عزيزي القارئ..
أرجو أن تكون بخير وفي أفضل حال.
وبعد التحية والسلامات.. لا أخفي عليك سرًا بأنني كنت أفكر أن يكون عنوان هذا المقال هو نفسه النص المكتوب الذي تقرأه توفيرًا لوقتك الثمين الذي يتبدد مع هاتفك الذي بات جامعًا للمواقع والصحف وكل ما هو إخباري يقدم إليك الجديد والمهم وأنت في مكانك وبين قبضة يدك.
وكل هذا يا عزيزي يأتي مع طوفان مقاطع الفيديو التي تطاردك من منصات "ميتا" بداية من "إنستجرام" وترك حسابك مفتوحًا بعكس نصيحة الغلق التي يشجعها أحدهم في العشرينيات والثلاثينيات، وصولًا إلى عالم "تيك توك"، والعديد من المنشورات والتغريدات لدى المرحوم "تويتر" الذي أصبح اسمه X برعاية صاحبه ومستثمر أمواله فيه إيلون ماسك.
بالمناسبة.. إيلون ماسك دفع 44 مليار دولار من حر ماله للاستحواذ على "تويتر" وإتمام الصفقة.. فهل تسمح لي بسؤالك.. ماذا تفعل يا عزيزي لو معك هذا المبلغ؟
عزيزي القارئ..
سأتركك تفكر في الإجابة.. لأنك قد تكون في اختبار؛ خاصة إذا تعددت الأقساط والالتزامات بينما الجيب واحد.
ربما تسأل نفسك الآن.. ما سبب وجودك في هذا المكان؟
ستجد العديد من الإجابات.. منها أن خوارزميات "فيسبوك" قدمت إليك هذا المقال.. أو أنك بين متابعي المنصة التي تحرص على قراءة محتواها الذي يمر أمام عينيك الآن أو..... أو..... أو...... لعبت الصدفة دورها والله أعلم.
وحتى لا أطيل عليك يا عزيزي.. سأصارحك بأن سبب ما تقرأه الآن هو حجب جائزة أحمد رجب للكتابة الساخرة ضمن الجوائز السنوية لنقابة الصحفيين المصريين، وهو الكاتب الكبير الذي عاش عمره في "دار أخبار اليوم" التي أسسها مصطفى أمين الذي كان كما يقول عنه في مقدمة كتاب "١/٢ كلمة": "خفيف الدم يملأ المجلس الذي يجلس فيه ضحكًا ومرحًا".
وقت كتابة تلك السطور لم تكن هناك حيثيات معلنة عن سبب الحجب الذي يمنع الفوز بالجائزة عن عامي 2022 و2023، وهو ما يعني في اعتقادي رحلة بحث من الصحافة عن "دم خفيف" يعيد لها بهجة أولياء الكتابة الساخرين.
وبدأت التساؤلات تضرب رأسي كطنين موجات الرنين المغناطيسي أبعدها الله عنك وسلمك بالصحة والعافية.. فهل الأعمال المقدمة لم ترق إلى منزلة الفوز ولو بنسبة 50% + 1؟
هل الأمر له علاقة بمشاغبات حائرة أو غائبة تبحث عن "تنفيسة" و"كلمة حلوة" كما رددها محمود المليجي أمام أحمد زكي في فيلم "إسكندرية.. ليه؟" للمخرج يوسف شاهين.
هل الموضوعات خلال العامين المذكورين لم تجد من يصلح للكتابة عنها بسخرية تجعلك مبتسمًا دون ظل ثقيل يغلف حروف صاحبها؟
هنا قررت أن أشارك صديقي Google التفاصيل لمعرفة الموضوعات الرائجة في مصر خلال تلك الفترة، فجاء بمؤشرات دفتر الـ Trendsفي سرعة البرق وكشف عن عناوين ربما إن قرأها المتنبي سيجيبك كعادته: "وكم ذا بمصر من المضحكات....."، وأعتقد أنك تعرف بقية الكلمات.. وإذا تعثرت فلا تيأس.. اسأل "جوجل".
خذ عندك يا سيدي أن من بين الموضوعات التي بحث عنها متابعون على أرض المحروسة وبالعامية المصرية في عام 2022 ودون علامة استفهام: "ازاي أقرص الناموسة زي ما قرصتني".
تخيل أحدهم جلس وكتب من وراء شاشة هذه العبارة.
فما الدوافع؟
هل هي نكتة؟
هل لعبة إلكترونية يريد الوصول إلى أكبر عدد ممكن من النقاط ليحظى بحلاوة النصر في عالم الترفيه؟
هل هي رغبة حقيقية في معرفة كيفية الانتقام من لدغات "الناموسة"؟
لك العلم بأن النتائج تكشف لك عن 3 محافظات وهي الإسكندرية والقاهرة والجيزة قرر سكان بين بيوتها البحث عن تلك العبارة بطيب الخاطر.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل ذهب آخرون للبحث عن عبارة أخرى ألا وهي: "ازاي ألاقي ريموت التلفزيون" وبلا علامات استفهام، وكأن جميع الأمور انتهت ليبقى على الأستاذ "جوجل" عبء المشاركة بإجابات عن هذا التساؤل وغيره مثل: "ازاي تخلي البنات تحبك" و"ازاي تخنق جارك"، في وقت كان مزاج المصريين يبحث ويستمع أيضًا وفقًا للنتائج المتاحة إلى أغاني "الغزالة رايقة" و"ستو أنا" و"شيماء" و"البخت" و"يوماتي ببعت سلامات".
