تمزج بين الفن والتجربة الإنسانية.. سماح حمدي تتحدث عن "عالق" وكواليس القفص وسوق الجمعة

يقام المعرض العام المصري في دورته الـ44، حاليا، ويقدم عملية إبداعية خاصة لكل فنان مُشارك به، ويطرح تنوّعاً واسعاً في أفكار التشكيليين وخاماتهم وأساليبهم ومدارسهم.

وفي قصر الفنون (ملحق1) بدار الأوبرا المصرية، نجد العمل المركب «عالق» للفنانة سماح حمدي وهو واحد من الأعمال التي اجتذبت زوّار المعرض، فكُتب على الباب: "ادخل هنا بمفردك... الدخول هنا على مسؤوليتك".


قبل أن يشارك "عالق" في المعرض القومي ويصل إلى قصر الفنون، كان له قصة ورحلة، مركزها "سوق الجمعة" بمنطقة السيدة عائشة، حيث قررت الفنانة سماح حمدي الجلوس داخل قفص بنفس نمط الحيوانات التي يتم عرضها وبيعها بالسوق، فبدى الأمر أن هناك فتاة معروضة للبيع بسوق الجمعة، مع تباين ردود أفعال الجمهور، بين تجمهر وصدمة وتساؤولات عديدة، من الكبار والأطفال، حتى انتهى اليوم بنهاية غير متوقعة، ترى ماذا حدث بالتجربة؟

تحدث إعلام دوت كوم مع الفنانة سماح حمدي، لمعرفة تفاصيل أكثر عن فكرة العمل، وما علاقة سوق الجمعة به وكواليس التواجد هناك، وأيضا أبرز ردود الأفعال، وفيما يلي أبرز تصريحاتها:

كيف بدأت الفكرة؟ وما علاقة سوق الجمعة؟

بالنسبة لي سوق الجمعة شيء مؤذي جدا، بسبب الطريقة التي يعاملون بها الحيوانات، وذات مرة كنت هناك وشعرت أن هذا أنا، فأنا أشعر بأني محاطة بالأقفاص طوال الوقت، سواء كـ ست بالتسلط التي تعيش فيه من الناس، أو كمهندسة أعمل مع عمال رجال، وأي قفص أي شخص يحبس نفسه داخله، بالإضافة إلى أمراضنا النفسية وحياتنا ونفسياتنا المعقدة.

شعرت أني محاطة بالأقفاص طوال الوقت وعندما ذهبت لسوق الجمعة شعرت أني واحدة من هؤلاء، أنا من داخل القفص، وأعرف أن هذا ليس شعوري وحدي، بل شعور الكثير من الناس، فطوال الوقت أي شخص يمكن أن يشعر أنه محبوس في شيء، أو يعاني وينازع من شيء وليس سهلا الخروج منها.


كواليس التنفيذ

قررت تنفيذها بهذا الشكل في سوق الجمعة لأني ضد التمثيل والشيء المزيف أو الغير صادق، لأنه يكون غير مرتبط بالناس بالشكل الذي أتمناه، لكن ما يحدث في هذا النوع من المشاهد الحية والأداء الحي هو أن الناس وقفت وتفاعلت وكان لديها تساؤلات كثيرة، لأنه عندما نضع الناس في سياق مختلف يقفون لإعادة التفكير فيما يرونه أمامهم، حتى الشخص الذي أبلغ الشرطة، رغم أنه تسبب لي في ضرر ولكنه أخذ موقفا إيجابيا.

أنا ضد التمثيل لأن تأثيره محدود وهذا ليس شكل الفن الذي أقدمه، أنا أذهب للمكان الذي أريد وأكون كما أنا حقيقية دون تمثيل أو اختلاق لأي شيء.


ردود أفعال الناس

لم يكن لدي توقعات قبل النزول للسوق، وردود أفعال الناس هي من صنعت وحركت الحدث.

تفاجئت هناك أن القفص الذي أحضرته ليس سهل الفتح وهو ما خدم الموضوع، أيضا فاجئني ردود أفعال الناس حيث كانوا يدخلون لي كلاب ولا أعرف هل من النوع الأليف أم لا وأطفال، كانوا يلعبون.

كان معي أكثر من شخص ولكن يصورون من بعيد بشكل مخفي.


موقف البائعين

أكثر شيء أزعج البائعين هو تجمهر الناس حول القفص لأن ذلك أعاق عملية بيع بضاعتهم.

