عندما غنى محمد فوزي عام 1959 من ألحانه وكلمات مرسي جميل عزيز في فيلم ليلى بنت الشاطيء أغنية (صعبان عليه) محدثا نفسه يشعر بالألم والأسى الشديد لكن ليس من غدر الحبيب ولا ظلم الزمان ويستطرد فوزي مؤكدا أن قمة مأساته من نفسه قلبه وعينيه ويستمر معاتبا ذاته شارحا معاناته.
والحقيقة أن تلك الفكرة الصراع مع النفس والخلاف معها أصعب كثيرا من الخلاف مع الآخرين، عندما تختلف مع أحدهما تستطيع البعد عنه أو معاتبته حتى تصفو النفس ومنها التراضي والتصالح، عندما تغضب من الآخر سيلاحظ الآخرين تغيرك تجاه أحدهم ومحاولة تقريب وجهات النظر وفك أوصال الخلاف وشرح الموقف، لكن عندما يكون الغضب من نفسك وخصامك مع ذاتك لن يلحظ أحد تغيرك ولن يسعى أحد لعقد جلسات الصلح بينكما، ستعاني في صمت وتتآكل في سكون، ويوم بعد يوم ستزيد من لومك لها وسيصبح حديث نفسك المردد دائما "أنا مش زعلان من حد أنا زعلان من نفسي"، نفسي التي خانتني وحنثت العهد وتملصت من الوعد، ستؤنبها مرار وتكرار وتلومها.
تخيل أن الخيانة في حد ذاتها جريمة تسبب ألم نفسي كبير، فكيف ستكون معاناتك عندما تأتي الخيانة منك إليك، تلك الجبانة الأمارة بالسوء أسقطتك معها، ليس بالضرورة أن يكون السوء هذا مخالف للشريعة أو أمر ضد الدين، ربما كان شيء تعاهدتما على ألا تفعلاه ففعلته وساقتك لحلاوته وأكدت على لذته حتى أصبحت أسير له، لا فكاك منه مهما حاولت، استمرئت التمادي وهرولت فرحا حتى أدركت فجأة أنك ضللت الطريق وألمت نفسك.
توقفت هنيهه ووجدت نفسك لائم وملام في صراع بينك وبين نفسك لا تستطيع أن تؤنبها هي فقط، ولن يريحك أن تلقي اللوم عليها، ستظل تعاني صامتا لن يعلم بصراعك أحد، محاولا التراجع لائما إياها معاتبا ربما يخفف هذا من حجم معاناتك، ولكن كلما زدت في لومها كلما أدركت أنك من أخطئت عندما استمعت لها ونسيت العهد الذي قطعته على نفسك، ستظل تردد ليتني لم أطاوعها ليتني هربت مع وسوستها الأولى
أنت ونفسك فقط تتواجهان والخاسر كلاكما.
نرشح لك: "في يوم وليلة ".. مسرحية استعرضية تناقش الفجوة بين الأجيال