شريف عرفة: عملي الجديد سيكون رواية وبرنامج "دماغ شريف" محاولة لحل مشاكلنا بطريقة علمية

تعد كتب التنمية الذاتية واحدة من الأعمال الأكثر رواجا حول العالم خاصة بين شباب القراء، فضلا عن نشر العديد من النجوم صورا خلال قراءتهم هذه الأعمال، وكان من أبرزهم محمد صلاح، لاعب المنتخب المصري المحترف في فوف ليفربول، وتحاول هذه الكتابات تنمية قدرات الأفراد على التواصل مع الآخرين وتعاملهم مع المواقف والأزمات التي يتعرضون لها خلال حياتهم وكيفية تغيير أنماط التفكير في محاولة لخلق شخصية أفضل.

من بين الأسماء التي لمعت في هذا المجال خلال السنوات الماضية، الكاتب ورسام الكاريكاتير الدكتور شريف عرفة، المتخصص في علم النفس الإيجابي، والذي تصدرت العديد من أعماله قوائم الأكثر مبيعا بالمكتبات المصرية وفي العديد من الدول العربية، وكان من أبرزها "لماذا يريد الرجل وترفض المرأة؟" و"لماذا كل من حولك أغبياء؟" و"إنسان بعد التحديث" فضلا عن كتاب "السعادة الواقعية".

وخلال الأيام الماضية طرح "عرفة" عبر صفحته على فيس بوك، الحلقة الأولى من برنامجه "دماغ عرفة"، والذي أشرف على إنتاجه شركة Evolution creative studio، وإخراج أحمد السيد، ويتناول أبرز الأزمات والمخاوف الحياتية وكيفية مواجهتها والتعامل معها بأسلوب علمي.

تواصل إعلام دوت كوم مع الكاتب والدكتور شريف عرفة، للحديث عن كواليس برنامجه الجديد، وسبب انتشار كتاباته، والفرق بين علم النفس الإيجابي والتنمية البشرية، وكيف يرى انتقادات البعض لهذا النوع من الكتابات.

حدثنا عن تفاصيل برنامجك الجديد "دماغ شريف"؟

البرنامج يتناول ببساطة فكرة التعامل مع المشكلات التي يواجهها الإنسان في حياته.. فهناك صورة خاطئة عن محاضر التنمية الذاتية وكأنه "سوبر مان" لا تحدث له أي عقبات في حياته.. لذلك قررت إظهار المشكلات التي أتعرض لها بصفة شخصية.

فتناولت أول حلقة فكرة "القلق" لأنني بالفعل قلق من تقديم البرنامج، فكيف أتعامل معه؟ هنا أظهر الحلول بطريقتين اعتمادا على وجود صوتين للآراء بداخلنا، فهناك وجهات نظر متناقضة نحملها، وعلى مدار الحلقات نعرض الأمور من ذلك المنطلق، ونرى كيف أن أحد الآراء يكون هو الأكثر صحة من الرأي الآخر.

كما أبين طريقة التفكير العلمي لحل المشكلة الحياتية التي أواجهها.. وهناك حلقات تتعامل مع التساؤلات، مثل السبب وراء مشاهداتنا لأفلام رعب أو أهمية الروايات، وذلك من منظور نفسي واستنادا إلى دراسات علمية متخصصة.


لماذا اخترت هذا النوع من الكتابة تحديداً؟ وما هو الدافع وراء ذلك؟

في البداية، كنت أعمل كرسام كاريكاتير وأكتب مقالات ساخرة في مجلة "روز اليوسف" منذ أن كنت في السنة الأولى من الجامعة. كنت ممارساً محترفاً في مجال الإعلام والكتابة قبل أن أبدأ في الكتابة عن التنمية الذاتية. البداية كانت مع موقع يُدعى "بص وطل"، وهو من أوائل المواقع العربية على الإنترنت، حيث لم تكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي كما نعرفها الآن. كنت أكتب وأرسم كاريكاتير لمواضيع ساخرة، وبدأت في تلك الفترة أقرأ في موضوع التنمية البشرية، حيث كانت الكتب المتعلقة بهذا المجال جديدة ومنتشرة.

