منذ حوالي أكثر من شهر، ثار الصحفيون ضد الفنان أحمد السعدني وأسرته بسبب رغبتهم في عدم حضور الصحفيين والمصورين إلى عزاء الراحل صلاح السعدني رغبة منهم في بعض الخصوصية في هذا اليوم الصعب عليهم، خصوصا بعد مشاهد الشد والجذب بين أحمد السعدني والصحفيين أثناء الجنازة.
وطلبه منهم عدة مرات بالامتناع عن تصويره نظرا لحالته النفسية ولكنهم لم يستجيبوا وظلوا يطاردونه مصرين على التصوير رغم تدخل عدد من الفنانين ليوضحوا لهم رغبته.
بعد قرار الأسرة بمنع وجود صحفيين ومصورين في العزاء، اعتبر الصحفيون أن ذلك إهانة لهم وسلبهم حق أصيل ليهم في مزاولة عملهم وتوثيق الحدث ونقله.
وانقسمت الآراء بين داعم للصحفيين في حقهم ومدافعا عن كرامتهم التي اعتبروها تعرضت للإهانة، وبين مؤيد لقرار أسرة السعدني ومطالب بمنع تصوير الجنازات والعزاءات تماما لما يبدر من الصحفيين من سلوكيات لا تناسب حرمة الموت ومشاعر حزن الأهل، من تطفل وهجوم على أهل المتوفى وأسئلة غير ملائمة للموقف ككل تجاه الحضور.
أقيم عزاء والدة المطرب محمود الليثي، بالأمس الأحد، بمسجد عمر مكرم، وكان هناك مكان مخصص للصحفيين والمصورين ووسائل الإعلام، الذين كان لهم حضور كبير من حيث العدد ولافت للنظر من حيث الأفعال، فكانوا أقرب لأن يكونوا نجوم الحدث، هم الخبر للتغطية وليس العزاء نفسه، وفيما يلي أبرز الملاحظات:
تدافع وركض لتجميع أكبر عدد من الصور
قبل أن تصل لمكان العزاء بمسجد عمر مكرم، ستجد تجمعا كبيرا يبدو لك من بعيد، تقترب فترى أن هؤلاء هم الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة، يقفون في المكان المخصص لهم، وفي بداية منطقة جلوس المعزين، وانتشروا وتمددوا إلى الشارع الرئيسي مما كاد يتسبب في إعاقة حركة السيارات، ولكن الأمن ظل "يزعق ويزجر" هذا الحشد ليتراجع قليلا ونجح في ذلك.
ولكن ما أن يظهر فنان أو لاعب كرة قدم أو أي شخصية عامة معروفة، هنا يبدأ هجوما ضاريا عشوائيا تجاه هذا الشخص، صحفي واحد يرى شخص ما معروف فيركض ويركض خلفه الجميع في تدافع فوضوي وقد يتسبب في ضرر لبعضهم البعض، دون حتى أن يعرف هذا الحشد الذي يركض هوية الشخص الذي يتسابقون لالتقاط صورة له، قد يكون ليس ذو أهمية من الأساس ولكن المهم هو تصوير عدد من اللقطات لتسليمها لرئيس العمل.
شجار وتسابق.. ومشهد مخجل
في خضم هذا الزحام والتدافع الذي يصل إلى حد الضرب، تستمع إلى أصوات البعض يتشاجرون لأن أحدهم أفسد لقطة الآخر، والحقيقة أن معظم اللقطات فاسدة بسبب العمل بأسلوب البقاء للأقوى، وأصوات أخرى رأت المشهد مخزيا فتطالب ببعض الهدوء والنظام لأن منظر الصحفيين مخجل.
أيضا وسط الزحام، وفي المنطقة المخصصة للصحفيين، تجد أي شخص مار بالشارع قرر أن يقف هنا ويدفع يد صحفي ممسكا بكاميرا ورفع هاتفه المحمول للتصوير، مثله مثل أي صحفي، لن تفرقه، ولن تستطع أن تعرف هل السلوكيات السابقة من الصحفيين أم هم بالأساس أغلبهم ليسوا صحفيين.
المحتوى لا يهم.. المهم اللقطة
وجدنا أيضا صحفيين لا يعرفون الشخصيات التي أمامهم ويقومون بالتسابق لتصويرها، فقط كل ما يعرفونه أنه طُلب منهم أن يفتحوا الكاميرا ويلتقطوا كل ما يستطيعون تصويره، فهل رؤساء التحرير يريدون صحفيين من هذا النوع؟ بهذا المستوى من الوعي؟ هل المهم التصوير وفقط؟ أم اللقطة التي تستحق التصوير؟ ما الذي يجعل عدد كبير من الصحفيين يدفعون بعضهم البعض بشكل أقرب للعنف من أجل تصوير شخصية معروفة وظهورها متكرر وليس نادر ولا يوجد أبعاد لوجودها في عزاء والدة فنان شهير؟ على سبيل المثال وليس الحصر، الإعلامية ريهام سعيد، الفنانة نهال عنبر، الفنان طارق النهري، المنتج أحمد السبكي، لاعب الزمالك السابق طارق يحيى، خالد بيبو مدير الكرة بالنادي الأهلي، الفنان سليمان عيد.. وغيرهم من الشخصيات التي تظهر في مناسبات متكررة وليس حولها أي جدل مثار وحضورها ليس له أي معنى صحفي، مجرد حضور "عادي" لأداء واجب عزاء.
من يمنع الصحفيين عن أداء عملهم؟.. الإجابة ستبهرك
بالأمس، كان الأمن الخاص بالعزاء "البودي جاردات" يتمتعون بالهدوء رغم سلوك الصحفيين الهجومي، لم يتعرضوا لأحد بالإهانة، والإهانة جاءت من الصحفيين لأنفسهم، تدافع، عنف، تسابق، أصوات مرتفعة والجميع منزعج من الجميع، فالصحفيون هم من يمنعون أنفسهم عن أداء عملهم.
في مدخل العزاء، كان يوجد مبخرة كبيرة، من حين إلى آخر يأتي شخص يضع بها فحمًا مشتعلا بالنيران ويلقي بالبخور بداخله ويحرك الهواء فوقه حتى يزداد اشتعالا وتفوح رائحته، تلك المبخرة الضخمة كانت هي عقاب الصحفيين على ما فعلوه، فكانت شذرات حمم الفحم المشتعلة تترك كل الاتجاهات وتتطاير فقط في اتجاه الصحفيين.. فيتوقفون عن الشجار ويتفرقون عائدين إلى المنطقة المخصصة لهم لثواني معدودة، ثم يعودون مجددا، هكذا دواليك.