رصدت شبكة ABC الأسترالية قصة الشاب أليكس -اسم مستعار لحماية هويته- الذي بدأ، قبل سنوات، باستخدام السوشيال ميديا لترويج المخدرات.
من جانبه، أوضح “أليكس” موقفه للشرطة الاسترالية قائلا: “قبل استخدام السوشيال ميديا، كنت أتلقى عادةً حوالي خمسة عملاء يوميًا، أما الآن فأحصل على 15 عميلًا على الأقل يوميًا من فيسبوك”؛ أي أنه ضاعف مبيعاته اليومية 3 مرات!
كان “أليكس” البالغ من العمر 31 عامًا، قد استخدام الشبكات الاجتماعية مستعينًا بخدمة جهات الاتصال على Wickr – وهي خدمة مراسلة مشفرة – كوسيلة للوصول إلى العملاء، إلا أن تجربته استطاعت أن تعكس مدى تغير سوق مخدرات الشوارع على مدار العقد الماضي.
ومع موجة إغلاق كبرى ومحدودية الوصول إلى النوادي والحفلات التي ينتشر فيها بيع كميات صغيرة من المخدرات تقليديًا، خاصة أثناء أزمة كورونا، أصبح تجار المخدرات أكثر اعتمادًا على الحلول الرقمية وبالطبع تمثل السوشيال ميديا المنتدى المثالي لتواصلهم مع زبائنهم.
نرشح لك: 10 نصائح لتحمي نفسك من البوتات الآلية
ترجع استعانة التجار والمتعاطين بالإنترنت لبساطته وانتشاره العالمي. ولكن بينما تم إغلاق مواقع تجارة المخدرات الكبيرة مثل Dream Market أو Silk Road من قبل سلطات إنفاذ القانون، ظهرت السوشيال ميديا كسوق جديد مزدهر يتكون من آلاف التجار الصغار الذين يبيعون كميات ضئيلة من المخدرات للمتعاطين الأفراد.
أصبح بإمكان مصنعي وموزعي المخدرات الدوليين الآن تصدير كميات صغيرة منها مباشرة إلى المتعاطين في أي مكان في العالم، وفي بعض الحالات يتجنبوا خطر الاستيراد المحفوف بالمخاطر لكميات كبيرة من الأدوية التي ليس من الصعب إخفاءها فحسب، بل تترتب عليها عقوبات كبيرة.
فيما أدت التكنولوجيا إلى تحول كبير في شحن ونقل المخدرات حول العالم، مما أدى إلى ظهور معيار جديد لهذه التجارة غير المشروعة.
وأشار التقرير إلى أن إنستجرام أيضًا برز كمنصة رئيسية للاتجار بالمخدرات، موضحًا أن منصات الوسائط الاجتماعية مثل سناب شات، وجرندر أيضًا تقدم لأشخاص مثل أليكس والتجار والمشترين في جميع أنحاء العالم نموذج عمل غاية في السهولة بعيدًا عن أعين الشرطة في بعض الحالات.
على صعيد آخر، يعتقد الدكتور جيمس مارتن، المتخصص في ملفات العملات المشفرة وتجارة المخدرات غير المشروعة عبر الإنترنت، من جامعة سوينبورن، أن سهولة الدخول في بيع وشراء المخدرات هو عامل الجذب الرئيسي لاستخدام السوشيال ميديا، ويضع مارتن هذه المنصات الآن في منتصف الطريق بين أسواق الشوارع والشبكة المظلمة.
ويقول “مارتن”: “نتعرف على سبب استخدام الأشخاص للشبكة المظلمة لأنها آمنة جدًا ومشفرة ومن الصعب على سلطات تطبيق القانون اختراقها من أجل جمع الأدلة أو حتى اكتشاف ما يحدث على الشبكة المظلمة”.
ما هي الشبكة المظلمة؟
يحتل مصطلح “الشبكة المظلمة” عناوين الصحف على مدار السنوات العشر الأخيرة باعتبارها ركن غامض على شبكة الإنترنت يستغله المجرمون والخطرون المتورطون في أنشطة غير قانونية وغير مشروعة مستغلين التصفح بهوية مجهولة في الغالب وعلى الرغم من كل ما كتب عن الشبكة المظلمة، يصعب على الكثيرين فهمها.
شبكات التواصل الاجتماعي ليست شبكات مظلمة
لكن بالطبع السوشيال ميديا ليست ركنًا غامضًا وغالبية المنشورات والتعليقات على كافة المنصات تكون أكثر وضوحًا، لذا عندما طرحت الشبكة الإخبارية الأسترالية سؤالاً على البعض لماذا يستخدمون تطبيقات التواصل الاجتماعي لشراء المخدرات أجابوا ” لأنه من السهل جدًا القيام بذلك”.
الشرطة تواجه تحديات جديدة
مع تزايد استغلال الحلول الرقمية في بيع المخدرات، تكافح سلطات إنفاذ القانون لمواكبة هذا التطور، إذ يعد استخدام تقنيات الرسائل المشفرة والشبكات الافتراضية الخاصة والبيانات الخارجية والافتقار إلى التشريعات اللازمة لضبط المنصات الرقمية من بين التحديات التي تواجه الشرطة في سعيها للقضاء على تجار المخدرات الذين يتاجرون بهذه الطريقة.
وعلق مدير المباحث الأسترالي جون واتسون، من فرقة المخدرات والأسلحة النارية في نيو ساوث ويلز، قائلاً: “من المؤكد أن توفير المخدرات عبر الإنترنت ليس جديدًا، لكنه يشكل تحديًا فريدًا لإنفاذ القانون”.
أضاف: “هذا هو الحال بشكل خاص على مواقع التواصل الاجتماعي الشخصية والعامة، لكننا نستهدف هذه المساحات بنشاط”، موضحًا أن أبرز هذه العقبات هو أن الشرطة ستحقق فقط في الواردات الكبيرة بناء على تحريات موثوقة من أجل تقديم قضية متكاملة للعدالة، وهذه ليست الحالة عندما يكون الشحن لكمية ضئيلة لمتعاطٍ فرد.
التحدي يواجه المنصات أيضًا
قال متحدث باسم فيسبوك في بيان “نشجع أي شخص على الإبلاغ عن هذا النوع من المحتوى غير المشروع على الفور حتى نتمكن من مراجعته واتخاذ الإجراء المناسب”، مشيرًا إلى أدوات الإبلاغ داخل التطبيق، مضيفًا أن المنصة شجعت “أي شخص يرى محتوى غير قانوني عليه الإبلاغ عنه”.
دور الذكاء الاصطناعي
بالإضافة إلى تقارير المستخدمين، تعتمد منصات السوشيال ميديا بشكل كبير على تقنية الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للتمشيط بحثًا عن أي نشاط غير قانوني ينتهك معايير المجتمع، من المواد الإباحية للأطفال أو الاتجار بالمخدرات، والمنطق هو أن وضع علامة على أي شيء يسهّل نشاطًا غير قانوني وحظره سيمنعه في النهاية.
من جانبه، يقول الدكتور توبي والش، أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة نيو ساوث ويلز، إن الاعتماد على مستخدمي السوشيال ميديا للإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة وعلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي لوضع علامة على كلمات أو علامات تصنيف أو مستخدمين معينين لا يعد بديلاً للذكاء البشري. ويوضح الدكتور والش: “ما تود شركات التواصل الاجتماعي أن تصدقه هو أنها أكثر قدرة، ولكن الذكاء الاصطناعي سيتطلب دائمًا، في الوقت الحالي، إشرافًا بشريًا”.