لاحظت أن هناك مشكلة لدى بعض الكُتّاب في هذا المجال، إذ أنهم لا يمتلكون الحس الصحفي. وبما أنني قادم من خلفية صحفية، فقد كنت أعلم كيفية صياغة عنوان جيد، وكتابة مقالات بأسلوب جذاب ومختصر. لاحظت أيضاً أن الكتب، سواء كانت عربية أم أجنبية، غالباً ما تكون مطولة، في حين أن الأفكار الأساسية يمكن اختصارها في صفحات قليلة.

بدأت في الكتابة عن التنمية الذاتية كقارئ مهتم، وكنت أبسط المواضيع للناس بأسلوب عامي، ضمن باب في موقع "بص وطل" بعنوان "برمج عقلك"، وكان هذا الإسم من ابتكاري. فوجئت بالإقبال الكبير على هذه المقالات، حيث أحب الناس هذا الأسلوب المبسط والواضح. بعد ذلك، جربت إقامة ندوة ولاحظت حضوراً كبيراً، مما دفعني للتركيز على هذا المجال ودراسته بشكل متخصص.

قررت ترك طب الأسنان والتخصص في إدارة الموارد البشرية، لأتمكن من التحدث من منطلق علمي وأكاديمي. دائماً كنت أحب إصلاح الأمور وتحسينها، وكان هذا الدافع وراء اهتمامي بالتنمية الذاتية. كرسم كاريكاتير، كنت ألاحظ العيوب والمشكلات وأسخر منها، ولكنني اكتشفت أن الكاريكاتير لا يقدم حلولاً، مما دفعني للكتابة في التنمية الذاتية لتقديم حلول عملية للناس.

هل كنت تتوقع في بداية كتابتك أن هذا النوع من الكتابة سيكون مفضلاً لدى عدد كبير من القراء ويحقق أعلى المبيعات؟

نعم، كنت أتوقع أن ينجح هذا الأسلوب، لأن الكتابة الساخرة أو المبسطة، والتي تتضمن رسومات كاريكاتيرية، بدون حشو أو إطالة غير ضرورية، كانت جديدة في ذلك الوقت. كانت هناك العديد من الكتب المكتوبة بشكل سيء. أول كتاب لي كان بعنوان "لماذا من حولك أغبياء"، وكان ظاهرة في ذلك الوقت. إذا سألت أي بائع كتب عن هذا الكتاب في تلك الفترة، فسيخبرك كيف كانت الأوضاع. كان من أكثر الكتب مبيعًا فعلاً، وربما هذا هو السبب الذي جعلني أستمر في هذا المجال وأصبح معروفاً فيه، بفضل هذا الكتاب الأول.

ما هو شعورك عندما تتصدر كتبك قائمة الأكثر مبيعاً؟ وهل تكتب بدافع المكسب والخسارة أم بناءً على إحساس داخلي بالحاجة إلى الكتابة؟

هناك اعتقاد بين الناس أنه عندما يتصدر كتابي قائمة الأكثر مبيعاً، أشعر بسعادة كبيرة ورضا تام. لكن الواقع مختلف تماماً، فعندما أنتهي من كتابة كتاب ويتم نشره ويصبح من الأكثر مبيعاً، أجد نفسي في حالة من التعاسة. أنا شخص معتاد على وجود هدف أمامي أسعى لتحقيقه، لذا عندما أكون مشغولاً بكتابة كتاب معين، يستهلك كل تفكيري وجهدي. ولكن بمجرد أن ينتهي هذا المشروع، أشعر بالقلق والفراغ إذا لم يكن لدي مشروع جديد أعمل عليه.

رؤية نجاح الكتاب والتفاعل الإيجابي من القراء وارتفاع مبيعاته تجلب لي سعادة بالطبع، لكن هذه السعادة تكون منقوصة لأنني أفكر دائماً في المشروع المقبل. هذا الوضع يثير قلقي، خاصة إذا لم يكن لدي مشروع جديد في الأفق.

