منافسة قوية يشهدها الموسم الرمضاني الحالي بين العديد من الأعمال الدرامية، والتي تتنوع ما بين الدراما التاريخية والاجتماعية والكوميدية والإنسانية، وسط سيطرة واضحة للمسلسلات التي تتكون من 15 حلقة.
حاول إعلام دوت كوم التعرف على أبرز الأعمال الدرامية المصرية التي جذبت الأدباء والمبدعين خلال رمضان 2024، ودفعتهم لمتابعتها، وعن سبب اختيار تلك الأعمال وآرائهم في ما عُرض منها من حلقات حتى الآن. لذا تواصلنا مع الكاتب والناقد محمود عبد الشكور، الذي أوضح أنه متابع للكثير من الأعمال الدرامية إلا أنه يرى أن أفضل 3 أعمال هي:
- الحشاشين
أرى أنه عمل ضخم متفوق في عناصره الفنية ويطرح أسئلة تتقاطع مع الحاضر الراهن، وأرى أن المسلسل قد دفع الناس أن تسأل وتستفهم عن الدين والسياسة والسلاجقة والباطنية وغيرها، كما أتاح فرصة للحوار حول الدارما والتاريخ والصراع بين الخيال والواقع.
أما عن الجدل المثار حول المسلسل، فأرى أنه لا وجود للموضوعية في الفن، لكن مؤلف الدراما أو "الدراماتورجي" يحافظ على ملامح عامة وأحداث تاريخية أساسية ومحورية، ثم يصنع منها عالما متسقا في عناصره ولا يتردد في ابتكار الشخصيات والمواقف ويركز على دوافع وطبيعة الشخصيات، في حين يهتم المؤرخ أكثر بالحدث والنتيجة فهو يكتب فقط عما حدث بالفعل، ولو كتب المؤلف الدرامي بنفس منهج المؤرخ ستكون كارثة وسنصبح أمام حصة تاريخ.
- امبراطورية ميم
معالجة ناضجة وذكية لقصة إحسان عبد القدوس، في سياق معاصر، حيث أعاد محمد سليمان عبد المالك البطولة إلى الرجل كما في قصة إحسان، وكانت المعالجة السينمائية قد جعلت البطولة للأم، لكي تكون القصة مناسبة لفاتن حمامة. والحقيقة أن وفاة الأم، ومأزق الرجل في إدارة الأسرة/ الإمبراطورية، أقرب إلى مغزى الحكاية الرمزي، لأن هناك المستوى الاجتماعي الواضح، سواء فيما يتعلق بالعلاقات بين الأب وأولاده، ومشاكل التربية، وصراع الأجيال، ومشكلات كل سن، ولكن هناك المستوى الأعمق والأهم، وهو تحليل طبيعة "السلطة الأبوية" داخل الخلية الأصغر في المجتمع وهي الأسرة، هل هي سلطة مطلقة أم أنها يجب أن تحلّق بجناحي "الحب" و"الحرية" معا.
أعتقد أنه لم يحدث أن نوقشت السلطة الأبوية بمثل هذا الوضوح، أو بتلك الجرأة، وداخل الأسرة، حصنها المقدس، ولذلك بدت القصة شديدة البساطة والجاذبية، وشديدة العمق والتركيب في نفس الوقت. من وجهة نظر إحسان، حتى في داخل الأسرة، لابد من إعادة تأسيس علاقات السلطة، فما بالنا على مستويات أوسع وأكبر وأهم؟ استوعب نجيب محفوظ الفكرة، فكتب معالجة عظيمة للفيلم، وجاء عبد المالك ليؤكد أنه أيضا على نفس الطريق، بل إن اختيار قصة "إمبراطورية ميم" بالذات دليل وعي بأهمية الفكرة المضاعفة في عصرنا الراهن، ومع جيل أكثر انفتاحا واختلافا، جيل أكثر مقاومة للامتثال، ما لم يفهم ويقتنع بما يقال له.
- صلة رحم
عمل جريء وهام، نجح مؤلفه محمد هشام عبية، في تقديم دراما قوية مختلفة، رغم أنه قد يكون المسلسل الأكثر جدلا هذا الموسم بموضوعه الشائك، وبشخصياته الثلاثة المحورية، وبتقاطع موضوعه مع الدين والعلم والقانون، وبخطورة الإنزلاق إما الى المباشرة والمواعظ، أو الى إرضاء كل الأطراف، أو الى تحويل الدراما الى محاضرات علمية جافة. المؤلف نجح في تقديم دراما محكمة، رسمت شخصياتها بشكل جيد، مع ضبط الخطوط والعلاقات، والابتعاد عن التنميط والكليشيهات، وتقديم الحكاية بشكل واقعي، صادم أحيانا ولكنه حقيقي.
تتجاوز المعالجة في رأيي مسألة تأجير الأرحام، لأنها أيضا دراما عن الإختيارات الصعبة والخاطئة والمؤلمة وربما القاتلة، دراما تختبر موقفا وجوديا ملتبسا أخلاقيا وإنسانيا، حكاية الكارثة التي تبدأ بفكرة، وتراجيديا "حالة النقص والاحتياج" التي تحرّك الشخصيات الثلاث بتنويعات مختلفة، وأرى أنه يكفي الدراما أن تجعلنا نرى الإنسان بكل تناقضاته، وأن نرى الحياة كما هي، وليست كما نريد أن تكون، يكفيها أن تلفت الإنتباه الى المشكلة، أما حلّها فهو مهمة جهات أخرى.
نرشح لك: فاطمة خير تكتب: بابا جه.. أزمة الأبوة وحل كوميدي لاختطاف الأب للأبناء