العلاقات الإنسانية والتعامل بين الأزواج، ليس لهما قاعدة ثابتة أو قائمة لمعرفة الخطأ والصواب في التعاملات اليومية بين طرفي العلاقة، المعلوم هو أن العلاقات القوية والصادقة تُبنى على الاحترام المتبادل ومن ثم الحب.
العلاقات تحتاج لاهتمام وتفهم وحسن عشرة، وغيرها من الأمور الحسنة والطيبة، التي تصب في النهاية لصالح الطرفين دون اعتبارات حول جنس الطرفين، فلا يوجد قاعدة تقول إن الاحترام في الزواج لا بد وأن يكون للرجل فقط دون المرأة أو العكس.
وفي كتاب الله العزيز جاء الحديث عن الزواج بقوله تعالى "وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لِءَايَٰتٍۢ لِقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ".. هنا في تلك الآية أوضح الله عز وجل أن الزواج سكن ومودة ورحمة، وليس حربا جارية بين الطرفين بسبب اختلاف جنسهما. كل علاقة وتعامل إنساني هو منفصل بذاته وليس بالضرورة كل ما ينطبق على زوجين يمكن أن ينطبق على زوجين آخرين، لكن هناك ضوابط عامة قد تساعد في نجاح الزواج كما ذكرنا، وأولها الاحترام والحب، الذي يجعل كل طرف يسعى لمرضاة الآخر بكل السبل دون التفكير في حقوق الرجل والمرأة.
لذلك فتصريح الفنان علاء مرسي -الذي سأفترض فيه حسن النية وسوء التعبير- عن علاقة الزواج بين الرجل والمرأة، بأنه يفضل أن يكون الرجل "سي السيد" على حد وصفه، فإنه مدعاة لخراب البيوت كما هو الأمر فيمن ينادون بحقوق المرأة بشكل فيها مغالاة للأمر والتعامل مع الرجل وكأنه عدو. خلال حديث "مرسي" ذكر أن والدته كانت لا تجلس أبدا في حال دخول والده المنزل، ويرى أن ذلك الأمر هو الطبيعي في العلاقات وأنه نشأ وتربى على ذلك العرف والموروث. دعنى أخبرك أيها الفنان الفاضل أن علاقة والدك ووالدتك ليست مقياسا لكل علاقات الزواج على وجه الأرض ولو فكرت فيما تفعله والدتك فأنه فعل حب وخير، ولكنه ليس شرطا لتعامل المرأة مع زوجها، الفضل والمحبة في العلاقات لا تأتي بالإجبار بل بالمحبة والود، وقد لا تقف زوجة لزوجها خلال دخوله للمنزل لكنها تسهر على راحته وتوفر له حياة هانئة طيبة وسعيدة وهو يفعل نفس الأمر لها.
نرشح لك: عمرو منير دهب يكتب: المعركة السرمدية.. الفصل الأخير من كتاب "جينات أنثويّة"
كما أن الحديث بطريقة هذا ما وجدنا عليه آباءنا، طريقة خاطئة تماما في التعامل، جيل والدك ووالدتك ليس هو الجيل الحالي، أنت لم تدخل كل البيوت ولم ترَ الخبايا وأسباب فشل العلاقات كي تحكم بشكل مستهتر، بأن العلاقات خربت بسبب حصول المرأة على حقوقها.
مناداة قاسم أمين -الذي وصفته بشكل جاهل لا ينم عن كونك فنانا من المفترض أن تكون مثقفا ولديك رؤية من أجل المساهمة في تغيير المجتمع للأفضل- بحقوق المرأة لم تكن شعارات أيها الفنان الفاضل، أعتقد أن بناتك دخلن التعليم، لولا شعارات قاسم أمين التي وصفتها بشكل مهين لم تكن النساء ستخرج للتعليم، ولنفترض أنهن تعلمن دون عمل، فالأمر فيه نفع كبير للمجتمع والأسرة وليس سببا في الخراب والتمرد كما وصفت.
قارنت بين زميل قاسم أمين الذي اخترع النووي ولا أدري أي عالم تقصد بالتحديد، فالمعلوم أن روبرت أوبينهايمر هو من اخترع القنبلة النووية، التي مثلما قدمت خيرا للبشرية، فقدمت أيضا خرابا ودمارا وضياعا لشعوب كاملة تم إبادتهم. بنظرتك المحدودة قارنت بين علمين منفصلين تماما، فقاسم أمين لا تقل أهميته في مجتمعنا عن صانع النووي حتى لو لم تتفق أنت معه فيما قدمه، الأدباء والمفكرون يقدمون أفكارا لتقدم المجتمعات وليسوا مطالبين ببناء المفاعلات النووية، وكل من يدرس ويتعلم ليس مطالبا بأن يكون عالما في الفيزياء، وبتلك المزايدة التي تنم عن جهل وسوء تعبير، فمهنتك أيضا وكل من يعمل بها ليس لها قيمة مجتمعية، أرايت كيف تكون النظرة الضيقة والمحدودة!!
المذيعة التي كانت سعيدة للغاية بحديثك، هي مجرد شخصية ترغب في تحقيق نجاح لبرنامجها دون أي اعتبارات أخرى، فلولا قاسم أمين الذي أهين أمامها وأهنت أمامها الكثير من النساء التي هي واحدة منهن لم تكن لتظهر على الشاشة وتعمل!
نعود لمثال "سي السيد" الذي ضربته، ففي فيلم "بين القصرين" للأديب الكبير نجيب المحفوظ -الذي ساهم بفكره مجتمعيا وليس باختراع قدمه- كان "أحمد عبد الجواد" رب الأسرة صارما مع زوجته وأولاده، وخارج المنزل رجل منحل أخلاقيا! أتريد للنساء أن تعود للعبودية في علاقات مثل تلك النوعية! وأنت بكل بساطة صرحت بأنك تقوم بمعاكسة بعض النساء ولا تتجاوز فيما هو أكثر، هل مطلوب من المرأة أن تتغاضى عن معاكساتك للنساء لأنك رجل! وما ذنب السيدات اللاتي يتعرضن للتحرش بسبب نظرتك! ألا ترى التناقض في حديثك.. ملخص القول الاحترام يولد الاحترام.
حقوق المرأة ليست سببا في فساد المجتمع أو خراب البيوت، و"سي السيد" ليس نموذجا لنجاح العلاقات.. العلاقات تُبنى بالتفاهم والحب والاحترام والمصداقية وحسن العشرة، الزواج هو علاقة بين زوج وزوجة وليس رجل وامرأة، كلما اهتميت بزرعتك -زواجك- ستثمر مع الوقت، المغالاة في كل شيء تفسده، المرأة لم تحصل على حقوقها أيها الفنان، انزل القرى وشاهد بعينك ماذا يحدث للنساء، ولا تقارن المجتمع الذي تعيش فيه بمجتمع تتعرض فيه النساء يوميا لمئات القصص المأساوية التي قد تصل للقتل، وأنت بمنطق عبثي قد تساهم في زيادة تعرض النساء للقهر والعنف، من حقك الدفاع عن احترام الرجل وليس تسييده بما يتنافى مع المنطق والعقل.