أحضروا مياه وبسكويت.. اتساع أفق الأطفال

كنت أتحدث في نطاقات ضيقة جدا، حيث إن الأطفال كانوا متعاملين مع الموضوع على أنه لعبة ولديهم اتساع أفق رهيب، فكانوا يحضرون لي مياه وبسكويت ويدخلون القفص لالتقاط صور معي.

سعرها كام؟ صدمة وتساؤلات

أما الكبار فكان لديهم إحساس بالصدمة سائد، ثم تساؤلات مثل: هل هي للبيع؟ سعرها كام؟ طيب هي بتعرف تعمل ايه؟ وبدأ البعض في التطوع بإعلان أسعار مثل 25 ألف جنيه، فتذمر أحدهم من ارتفاع السعر.


أما النساء، فتذمرن من التجمهر حولي، وكان ظهورهن قليل.

تفاجئت أن هناك شرطة وصلت فجأة وحاولت الحديث معهم ولكن أخبرني أحدهم بألا أخاف، واتضح أن شخصا ما قدم بلاغا وكانوا يعتقدون أني معتدى عليّ.

تفاصيل تحضير عرض "عالق" بالمعرض القومي

المشهد الأول الذي قدمته في الشارع هو فن أداء حي، وما أعمل أنا عليه هو الفاصل بين الفن والحياة، فهذا المشروع هو عمل فني وتجربة إنسانية.

الوسيط الآخر وهو تقديمه في المعرض القومي، يسمى تجهيز في الفراغ، بمعنى أنه مشروع مركب معتمد على فيديو أدائي، وحرصت على وضع ما يشبه القفص، حتى يكون الجمهور في نفس الحالة التي كنت عليها، حتى أن تلك هي القاعة الوحيدة الغير مكيفة حتى يشعر المشاهد بإحساس الزهق والضيق.




فكرة وضع مرآة مع سماع تسجيل صوتي عن عدة أشياء، بعد نهاية الغرض حتى يواجه المرء نفسه في حوار طويل مع النفس.


ردود أفعال جمهور المعرض

ردود الأفعال كانت مختلفة بين النساء والرجال، فالنساء أخذن الأمر بمنطق أنها محبوسة داخل جسدها أو تباع بالفعل بسبب بعض تقاليد الزواج.


أما ردود أفعال الرجال فكانت مركزة أكثر على أنه مشروع جريء ويطرح تساؤلات كثيرة، ونصفهم كان يحكم الجانب الفني فقط أما النصف الآخر فركز على التجربة الإنسانية.


تطوير المشروع

سأقوم بتطوير المشروع، وقد يتم تحويله إلى فيلم قصير، كنت أرغب أن من يأتي المعرض للمشاهدة، يعيش نفس الحالة التي كنت عليها أنا، فقررت بناء قفص داخل المعرض، فالجمهور وهو يشاهد، هو داخل قفص ويرى شخص آخر داخل قفص، فمن بالداخل ومن بالخارج؟، لذلك فالمعرض وسيط، وتحويله إلى فيلم فهذا وسيط آخر، ولكني أحب المواجهة الحية والمباشرة مع الناس.

أهمية انتشار هذا النوع من الفنون

أتمنى أن يعرف الناس هذا النوع من الفنون أكثر، فهو مظلوم بعض الشيء، فالأمر يحتاج إلى وجود عشرات من الفنانين لتقديمه في الشارع، مع كثرة تناول الأمر إعلاميا.

لدي أفكار أرغب في تنفيذها عن المقاومة النفسية.

وفيما يلي بعض آراء الفنانين والنقاد:

الفنان والناقد علي المريخي


الفنان حسن العدل


د. مريم حسن 


د. محمد ابو الغار


يذكر أن هذه الدورة من المعرض تشهد مشاركة 300 فنان، وتمتدّ عروض الأعمال للمرّة الأولى لتشمل 6 قاعات فنية.

ويستمرّ المعرض الذي يُعدّ حدثاً سنوياً مهماً، ويهدف إلى عرض أحدث الإبداعات الفنية للتشكيليين المصريين، حتى 31 يوليو؛ تتخلله أنشطة وندوات يتضمّنها برنامجه الثقافي.

نرشح لك: 13 إصدارا بمهرجان المسرح المصري في دورته الـ17