في ظل الكثير من الإنتاجات الدرامية كل عام في رمضان لا نشاهد عمل تاريخي أو ديني يذكر وإذا وجد لا يكون بالإنتاج الذي يريده الجمهور مثلما يشاهد الأعمال التاريخية العالمية بإنتاج ضخم وصورة ممتعة حتى جاء "الحشاشين" الذي تم إنتاجه بالشكل المطلوب وحقق الصورة التي يريدها الجمهور ولكن توجد عدة ملاحظات سوف نسردها معًا في هذا المقال..
كيف أدى "كريم عبد العزيز" "حسن الصباح"؟
لم يقع "كريم عبد العزيز" في فخ "المبالغة في تجسيد الشخصية" وذلك كما قال في إحدى اللقاءات مؤخرًا أنه لم يكره الشخصية وهذا مطلوب بكل تأكيد أن يبحث الممثل للشخصية الشريرة التي يؤديها عن المبررات والدوافع لهذا الشر حتى لا نري مبالغة كاريكاتورية وتخرج الشخصية عن واقعيتها ولكن كانت مشكلة أدائه أننا نتذكره نتذكر "كريم عبد العزيز" نفسه خلال مشاهدتنا لـ"حسن الصباح" فكان يجب أن ينصهر داخل الشخصية بإيقاعها هي ليس بإيقاع كريم الذي نعرفه فحدث ذلك الخلط واختلفت وجهات النظر حول أدائه ولنا أمثلة عربية وعالمية في ذلك وكيف شاهدنا ذلك الانصهار مثل "واكين فينكس" في الـ"Joker" و "أحمد زكي" في "زوجة رجل مهم" فلا يمكن أن تتذكر شخص الممثل الحقيقي في أثناء مشاهدتنا لهم ومن أقرب الأمثلة شخصية زيد بن سيحون التي جسدها الفنان "أحمد عيد" في نفس العمل الذي لم يتعرف عليه كثيرين من المشاهدين في بداية الأمر ويرجع ذلك في البداية إلى كتابة الشخصية بتركيبتها وتعقيداتها لأن ذلك يكون الناتج الذي يأخذه الممثل ليؤديه وفي رأييّ أن تم كتابة شخصيات مثل "زيد بن سيحون" و"برزك أميد" بشكل أفضل من كتابة "حسن الصباح" فسهل ذلك المهمة على "أحمد عيد" و"سامي الشيخ" وصعب الأمر على "كريم عبد العزيز".
كتابة شخصية "حسن الصباح"
يصعب الأمر على الممثل في تجسيد الشخصية عندما لم تكتب بشكل جيد فا مشكلة شخصية "حسن الصباح" أنه يتم الحكي عنها أكثر مما نشاهدها تفعل ما يُحكى عنها، وهذه قاعدة مهمة في الدراما تسمي "show don`t tell" فيتم تلقيننا بأن "حسن الصباح" ذكي وفذ مئات المرات ولم نشاهد ذكائه على مدار حلَقات المسلسل إلا في حوادث قليلة أفضلها وأهمها جاءت في الحلقة الحادية عشر التي تعد حلقة استثنائية في المسلسل لأن كتابتها منضبطة وقوية على عكس أغلب حلَقات المسلسل ويوجد بها منطق افتقدناه في بداية أحداث المسلسل فشاهدنا أخيرا ذكاء "حسن الصباح" وكيف أدار المعركة ضد "السلاجقة" لينتصر بقلة عددية مستغلًا غرور قائد الجيش السلجوقي وكيف استطاع أن يستغل نصره في نشر دعوته فشاهدنا شخصية "حسن الصباح" الذكية أخيرًا التي تستغل الفرص بعد سلسلة كبيرة من اللا منطق بدءًا من معرفته بحلم أم المستنصر بالله وشفاؤه لها لإنقسامه إلى عدة نسخ وهو يهرب من مراقبة رجال نظام الملك "فتحي عبد الوهاب" وسهولة إقناع "برزك أميد" بفك أسره ومعجزاته التي تتوالى بشفاء ولِد من مرض لا يستطيع أحد أن يشفيه منه كذلك معرفته بمرض وعلاج لشيخ الجنود الفنان "صبري عبد المنعم" الذين كانوا على مسافة قريبة لقتله ورجوعه قلعة "ألَموت" بعد انتهاء رحلته خارجها في النهاية دون أن نعرف كيف دخلها وقد أعطى "برزك" أمر للحراس بأن يقتل من يدعي أنه "حسن الصباح" ليدخل القلعة فتلك الأشياء لم تفسر ومعني انها لم تفسر فلا يوجد مبررًا لها سوى أنها كرامات حقيقية امتاز بها "حسن الصباح" وهذا وحده يكفي لخلق التباس في الشخصية التي من وجهة نظر الكاتب شخصية شريرة تمتلك القدرة علي إحداث كرامات! ومن العجيب أننا شاهدنا فعلا رؤية لـ "حسن الصباح" في نهاية أحداث المسلسل بأن "برزك أميد" قتل ابنه الهادي "عمر رزيق" وأوقعه من فوق سطح القلعة وشاهدنا تحقيق تلك الرؤية عندما نصح "برزك" "الهادي" بأن يقف فوق القلعة لمطالعة النجوم بشكل جيد لندرك بعدها أن" برزك" تخلص من "الهادي" كما رأى "حسن الصباح" في المنام.
