منذ الساعات الأولى لبداية الأحداث في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر الماضي، وتعاملت مصر بحكمة وبشكل استباقي للحفاظ على الأمن القومي، وهو الأمر الذي برز في اتصالات مكثفة ولقاءات جمعت بين المسؤولين الغربيين الذين توافدوا على مصر مع اشتداد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتأكيدات مصر بضرورة الوصول لتهدئة من أجل إيقاف الحرب مع رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم باتجاه سيناء.
مواقف مصرية واضحة برفض التهجير ودعم صمود الشعب الفلسطيني وإتاحة عمل معبر رفح على مدار الساعة من الجانب المصري، أمور مكنت الدولة المصرية من أن تكون لاعب مؤثر في التوصل لتهدئة الأيام الستة التي حدثت في أواخر نوفمبر الماضي والتي تم بموجبها إطلاق صراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.
موقف مصري كان محل تقدير وشكر من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أجرى اتصالاً مع الرئيس السيسي لشكره على الانخراط في الوساطة المشتركة مع الولايات المتحدة وقطر من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية، فيما حصدت مصر دعماً دولياً لموقفها برفض التهجير الفسري للفلسطينيين.
تحملت مصر على مدار أسابيع ضغوط كثيرة من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية والوصول لهدنة، تحمل لم يكن على مسار اتساع تباينات وجهات النظر بين طرفي الحرب فقط، ولكن امتد أيضاً لترتيب وإدخال المساعدات لداخل قطاع غزة مع عمليات اسقاط جوي لم تتوقف من أجل إيصال المساعدات للشمال لمنع حدوث مجاعة مع صعوبات وصول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية فضلاً عن ادخال أكثر من 80% من المساعدات بأموال مصرية.
خاضت مصر مفاوضات شاقة هدفها تقريب وجهات النظر، عبر التنسيق مع كافة الأطراف، بتحركات منظمة ومنسقة في محاولة من أجل سرعة التوصل للهدنة، ومع كل جولة من جولات التفاوض كان المسؤولين المصريين يحرصوا على محاولات تقريب وجهات النظر، متحركين بدوافع وطنية هدفها الرئيسي انهاء الحرب.
ومن الأيام الأولى للحرب، طلبت مصر تقديم رؤية متكاملة لحل الأزمة، وهي الرؤية التي جرت مناقشات بشانها في باريس والدوحة وتل أبيب والقاهرة على مدار أيام من الاجتماعات لعبت فيها مصر دور الوسيط النزيه الساعي لتحقيق الاستقرار المحذر من تداعيات استمرار الحرب وتفاقمها وتمددها في المنطقة، وهو الأمر الذي بدأ يتحقق مع امتداد تأثيرها لجبهات أخرى.
عملت مصر انطلاقاً من دور تاريخي في دعم القضية الفلسطينية، ومن تجارب سابقة استطاعت فيها تحقيق وساطات ناجحة لوقف التصعيد على مدار السنوات الماضية، بمقترحات قدمت لجميع الأطراف بشكل واضح وصريح.
نرشح لك: مغالطات "سي إن إن" حول الوساطة المصرية في "حرب غزة"