طه سرور
شهد المركز الثقافي الإيطإلى بالقاهرة، عرض المسرحية الاستعراضية”في يوم وليلة”وسط حضور جماهيري كبير.
“في يوم وليلة”عرض مسرحي راقص مستوحي من يوميات أربع سيدات في سن الثلاثينات والأربعينات، يناقشن في قالب ساخر ما يواجهن جراء التحول الإجتماعي السريع، الذي جعلهن يشعرن بثغرة زمنية وكأنهن انغلقوا داخلها مسسبة فجوة في التواصل بينهن وبين جيل ما بعد الألفينات.
وينعكس ذلك من خلال الطفرة الثقافية والمجتمعية والاقتصادية، والتطور التكنولوجي، مما فرض علىهن مواكبة ذلك والتأقلم والتكيف معه، وذلك التحدي لم يقتصرعلى ذلك، بل توجب علىهن التعرف لمصطلحات وكلمات ذلك الجيل، التي تختلف كليا عن مصطلحات جيل الثمانينات والتسعينات، من كلمات غير معتادة لهن، فحاولوا تقريب الوصال والمسافات بين الأجيال، بشكل كوميدي ساخر.
كما أنهم طرحوا فكرة المجتمع ونظرته، حول جسد المرأة في ذلك السن، خاصة الغير متزوجة أو المطلقة، وكيفية التعامل معهن ومدي الصعوبات والتحديات التي تواجهن يوميا، من طاقة وجهد مبذول للحفاظ على أبسط حقوقهن، ألا وهي مساحتهن الشخصية، وتأثير ذلك على صحتهن النفسية.
وعن فكرة التأخر في الزواج ونظرة المجتمع لهن، ومن كلمات يسمعونها مما تأذي مشاعرهن.
وبالحديث عن التجمل والجمإلىة الظاهرية، التي يضطررن إلى إخفاء التجاعيد والترهلات وعلامات تقدم السن، مما جعلهن يطرحن تساؤلا لماذا لا نتقبل أنفسنا كما هي، ونتقبل فكرة التقدم بالعمر، دون الالتفات إلى نظرات المجتمع التي تجبرنا على ذلك.
وعندما يشعرن بالفجوة الزمنية التي خلقت بين جيلي الثمانينات والتسعينات وجيل ما بعد الألفينات يلجأن إلى النستالجيا وإسترجاع زكريات الطفولة، من إجتماع العائلة، ومشاهدة المسلسلات التي تربين علىها من”المال والبنون” و”ليإلى الحلمية” و”الوسية” وغيرها من مسلسلات تلك الحقبة الزمنية.
ومن زكريات الإذاعة والأغاني التي كانوا يستمعن إلىها لفنانيهن المفضلين مثل إيهاب توفيق، وعدوية، وعلاء عبد الخالق، وغيرهم. وأيضا أغاني الإعلانات والمنتجات التي كانت موجودة في تلك الفترة مثل كيكة نايتي بالموز، وبسكويت سامبا، وبيمبو، ولبان هارتي، كل ذلك يمكنك الشعور به ورؤيته عند سماعك الموسيقي لكل إعلان أو صوت البرامج والأغاني خلال العرض لتنقلك عبر الزمان لتلك الحقبة الزمنية الأصيلة.
العرض كان متنوع مابين تعبير حركي راقص، ومابين حكي، كما لعبت الموسيقي دور فعال لتكمل التجربة، فإذا كنت من جيل الثمانينات أو التسعينات فأنت على موعد لإسترجاع أجمل ذكريات الطفولة، أما إن كنت من جيل ما بعد الألفينات فتلك فرصتك للتعرف على تلك الحقبة الزمنية والتقرب ومد الوصال بين جيلك وذلك الجيل.
وبالحديث إلى الجمهور تحدثنا إلى السيدة ”فاطمة كامل” وهي تشارف على الخمسينات من عمرها وأعربت عن سعادتها قائلة” العرض ممتاز، حسيت أنهم يعبرون بإحساسهم الداخلي،ويعبرون عما يشعرن به بصدق وهذا ما نفتقده في هذه الأيام، كما أنني شعرت أنهن يتحدثن عني وعن كل جيلي، لقد أعادوا لي ذكرياتي ".
وتحدثنا أيضا إلى إحدى الفتايات من الجمهور وهي في مقتبل العشرينات من عمرها وتدعي”ماجدة مسعود”قائلة”كانت فرصة جيدة لي للتعرف على ذلك الجيل من ذكريات ومواقف عاصروها، وأحيانا كنت أشعر أني عشتها من قبلها حيث كنت أستمع لتلك الحكايات من والدتي وأخواتها، وأكثر ما أعجبني هو تعبيرهم بالجسد لقد لمسني وشعرت بصدق مشاعرهم ".
كما صرحت ”نرمين حبيب” مخرجة العرض ومؤسس شركة إيكو للرقص المعاصر، أنها تعمدت أن تكون فكرة العرض مستوحاة من يوميات حقيقية حدثت لهن، وحاولوا أن يضعوا تلك الحكايات في قالب فني على المسرح من خلال الرقص المعاصر، وذلك كان تحدي لهن خاصة أن معظم عروضهم تكون خارج نطاق القاهرة، في محافظات الصعيد والدلتا، لأن الرقص المعاصر يعتبر مثير للجدل بعض الشيء لأنه يحكي من خلال الجسد وأحيانا يكون مجردا، ولكن حاولوا إيصال فكرتهم على المسرح بكسر الجدار الرابع بينهم وبين الجمهور بشكل غير مباشر، مما لاقي استحسان الجمهور والشعور بصدق فكرتهم.
عرض ”في يوم وليلة” بطولة شرين حجازي وميريت ميشيل ونغم صلاح ونرمين حبيب، وتإلىف موسيقي محمد بونجا، وتصميم إضاءة صابر السيد، مخرج مساعد ماريو سيحة، وكوريجرافي وإخراج نرمين حبيب.
ويذكر أن العرض تم تقديمه ضمن افتتاح فعإلىات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثانية بمركز الهناجر الفني بدار الأوبرا المصرية.