"ليلة القتلة".. عندما يهزم الخيال الآباء!

يعاني الكثير من الأبناء من تسلط وسيطرة الآباء، ويرجع ذلك لأسباب عديدة لعل أبرزها اختلاف وجهات النظر، ووجود فروق شاسعة بينهم، تظهر نتيجة ذلك بمرور الوقت، لكن هل من الممكن أن تجعل هذه الأسباب الأبناء يفكرون في القتل؟

هذا ما ظهر جليًا في "ليلة القتلة" العرض المسرحي الذي عُرض ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ17 على مسرح الهناجر، وجاء من إخراج محمد زكي، وتأليف الكاتب الكوبي خوسيه تريانا


"ليلة القتلة".. العرض الرابع

تركز فكرة العرض المسرحي على تفكير ثلاثة أبناء في قتل والديهم، عُرضت أول معالجة عربية للمسرحية التي تعتبر من أشهر أعمال الكاتب الكوبي خوسيه تريانا، على مسرح الطليعة بالعتبة عام 1979، وعُرضت للمرة الثانية على المسرح ذاته عام 2011، وعُرضت للمرة الثالثة عام 2022، ليكون عرضها الحالي هو الرابع.

يظهر التأثير السلبي على الأبناء منذ المشهد الأول والذي يركز على الشقيق الأكبر "لالو" "إبراهيم الزيادي"، والذي كان يتحدث كأنه إله، يقدسه البشر ويصغون لحديثه، وبعدها تبدأ ظهور علامات معاناته مع الفصام، فيبدأ الأبناء الثلاثة في التفكير في طريقة لقتل آبائهم والتخلص من سيطرتهم وكيف سينفذون ذلك، مع تداخل المَشاهد يحدث تضارب لدى المُشاهد هل ما يتحدثون عنه في الحقيقة أم من وحي الخيال، هل سيقومون بذلك بالفعل أم مجرد خيال ولعبة يخضعون لها ويحاولون أن يخرجوا طاقتهم السلبية من عائلتهم فيها.


لالو يعاني من الفصام

الفصام يتم تشخصيه نفسياً على أنه اضطراب نفسي يجعل صاحبه غير قادر على تمييز الواقع، وهو ما ظهر في العرض ويؤكد لنا إبراهيم الزيادي خلال تصريحات خاصة لإعلام دوت كوم، على أنها مجرد لعبة واختلط الموضوع عند "لالو" لحقيقة مثل حدوث الفصام، ولكنها في النهاية مجرد لعبة كان يلعبها الأبناء سويًا، مشيرًا إلى أن نص "ليلة القتلة" يعتبر من النصوص الهامة فى مجال المسرح مما يحتويه من معاني ومعاناة.


وعن كواليس دوره فقال إنه في البداية قام بفهم النص فهماً تاماً بإدراك ووعي من خلال رؤية المخرج، ثم تناول الدور بما يحتويه من معاناة، مكملاً: "فهمت حالة لالو وفهمت القضية التي تؤرقه مما أثر عليه نفسيًا وعضويًا وهذا كان الأصعب في الموضوع".

محاكمة غير عادلة

يقتل "لالو" والديه ويشرح كيف فعل ذلك، حيث حفر حفرة عميقة ودفنهما فيها، ورغم محاولة شقيقتيه "كوكا" "هاجر السيد"، و"ببا" "ياسمين عمر" من التخلص من والديهما أيضاً إلا أنهما يقيمان له محاكمة، فبمساعدة العرائس المتواجدة في الغرفة ينصبان له المحاكمة ويظهر القاضي والمدعي العام.


لا يركز دور العرائس فقط على المحكمة فحسب بل يأتي دورهم بمرور العرض في أكثر من شخصية فيتذكروا حديث الآباء كأنهم بداخل عقل "لالو"، ويظهرون كأنهم جيرانهم وصحفيين ينشرون خبر الجريمة.


نرشح لك: "والعشاء على شرفك".. محاولة خاسرة للرهان على المبادئ

تناسب ديكور العرض الذي صممه "تهامي" بغرفة مبعثرة مثل شخصيات العرض المسرحي وما يحدث بداخلهم نفسيًا، بالإضافة إلى وجود عرائس ماريونت يظهرون كأنهم الأبناء في تحكم الآباء فيهم، لا سيما شكل العرائس التي كانت مخيفة كأنها تُطارد البطل طوال عرض المسرحية، بالإضافة إلى المكياج الذي نفذه "إسلام عباس" وتناسب مع الجو العام للعرض.


رغم فكرة العرض التي تركز على جريمة كاملة بالطبع الجميع ضدها، ولكن كل جاني هو ضحية في بادئ الأمر فتظهر أسباب وصول الأبناء لهذه النقطة، فلكل فعل رد فعل، ويدافع "لالو" عن نفسه في النهاية حيث اختلط الواقع بخياله، فيقول: "كانوا جميعًا ضدي يعيقون أفكاري إذا جلست على كرسي يصبح جثة أبي، وإذا تناولت كوب ماء يصبح رقبة أمي، كنت أختنق، لمن أحكي؟ ولكن كل شيء تغير مرة واحدة وجميع الأصوات تقول لي أقتل أهلك.. أقتل أهلك"!