"ولاد رزق 3".. ألعاب ذهنية ومحاولة إنعاش للأوغاد

"ولاد رزق 3" والوغد الباهت

يقول ألفريد هيتشكوك: "كلما كان الوغد ناجح كلما كان الفيلم ناجح" وهذا ما لم نشاهده في "ولاد رزق 3"، فقد شاهدنا محاولة لإنعاش أوغاد الجزء الأول شربيني "محمد لطفي" والمعلم صقر "سيد رجب" مرة أخرى بطريقة أقل تعقيدًا، ولا مانع من استدعاء أوغاد قدامى بشرط وجود عنصر جديد يُصعب الأمر على "الأبطال"، وهذا ما تم الفرش له في نهاية الجزء الثاني مع وجود شخصية جديدة تسمى الشايب "آسر ياسين"، ولكننا لم نشاهد هذا التسلسل الذي ألزم به الكاتب نفسه بتشويقه لنا بجزء ثالث بل شاهدنا العكس تمامًا وبلا داعي.

"الشايب" ديكور دعائي

نشاهد في أفلام السلاسل العالمية وجود وغد شرير جديد طازَج كل جزء، ليزيد من تحدي البطل ويكون عادةً نجمًا مشهورًا ذو ثقل ليترجم ذلك على الشاشة بإقناع المتفرج، وهذا أول سقطة وقع بها "ولاد رزق 3" حينما تم تقويض التسلسل الذي وعد به الجَمهور في نهاية الجزء الثاني، وتم ضم الشايب "آسر ياسين" لفريق "ولاد رزق" بلا منطق.

ومما زاد الأمور فوضى هو عدم وجود دور فعال لتلك الشخصية، فلم ينقذ ولاد رزق من شئ حينما اشتدت عليهم الأمور بل أنهوها هم وحدهم، فلا أصبح المنقذ الذي يظهر لتخليص البطل من أزمته ولا الشرير الذي يتحدى البطل.

كذلك لم يتم تقديمه بشكل جيد، ونلاحظ ذلك حينما نشاهد تقديم شخصية عباس الجن "باسم سمرة" الذي لم يظهر سوى ثلاث مشاهد في الجزء الثاني، ولكن حجم فائدته في الحدوتة يكشف عوار تقديم "الشايب" ومدى عدم نفعه وكأنه ديكور دعائي للفيلم بلا نفع، علي عكس "عباس الجن" الذي ظهر حجم تأثيره بسبب وجود تاريخ له وتاريخ بينه وبين الشخصية الرئيسية رضا "أحمد عز".

كذلك لم نشاهد كيمياء بين "آسر ياسين" والأبطال القدامى للسلسلة، فالشايب كان بمثابة شخصية قادمة من فيلم أمريكي تساعد ولاد رزق أبناء منطقة "عين الصيرة" وهذا وحده من الممكن أن يلخص خلل هذا الجزء، وهو "التنازل عن الأصالة في سبيل صنع شئ يشبه الأفلام الأمريكية" كأننا نقرأ لنجيب محفوظ يغير من أبطال الحارة الشعبية إلى دراما أمريكية لنقول ها نحن ننافس الأمريكان.

حركة بلا منفعة

من الجيد صنع وتصميم المزيد من الحركة والمطاردات ولكن هل هذا ما ينقص السلسلة فعلًا؟ هل هدف كل جزء من السلسلة هو زيادة الإنتاج أم تنفيذ أفكار أكثر تعقيدا؟ الأولوية دائما وأبدا للنص قبل الإنتاج وهذا لا ينقص من دور الإنتاج، ولكن لا بد من أفكار جيدة أولا لشرائها وتنفيذها وليس انتهاز فرصة للتصوير داخل حلبة ملاكمة في موسم رياض قبل أن يوجد نص، كما قال "طارق العريان" في المؤتمر الصحفي للفيلم.

في الجزء الأول نشاهد قصة داخل قصة تتخللها جريمة داخل جريمة من جرائم "ولاد رزق" مع ظهور شخصيات جديدة نبدأ بالتعرف عليهم من خلال الأحداث، أما في الجزء الثالث نشاهد الكثير من الاستعراض بدلا من الكثير من الألعاب الذهنية وهذا ما ميّز فيلم "ولاد رزق" من البداية "ألعاب العقل" وليس الحركة، فالفيلم من الأساس لا يعتمد على الحركة قدر ما يعتمد على الألعاب الذهنية.

ومطاردات الجزء الأول كان لها سبب وصراع عن الجزء الثالث، فتم الكشف عن الشخصيات وخطورتهم مثل معركة "ولاد رزق" مع "شربيني" التي أدت في النهاية إلى فقدان رمضان "كريم قاسم" عينه، ودخول الشخصية الرئيسية "رضا" في صراع نفسي بأن لا يكمل في ذلك الطريق وبداية الكشف عن شخصية ربيع "عمرو يوسف" الذي ينافس اخيه الكبير"رضا"، ويختار أن يكمل بدونه ليزيد الأمر احتدام ويستعين بالمعلم صقر "سيد رجب" الذي تم الإشارة له في بداية الفيلم، فيتورط معه "ربيع" بعدما يخطف أخيه الاصغر "رمضان" فتزيد الصراعات دون مطاردات وتحطيم سيارات بلا معنى حتى نشاهد الكشف عن الوغد الأكبر رؤوف حمزاوي "محمد ممدوح"، وكيف تم بناء محكم لحلقة صنعها "ولاد رزق" للقضاء على أعدائهم واحد تلو الاخر.

تويست مقحم

في نهاية الجزء الثالث نشاهد التواء ومفاجأة ولكنها ليست مثل مفاجأة الجزء الأول في نظري أو حتى الجزء الثاني، وهذا أولاً لأنها غير طازجة وثانيًا لأنها مقحمة يشوبها الاستسهال، فلا يوجد بها تعب من الأبطال في التنفيذ مثلما ذكرنا في الجزء الأول، فالألتواء في الجزء الأول حدث للسبب وبأحداث متصاعدة، أما التواء الجزء الثالث اعتمد على التقاط مدرس صادف أنه يستطيع التمثيل ووافق على الإجرام بسهولة دون مجهود بشكل هزلي أعطى للفيلم كوميديا أكثر، وقلل من أصله ألا وهو وجود الألعاب الذهنية كما ذكرنا في البداية، فإن أردت تكملة تلك السلسلة عليك الاجتهاد اولًا في صنع المزيد من الأفكار الذهنية، ثم تأتي الحركة والكوميديا بعدها وليس قبلها.