هذا بعض من فيض ما في دماغ المصريين من بحث عن موضوعات خلال عام 2022.. فماذا عن 2023؟
سيجيبك "جوجل" يا عزيزي القارئ بتصدر القضية الفلسطينية ترامنًا مع "طوفان الأقصى" وما حدث في 7 أكتوبر 2023، وستتصدر اهتمامات المتابعين في قائمة الأخبار حرب فلسطين وإسرائيل، وانخفاض قيمة الجنيه المصري "التعويم"، وزلزال مصر، وزلزال تركيا، وزلزال المغرب، وأزمة السودان، وعديد من الموضوعات التي جاء من بينها البحث عن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن المنصات والمواقع.
أسمعك الآن تسألني.. ماذا يفعل المشترك في المسابقة؟
هل موضوعات العامين تستحق الكتابة عنها بسخرية؟ وهل يرتبط الأمر بالسياق العام الذي نعيشه؟
هل أصبحت السخرية أقرب لجو مواقع التواصل الاجتماعي بعيدة عن أي مشاغبات ترقى إلى منزلة الكتابة الساخرة؟
ولماذا طالما كان هناك بحث عن الذكاء الاصطناعي في 2023 ألا يكون هناك حضور للمدعو ChatGPT والدخول في دردشة معه حول الكتابة الساخرة؟
وجدتني يا عزيزي أرحب بالفكرة وحصلت على إجابة من نظام الدردشة الآلي فقال لي: "يبدو أن الصحافة اليوم، في خضم الطوفان المعلوماتي واهتمامات الجمهور المتناثرة، ما زالت تبحث عن “دم خفيف” يعيد لها بريق الكتابة الساخرة الذي طالما أضفى على حياتنا ابتسامة. ربما يكون حجب جائزة أحمد رجب إشارة إلى هذا البحث المستمر، بحث عن خفة الروح والقدرة على تقديم النقد بلمسة فكاهية تجعلنا نفكر ونضحك في آن واحد. فهل ستجد الصحافة هذا “الدم الخفيف”؟ أم أن السخرية ستظل حبيسة الشاشات الصغيرة، حيث لا تترك أثرًا عميقًا كما كانت تفعل بين صفحات الجرائد؟".
لم أكتف بهذه العبارات.. بل وجدتني أسأله عن معنى حديثه في كلماته الأخيرة، فوجّه رده في طلقات سريعة بأن "المقصود بالجملة هو التساؤل عما إذا كانت السخرية ستبقى محدودة في نطاق وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، حيث تنتشر بسرعة ولكنها قد لا تترك تأثيرًا عميقًا ومستدامًا كما كانت تفعل الكتابة الساخرة التقليدية التي تُنشر في الصحف والمجلات. الكتابة الساخرة في الصحف كانت تتميز بأنها تصل إلى جمهور واسع وتظل في الأذهان لفترة طويلة، بينما المحتوى الساخر على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون عابرًا وسريع الزوال بسبب الكم الهائل من المعلومات التي يستهلكها الناس يوميًا"، ليختتم بعقلانية مغلفة بالذكاء الاصطناعي: "الجملة تعبر عن الحنين إلى قوة وتأثير الكتابة الساخرة التقليدية، وتطرح تساؤلًا حول ما إذا كانت السخرية الرقمية قادرة على تحقيق نفس الأثر العميق والمستدام".
وقبل الختام يا عزيزي.. قلت لماذا لا أختبر الذكاء الاصطناعي وممثله ChatGPT في الكتابة الساخرة؟
ووقع اختياري على انقطاع الكهرباء.. فكتب رأيه الساخر بأنه "إذا كنت تعاني من الملل في حياتك، جرب انقطاع الكهرباء! إنه يمنحك فرصة لتعيش تجربة حياة القرون الوسطى بدون تكلفة السفر عبر الزمن."
ربما ستقول لي قبل وداع هذه السطور إن المقال لن يمر بسلام بعد هذه الكلمات.. لكنني سأخبرك بأن الأمور على ما يرام، والدليل أنك تقرأ الآن.. إلا إذا كان لديك تخفيف أحمال يمنعك من استكمال القراءة.. لأنه من غير المعقول أن يأخذ أحدهم على خاطره من كلام بالذكاء الاصطناعي.. والسلام ختام.
نرشح لك: معتز نادي يكتب: عالم الأخبار الرقمية.. 25 نتيجة من ملخص تقرير رويترز