أما بالنسبة للكتابة من منطلق المكسب والخسارة، فالأمر ليس كذلك بالنسبة لي. الكتابة ليست مصدر دخلي الأساسي، حيث أعمل على مشاريع أخرى توفر لي دخلاً أكبر. للأسف، هذا يختلف عن وضع الكتاب الأجانب الذين يمكنهم التفرغ للكتابة بفضل العائدات الكبيرة من كتبهم. كما قال الكاتب عمر طاهر في برنامجه "وصفولي الصبر"، الكاتب يكتب بدافع داخلي وليس بسبب المردود المالي. هذا المبدأ هو ما يدفعني للاستمرار في الكتابة، بغض النظر عن العوائد المالية. خصوصاً مع انتشار تزوير الكتب والنسخ غير القانونية، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر كبيرة للمؤلفين ويؤثر على دوافعهم.

برأيك.. هناك تزايدًا ملحوظًا في الانتقادات الموجهة لكتب التطوير الذاتي والتنمية البشرية مؤخرا، ما هي الأسباب وراء هذا الهجوم المتزايد؟

أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية هو التضخيم المفرط للموضوع. فمع انتشار هذا النوع من الكتب، وصل لجمهور غير مهتم بذلك الموضوع، فيلجأون للسخرية.

كما زاد عدد المدعين بالخبرة الذين يقدمون وعودًا غير واقعية، مما أدى إلى تآكل مصداقية المجال بأكمله، فأصبح من السهل على المنتقدين استهداف هذه الأفكار واستغلالها للتندر والسخرية.

أرى أيضًا أن تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية يلعب دورًا هامًا. ففي الماضي، كانت بيئة العمل والمجتمع بشكل عام أكثر استقرارًا، مما شجع على التخطيط الطويل الأجل والتطوير الذاتي. أما اليوم، فالتغيرات المتسارعة والظروف غير المتوقعة تجعل من الصعب تطبيق الكثير من المبادئ التي كانت سائدة في السابق. هذا التغير في السياق يجعل الكثيرين يشككون في فائدة أدوات التطوير الذاتي التقليدية.

وتغير الظروف الاجتماعية والحياتية وعدم تكافئ الفرص، دفعني لكتابة كتابي الأخير "السعادة الواقعية"، الذي أتحدث فيه عن أن هناك ظروف في الحياة لن تستطيع تغييرها وعليك التأقلم معها، وتتعامل مع النتائج غير المتوقعة لأجعل صحتي النفسية أفضل، ولا أخسر حماسي أو رغبتي بتحسين حياتي أو تحقيق هدف ما.


ما الفرق بين كتب التنمية الذاتية وعلم النفس وعلم النفس الإيجابي؟

نعود بالتسمية الأصلية وهي التنمية البشرية، عندما ظهر الموضوع في التسعينيات وأوائل الألفينيات، ظهرت كتابات وبعض المدربين التحفزيين يتحدثون عن كيفية تطوير الحياة، وبعض الموضوعات الأخرى التي لا يتناولها أي مسمى أدبي آخر. فاصطلح على تسميته بـ"التنمية البشرية" -على الرغم من أن التنمية البشرية مجال مختلف تماما- واتخذ الاسم شهرة إعلامية، وأصبح ذلك الاسم الدارج بين الناس.

تلك النوعية من الكتب لم تكن بالضرورة تعتمد على دراسات أو تصنيفات تتعلق بعلم النفس، فقد يندرج تحتها موضوعات تتعلق بعلم الطاقة على سبيل المثال، أو خبرات شخصية وغيرها.. فحتى الآن يستخدم المصطلح كمظلة كبرى لوصف أي كتاب يتعامل مع موضوعات تتعلق بإدارة الحياة بشكل مختلف، وليس بالضرورة أن يكون الأمر علميا.