علم الفراسة الذي لا نراه
تناولت أعمال عالمية كثيرة الشخصية التي تتقن علم الفراسة مثل "شارلوك هولمز" و"باتريك جاين" في مسلسل "the mentalist" ومن المعروف عن "حسن الصباح" تاريخيًا أنه يمتلك تلك الموهبة ولكن لم يبرز العمل كيف يفعل ذلك مثل الأعمال التي ذكرناها وهذا هو أهم سبب في نظري لضعف كتابة المسلسل فإذا كان تم الاهتمام بالتفسير للمشاهدين كيف يتم ذلك من خلال المشاهدة لا الحكي لكان اختلف وضع المسلسل تمامًا وسد الثغرات التي ذكرناها في شخصية "حسن الصباح" وبالتالي أداء "كريم عبد العزيز".
الحبكة المجبرة
يوجد مصطلح فني يعبر عن خطأ في الكتابة يسمى "Forced plot" أي الحبكة المجبرة ومعناها أن تتصرف الشخصيات على غير سجيتها للوصول للحدث الذي يريده الكاتب بالإجبار وليس بالمنطق وقد شاهدنا ذلك في بداية الأحداث حينما تم استدعاء نظام المُلك "فتحي عبد الوهاب" لـ "حسن الصباح" في بلاط الملك دون سبب واضح على عكس سببه لإستدعاء "عمر الخيام" الذي كان مبررًا ومن بعدها تم الصراع بين "نظام الملك" و"الصباح" على أساس لم يكن صحيحا وكان نظام الملك في غنى عنه.
أهمية دور "عمر الخيام"
في رحلة الأصدقاء الثلاثة "الصباح" و"الخيام" و"الطوسي" لا يوجد فيهما سوى الخيام الذي اختار طريق السلام من استمسك بمبادئه وحافظ على عهد الصداقة حتى النهاية وكسب نفسه ونجا بها على الرغْم من الإغراءات سواء كانت من "نظام الملك" بمكانة في الدولة أو من "حسن الصباح" بمكانة في القلعة ليكون هو من عرف قيمة الحياة من خلال "الفن" و"الحب".
وأداء "نيقولا معوض" لم يكن جيدا لأسباب أهمها عدم تغير انفعالاته في أثناء التعبير عن حالاته المختلفة التي مر بها في رحلته مع صهبان "محمد يوسف" وهو يشاهد من بعيد ما حدث لأصدقائه كذلك لم ينفعل حينما يلقي الشعر فلا نجد تغير في الصوت فى أثناء الإلقاء يجعل المُشاهد ينتبه لشعره فكان حلقة ضعيفة بسبب أداؤه الذي لم يكن مقنعًا في تجسيد شخصية هامة مثل "عمر الخيام".
أهمية تجرِبة "الحشاشين"
أهم ما يميز العمل أننا فتحنا الأبواب للأعمال التاريخية بإنتاج سخي وفي تاريخنا العربي والإسلامي الكثير من الحكايات الثرية التي من الممكن تجسيدها في الدراما.
وأفضل شئ في "الحشاشين" هي المتعة البصرية التي تحققت من خلال اختيار أماكن التصوير المناسبة لأجواء تاريخية أسطورية كان متعطش لها الجَمهور العربي وفي انتظار المزيد منها.
نرشح لك: النجوم من الدراما للإعلانات.. ما زاد عن حده انقلب إلى ضده