفضل مؤلف المسلسل محمد هشام عُبية أن يترك الإنسان مع تفكيره وطرحه للأسئلة دون الإجابة عليها حتى يجعل المشاهد يفكر في القضية المطروحة ويحاول هو بنفسه الوصول للإجابة، وكأنه يقول للإنسان بطريقة غير مباشرة: "مهما عاندت من الأقدار في طريقك المبهم فلن تصل أو تحصل إلا على ما كتبه الله لك، فالرضا صفة هامة لا يدركها أغلب البشر خاصة عندما يعميهم أهدافهم".

وهو ما يؤكد عليه صناع العمل بطرق غير مباشرة بداية من تتر المسلسل ووصولاً لنصائح المحبين للبطل مثل حديثه مع والدته وحديثه مع حبيبته السابقة جيهان، والذي جاء رده على لسان مسلم في الأغنية الدعائية للمسلسل: "ده رضاك بنصيبك فرض، تقبله بالطول والعرض، وأهو آدم كان في الجنة وطمعه اللي اتسببه في طرد!".

نرشح لك: محمد هشام عبية: "صلة رحم" يثير التفكير لا الجدل.. ودخلت عالمًا سريًا لكتابة الحلقات