كتب علم النفس تتعامل مع نظريات وأبحاث علمية، وبعض تلك الكتب لا تتعامل مع القارئ العادي، فقد يكون جزء منها موجها للقارئ الأكاديمي. أما عن علم النفس الإيجابي، فهو سد الفجوة بين الكتب التي تندرج تحت تصنيف "التنمية البشرية"، وبين كتب "علم النفس" المتخصصة، ليُخضع من خلاله الموضوعات التي تتناولها كتب التنمية البشرية للبحث العلمي، وأصبح لديه نظرياته وتعريفاته الخاصة. وُوجدت مدرسة وحركة علمية نابعة من علم النفس تخضع لمعايير البحث العلمي الصارمة، ليفيد القارئ في موضوعات حياتيه. إضافة إلى وجود بعض الكتب في ذلك العلم تتناول الجانب الأكاديمي.

كيف ترى مستقبل الذكاء الاصطناعي؟ وهل توقعت هذا في كتابك "إنسان بعد التحديث"؟

بالفعل تحدثت عن الذكاء الاصطناعي في كتابي "إنسان بعد التحديث"، وتناولته في فصل الأخير من الكتاب.، وأرى أن الذكاء الاصطناعي كان يشغل عقلي قبلما تصبح برامج الذكاء الاصطناعي أكثر شيوعا، لدرجة أنني أكتب رواية موضوعها مرتبط بفكرة الذكاء الاصطناعي وتفاعله مع الإنسان، ولا زلت أعمل عليها حتى الآن، رغم البدء فيها قبل ظهور "ChatGPT"، والرواية لها أبعاد نفسية وأتوقع أن تكون مختلفة في الكتابات العربية.


هل أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على مفهوم السعادة في الوقت الحالي؟

مواقع التواصل الاجتماعي لها بعدا إيجابيا، أكدته بعض الدراسات والأبحاث، في أنها ساعدت الناس على التواصل وتقصير المسافات، ونشأ من خلالها علاقات حقيقية بالفعل، وهذا عكس الفكرة المنتشرة عنها. لكنها تصبح مضرة عندما يتعلق الأمر بالمقارنات الاجتماعية خاصة على "إنستجرام" لأنه معتمد على الصورة، والصورة ليست مقياسا أو معدلا للحياة، لأنها لقطة متجمدة ومختارة بعناية، فلا تعبر عن حياة أي إنسان.. فعندما يتعاطى إنسان مع تلك الصور ويقارنها بالحياة فإنه سيحصل على صورة من الكمال، غير حقيقية أو طبيعية وكذلك لا تتواجد بالحياة.

لذلك كثرة تلك المدخلات لشخص يعاني من مشكلة في التقدير الذاتي، يمكنها أن تسبب له ألما أو إحباطا، في حين أن تلك الصور لقطات من حياة الأشخاص ولا ندري ما هي خلفية حياة هؤلاء الأشخاص. ومن ذلك المنطلق يمكن لـ"السوشيال ميديا" أن تؤثر على سعادة الإنسان.

كيف تستقر على أسماء أعمالك التي تطرحها للقراء؟

أصعب ما في الكتاب هو عنوانه، وكل كتاب له طريقة حتى أستقر على اسم له.. ورغم مواصلتي الكتابة لروايتي إلا أنني لم أستقر على اسم لها حتى الآن. مرحلة اختيار العنوان ليس لها قاعدة إطلاقا، فمثلا كتاب "لماذا من حولك أغبياء؟" راودني أثناء القيادة، وكان اسمه المبدئي "استراتيجيات التواصل الفعال" لأنه يتناول موضوعات عن التواصل. بعض عناوين الكتب يكون الاستقرار عليها سهلا والبعض الآخر عكس ذلك، وأحيانا أرسل عنوان الكتاب للناشر وقبل الطباعة نغير الاسم، وهذا الأمر حدث مع كتاب "السعادة الواقعية"، فكان عنوانه "دليل النجاة من الواقع"، وترددت منه لأنني شعرت أنه عنوان قاسِ.

ماذا عن أهمية حفلات التوقيع بالنسبة للكاتب؟

أرى أن حفلات التوقيع مهمة للكاتب أكثر من القراء، لأن القارئ في تلك اللحظة يكون قد قرأ ما يريد الكاتب أن يعبر عنه.. بينما يرغب الكاتب في رؤية مردود ما قرأه هؤلاء الأشخاص. كما أن الرؤى التي يتم طرحها حول بعض الأعمال في مواقع الكتابة الإلكترونية وجروبات القراءة ليست شرطا أن تعكس التواصل الإنساني الحقيقي، كما هو الأمر في حفلات التوقيع.

نرى بعض التعليقات منك على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم خلالها ربط قضية رأي عام بأفكار أو نظريات من كتبك أو من علم النفس.. ما الغرض من مشاركتك بتلك الطريقة؟

نادرا ما أفعل ذلك، وغرضي الوحيد من الأمر هو الشرح العلمي للموضوع أو القضية، قديما كنت أعبر عن آرائي من خلال الكاريكاتير. لا أحاول التداخل بين الآراء الشخصية وما يتعلق بموضوعات أريد توضيحها، فعند تعليقي على قضية يكون الأمر متعلقا بأنها تشرح قضية نفسية ما.. فعلت ذلك عدة مرات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكني أتجنبها في الكتب، لأن "التريندات" عابرة ولا تبقى ولا تستحق أن تتواجد في الكتب.

ما أقرب كتبك لقلبك؟ وما السبب؟

غالبا ما يكون آخر عمل قدمته هو أقرب كتاب لقلبي، ومعه كتاب "إنسان بعد التحديث" لأنه يلخص العديد من أفكاري، وكذلك كتاب "لماذا يريد الرجل وترفض المرأة" لأنني بذلت مجهودا كبيرا خلاله، ويعتبر أكثر كتبي التي أُرهقت في إعدادها لأنه كان يتناول موضوعا شائكا، واضطررت خلاله للمذاكرة لمدة 3 سنوات حتى يخرج الكتاب بشكل موثق علميا، ويسد فجوة ليست موجودة فقط في الكتابات العربية، بل والغربية أيضا، وعلم النفس الإيجابي ذاته.. فكان هناك فجوة في تلك النوعية من الكتابات عن العلاقات بين الرجل والمرأة. وأعتبر نفسي أول من تحدث في ذلك الموضوع. إضافة إلى أنه الكتاب الوحيد الذي حصلت بسببه على جائزة علمية من مؤتمر طبي.


هل يمكنك أن تعطينا وصفة مختصرة لتحقيق السعادة؟ وهل يمكننا الوصول إليها بقرار داخلي أم أنها تعتمد على الحظ والقدر؟

لكي نعلم كيف نصل للسعادة، علينا معرفة التعريف الخاص بها في علم النفس الإيجابي، تعتمد على 3 مكونات هي: تزويد المشاعر الإيجابية وتقليل المشاعر السلبية والرضا عن الحياة، هم 3 مكونات تختلف مقدارها من شخص لآخر حسب ظروفه الحياتية ووضعه الاجتماعي.. فأي لحظة تأمل واسترخاء تزيد من المشاعر الإيجابية، عندما تجد نفسك غير مقبلا على الحياة، عليك إجبار نفسك على الانخراط في الحياة حتى تقلل من مشاعرك السلبية، ولذلك لكسر العزلة التي تزيد من المشاعر السلبية. والرضا عن الحياة هو المكون المعرفي للسعادة، فالسعادة ليست مجرد مشاعر. كل عنصر من الـ3 مكونات له تدريبات عديدة لزيادة فعالياته مما يزيد من شعور الشخص بالسعادة.

ألا زلت تعمل كفنان كاريكاتير.. وما المشترك بين علم النفس الإيجابي والرسوم الكاريكاتيرية؟

نعم لا زلت أعمل كفنان كاريكاتير، وأستخدم ذلك الفن الإبداعي للتعليق على الأحداث السياسية العالمية، على عكس ما كنت أفعله في السابق من الاشتباك مع الشأن المحلي.. وقبل 15 عاما كنت واحدا من أشهر رسامي الكاريكاتير في العالم الافتراضي.. ونتيجة لظروف سفري وانقطاعي لفترة، ظهرت أجيال أخرى من المبدعين، لذلك لا يزال ذلك الفن بخير بسبب وجود الشباب المبدعين فيه.. وأشترك من خلال رسوماتي في معارض دولية.

والمشترك بين الرسوم الكاريكاتورية وعلم النفس الإيجابي، هو السعي لتغيير الوضع القائم، وذلك من منظوري الشخصي، لأن الأخير يحسن من الصحة النفسية، والكاريكاتير يسلط الضوء على المشكلات لتغييرها.

* كثيرا ما نرى محمد صلاح يقرأ كتب التنمية البشرية بشكل دائم، وما يثيره من جدل حول الكتاب الذي يقرأه؟ كيف ترى هذا الأمر؟*

شيء متوقع أن يكون التعامل مع الكتب المبسطة والخفيفة أو التحفيزية بالسخرية.. لكن ردي على من يسخرون أن تلك النوعية من الكتب ملائمة للأشخاص ممن لا يمتلكون الكثير من الوقت في حياتهم. فعلى سبيل المثال عندما يشعر شخص ما بالإحباط أو الضيق يخرج للالتقاء بصديقه، والذي يخبره بدوره بعض الجمل والكلمات التحفيزية التي ليس شرطا أن تكون نابعة من منطلق علمي، لكن الحديث معه يشعره بالراحة، ومن ذلك المنطلق بعض الكتب تشعر بعض الأشخاص بالراحة. فمثلا "صلاح" قرأ إحدى كتب د. محمد طاهر، وهو طبيب نفسي، لذلك فحديثه مبني على أساس علمي بالفعل وخبرته النفسية، إضافة إلى طريقة كتابته للكتاب التي جعلته مبسطة ويصل للجميع.

الإنسان عندما يكون ناجحا ولا يملك الوقت، أو حاجته للكتب المبسطة والخفيفة تكون مهمة جدا.. وتلك النقطة بعض الأشخاص يعيبون عليّ فيها، بأنني أبسط الأمور أكثر من اللازم.. ما أريده هو وصول الكتاب إلى القارئ بشكل سهل وبسيط، وأشعر أن تلك المسألة لا بد أن يعمل عليها الكتاب.

ما أسعى إليه في كتاباتي هو تبسيط المعلومة، وهو أمر معقد ويحتاج للمجهود، ويستغرق وقتا كبيرا.. وأشعر بسعادة عارمة عندما يتحدث قارئ عن كتاب ليّ ويصفه بأنه بسيط وانتهى منه خلال يوم من القراءة.

ما الفرق بين كتاب "محاط بالحمقى" لـ توماس إريكسون وكتابك "لماذا من حولك أغبياء"؟

جمعتني ندوة مشتركة بالكاتب توماس إريكسون مؤلف كتاب "محاط بالحمقى"، وذلك بسبب تزامن طرح الكتابين باسمين متقاربين في وقت متقارب.. فكل منا تناول الموضوع من زاوية خاصة، أنا شعرت بأنني لخصت فكرة التواصل بشكل مبسط وطريف مع رسومات كاريكتورية.. أسلوب كتابة العملين مختلف تماما وليس لهما أي علاقة ببعضهما، ويجمعهما أن الإنسان في بعض الأحيان يشعر أنه محاط ببعض الحمقى والأغبياء، فكيف يتعامل مع الأمر. والكتاب كان أول أعمالي، فكنت أعتمد فيه على مهارات التواصل.


هل هناك عمل منتظر قريبا؟

نعم، ستكون رواية.. وسأحاول الفترة المقبلة التنويع في كتاباتي ما بين كتب التنمية الذاتية والكتابات النفسية والرواية وأصناف أخرى استطيع من خلالها طرح الكثير من افكاري باشكال مختلفة وبمساحات أكبر.

نرشح لك: شريف عرفة: الكثير من كتب التنمية البشرية تعتمد على "العلوم الكاذبة"